قصة شخص اكتسب قدرات خارقة، ماذا فعل بها؟ – د. سيرغيه لازاريف

0

جاءتني امرأة ذات يوم ورجتني أن أستقبل ابنها.

  • سألتها:”ما هي مشكلاته؟”.نظرت إليّ بشكل غريب ثم قالت:” لديه مشاكل نفسية”.
    أين هو الآن؟.
  • في المصحة النفسية العسكرية. لقد اتفقت مع الأطباء وسيعطونه إذناً ليوم واحد.

ثم سألتني :” ما الذي عليه أن يفعله قبل القدوم إليك؟”.

– عندما يأتي في الغد أخبريه أن يكون في منتهى الصراحة، ولنقارن ما سوف أراه مع ما سوف يرويه.

جاء في اليوم التالي شاب متوسط القامة. دخل باستحياء إلى الغرفة وجلس أمامي على الكرسي. وجهه لا يعبر عن شيء، نظرته خامدة تماماً. يبدو أنهم كانوا يعطونه جرعات دواء كبيرة كالتي تعطى لحصان. يبدو أن العلاج لم يجدِ نفعاً لذلك توجهوا إليّ.

طلبت منه :” من فضلك اروِ لي كل شيء بالتسلسل منذ البداية. هل كان في أسرتك سحرة؟”.

نظر بغباء أمامه لمدة طويلة. ثم أضاءت نظرته قليلاً. قال وقد أعجبه السؤال :” من جهة الأب. لدى والدي طاقة قوية وإمكانات كبيرة للتنويم المغناطيسي”. ورد عندما شعر بالسؤال التالي :” لم يكن لديّ شيء من هذا القبيل. لقد كنت ولداً طبيعياً”.
ومرة أخرى تسمر بصره في نقطة واحدة.

,وتابع :”ثم أتممت الثامنة عشرة واستدعيت لخدمة العلم في الجيش السوفياتي. خدمت في افغانستان، كانت الحالة لا تطاق. وقد جربت المخدرات لأول مرة وراقني ذلك.”

ثم صمت لوقت طويل. فقلت له :” ثم بدأت تظهر عندك مشاكل نفسية ومرضت”.
أدار نظره إليّ ببطء وهز رأسه بالنفي.

  •  لا، فصحتي كانت على أفضل ما يرام وذهني صافٍ. لكن شيئاً ما حدث لوعيي، وكأنه انزاح جانباً. وتغير إحساسي بالعالم المحيط.
    استغرق في التفكير مرة أخرى. من الواضح أنه كان لديه ما يصعب الإفصاح عنه.

– كنت ذات يوم في الحراسة. كان هناك حقل بجانبي ممنوع السير فيه، ولكن كان هناك فتحة في السور كان الناس يمرون عبرها لاختصار الطريق ورأيت شخصاً يحاول القفز عن السور واجتياز الفتحة. تملكني الغيظ من هذا الشخص وأمرته في فكري :”هيا اسقط! اسقط على الشريط الشائك”. وحدث هذا كما فكرت بالضبط. ومنذ تلك اللحظة صارت أمنياتي كلها تتحقق. مثلا ً يمشي شخص أمامي يحمل في يده أوعية زجاجية، فأقول له فكرياً “اسقط”، فيسقط على الفور. وتنكسر الأوعية الزجاجية كلها. أجل، كانت رغباتي كلها تتحقق.

اكفهر وجهه واستغرق في التفكير.

– لاحقاً صار الأمر أسوأ بكثير. لاحظت أن أوامري يمكن أن تسري ليس على البشر فحسب، بل كان بإمكاني أن آمر الأشياء غير الحية والطبيعة المحيطة. كان يمكنني التحكم بالطقس وبأي أحداث تجري من حولي. ما يثير أكثر أن مواهبي لم تتناقص بل تطورت. يكفي أن أفكر فقط فيتحقق ما أريده.
سألته بفضول :” وكيف كانت حالتك النفسية؟”.

هز كتفيه :”رائعة، وصحتي كانت ممتازة، لكن شيئاً ما أخذ يحدث لي. برز لديّ إحساس بتفوق مسعور على البشر. مهما كان ما أفعله كنت أشعر أنني محق تماماً. لاحظت أنني كنت أهين الناس بشكل متزايد وكان هذا يمنحني السرور. وعندئذ قررت أن أذهب إلى الكنيسة لكي أحاول أن أوقف هذه العملية. هناك اعترفت للكاهن أن الحقد والرغبة في إهانة الناس وإخضاعهم يتزايدان في نفسي. قال الكاهن إنه سوف يتلو صلاة ويجب أن أقف إلى جانبه. في تلك اللحظة حدث أمر ما وكأنني تحطمت من الداخل. خرجت من الكنيسة بحالة مرعبة ولم أشعر أبداً بسوء حالتي كما شعرت حينها. حدث انهيار في حالتي النفسية وعدت إلى البيت. هناك لم تتحسن حالتي، وأملت أن أنام كفايتي ويزول كل شيء.

نمت الليل بهدوء نوعاً ما. ولكنني لاحظت أنني لم أتمكن من رفع رأسي عندما استيقظت. كان في رأسي ثقل وألم لا يوصفان، وأحسست بحالة من اليأس والقنوط. عندئذٍ قررت أن أصلي، ولكن، في الحال، فتحت نوافذ شقتي كلها وهبت ريح قوية. بعد عدة دقائق تلبدت السماء بالغيوم وبدأ هطول المطر غزيراً. وبعد ذلك، الرعد والبرق.

– ولم تجرب أن تصلي بعدها؟
– جربت ولكن في كل مرة كان يحدث الأمر ذاته. شعرت بعد ذلك أنني لن أقوى على تحمّل هذه الكآبة، وفهمت أن لديّ مشكلات خطيرة، ولا بد لي من العلاج.

نظرت إليه وفكرت: حتى الآن هذه النوعية من الأشخاص نادرة. ماذا سيحدث للبشرية لو بدأ أمثال هذا الشخص يتزايدون ؟

قلت للشخص الجالس أمامي: “كلنا يحلم بتطوير قدراته، ولكننا ننسى أنه لا بد لنا بالدرجة الأولى من تطوير وتنمية الحب لله ومن الاهتمام بالروح. الحب هو سائق السيارة أما القدرات فهي محركها. إذا كان المحرك قوياً جداً ولم يكن لدى السائق خبرة في القيادة، فإن فرصة النجاة تقارب الصفر. ليس لديك عملياً فرصة للبقاء حياً مع هذه القدرات، وقد أنقذك انتباهك لخطورة الموضوع وذهابك إلى الكنيسة لمحاولة أن ترى حلاً. لولا هذا لكنت لقيت حتفك فوراً.

قدراتك الآن محدودة. لا بد لك من تعلُم الحب. على والديك أن ينزعا أحقادهما التي حملاها قبل الحمل بك. على أمك أن تبذل جهداً لذلك بشكل خاص، لأنها كانت تلوم زوجها طوال مدة الحمل. لدى كل شخص طاقة في داخله، ويجب أن يذهب الجزء الأكبر منها إلى الله، أما الجزء الأصغر فيجب أن يذهب إلى القوى الجسدية والروحية. فإذا ما توقفنا عن الاهتمام بأمر النفس ونسينا أمر الحب، فسوف يحصل ازدياد كبير في الخيرات المادية والقدرات وما شابه. عندما نبتهج بالأموال المتدفقة وبالرغبات المتحققة، لا نفهم خطورة هذا على نفوسنا، وأننا ندفع ثمنها عن طريق انحطاط قوانا البدنية وكآبتنا النفسية”.

يقوي كثير من الناس قدراتهم الروحية بالإعراض عن الغرائز الجسدية بواسطة الصيام والامتناع عن الجنس والعزلة. فتنكشف لديهم قدرات خارقة ويصبحون واضحي الرؤية دون أن يفهموا أن الثروات الروحية أخطر من الثروات المادية. وبعد ذلك يبدأ القانون الإلهي بالعمل عن طريق إفناء كل ما نخضع له. فإذا ما خضعنا للقدرات الروحية تبدأ بإخضاعنا لها وتجعل منا عبيداً، ومن أجل إنقاذنا يحرمنا الله من الوعي ومن القدرات.

لم أر ذلك الشاب بعد ذلك. قال لي والداه إنه بدأ بالتحسن بعد حوارنا. آمل أن يتمكن من الصلاة بعد هذا.

اترك رد