كيف تتكون العقد النفسية عند الطفل ؟ وما هو دور الأهل في نجاح أولادهم أو فشلهم

0

العقد النفسية عند الطفل:
هناك أغنية في الفيلم الموسيقيّ ساوث باسيفيك تتحدّث عن أن الشعور بالعنصريّة لا يولد مع الأطفال. وتوضّح الأغنيّة أن العنصريّة هي أمر يُعلّم للأولاد. فهي سلوك يعكس آراء آبائهم والمجتمع الذي يعيشون فيه.

إن فكرة السلوك المتعلّم لا تنطبق فقط على مسألة العنصريّة، وإنّما أيضًا على مراحل النمو الأخرى. فالأطفال الذين يتمتّعون بصفات فريدة لا تشبه الآخرين، غالبًا ما يكونون عرضةً للسخرية. فلنأخذ مثلاً ولدٌ خجولٌ وغير إجنماعيّ.

العقد النفسية عند الطفل

قد يقوم شخص راشد قاسي القلب، أو ولد آخر، بالسخريّة من إرتباك هذا الولد، مما قد يجعله يشعر بخجل شديد. وقد يصبح هذا الشعور جزءًا من طبيعته ويرافقه طوال حياته، ويجعله يبتعد عن اللقاءات الإجتماعيّة ويحرم نفسه من التقرّب من الأصدقاء والعائلة.

pik-l

ومثال آخر، قد تقوم فتاة شابّة، تتّصف بالانفتاح وتحبّ أن تكون محطّ أنظار الجميع، بتصرّف غير لائق أمام أصدقائها وعائلتها. وفي يوم ما تطلب منها والدتها أن تتوقّف عن هذه السخافة وأن تتصرّف بنضج. إن ردّة الفعل السلبيّة هذه قد تولّد الشعور بالذنب لدى الفتاة وتجعلها تكبت حبهّا للتحرّر وتقضي حياتها معتبرة أنّه ليس بإمكانها أن تعبّر عن نفسها خوفًا من السخرية.

إن هذين المثلين ليسا سوى جزء بسيط بسيط بما يتعلّق بحجم الإساءة والقمع اللذين  يرافقان الأشخاص مدى الحياة نتيجة تعرّضهم للإنتقاد لمجرّد تصرّفهم على طبيعتهم.

ويمكن للإساءة أن تكون مؤذية على عدة أصعدة. أولًا، قد تجعل الأشخاص يشعرون بأنّهم يقومون بأمر خاطئ، أو أنّهم يعانون من مشكلة ما، حتى لمجرّد تعبيرهم عن نفسهم. ثانيًا، تجعلهم يقلقون حول نظرة الناس إليهم، مما يولّد لديهم الشعور بالحذر والخجل ويفقدهم حريّة التعبير. وقد يؤدي ذلك بدوره إلى الحدّ من حريّتهم، ويجعلهم دائمي القلق من مراقبة الناس لما يقومون به. ولا يعي الآباء دائمًا مدى تأثير كلماتهم على أولادهم.

Premium Freepik License
العقد النفسية عند المراهق

عندما يتعلّق الأمر بالمراهقين، قد تمرّ فترات شديدة الصعوبة يختبرون فيها قدرة تحمّل آبائهم. فعندما يحبط الآباء، قد يتفوّهون بأشياء لا يقصدونها. فإذا قال أحد الآباء لولده المراهق، ” بدأت أكرهك بالفعل”، أو ” لا أدري لماذا أنجبتك؟”، قد لا يقصد ما يقوله. فقد يكونون فقط قد سئموا من الجدال مع المراهق ويعانون من إرهاق نفسيّ. ولكن المراهق لا يدرك أن كلماتهم نابعة من الإحباط وقد يشعر أن والديه قد ندما فعلًا على إنجابه.

وقد يستنتج الولد أنّه شخص سيّء. كما قد يعتقد أن علي عليه أن يكون شخصاً سيئاً لكي يكرهه أهله. وقد يؤثّر هذا الأمر على شخصيته لعدّة سنوات. ويمكن لهذا النقد العابر من قبل الأهل أن يبقى أثره ملتصقًا بالأولاد كالصمغ.

كيف يمكننا أن نعالج هذه المسألة؟ في المرّة القادمة حين يريك الولد رسوماته، أو يغنّي لك أغنية في محاولة منه للفت إنتباهك، عليك أن تدرك أن ردّة فعلك مهمّة جدًّا من أجل أن يرغب الولد في الإستمرار بالقيام بهذا الجهد الإبداعيّ.

فعندما يسخر شخص راشد من ولد يرقص، قد تدفعه ردّة الفعل السلبيّة هذه أن يمتنع عن القيام بهذا النشاط، والأسوأ من ذلك قد يشعر بالإساءة وكأنّه يعاني من مشكلة ما.

لذلك من المهم جدًّا أن يدرك الآباء أن الأولاد يقومون بإكتشاف عالمهم. فبقدر ما نقوم بتشجيعهم ونغذّي فيهم شعور أن لا شيء مستحيل، بقدر ما سيتمكّنون من إكتشاف شغفهم في الحياة. وستبقى فرحتهم وأحلامهم حيّة للمستقبل. ولا أظن أننا كأهل بإمكاننا أن نصبو إلى شيء أكثر من ذلك.

موقع التربية الذكية

اترك رد