قصة رامي الذي أعطى كل شيء ليحبه رفاقه

0


قصة رامي:
غالباً ما كان يشار إلى رامي على أنه مثل أعلى لأنه كان الولد الأكثر تهذيباً في القرية.وعندما كان الأهل يمرّون أمام بيته كانوا يقولون:
«هنا يسكن رامي الصغير».وكانوا يشدّون أذن أولادهم الذين يرافقونهم مؤنّبين:

«أهله محظوظون، فهو لطيف جداً وليس مثلك!»

إليكم قصة رامي:

كان رامي قليل الكلام .. ربما لأنه كان دائماً شارداً على غيمة وتلك الغيمة تمنعه من أن يكون حاضراً في الوقت المناسب
ومن أن يقول الكلام المناسب
أحياناً كانت تلك الغيمة تتلوّن باللون الرمادي الحزين وأحياناً أخرى كان الغضب يجعلها تسوّد ،لأن رامي ما كان يعبّر عن غضبه أبداً.

كان والد رامي ووالدته يناديانه: «خروفي الصغير» ويلعبان بخصلات شعره السوداء المجعّدة. هل الغيمة الصغيرة التي تطفو في رأسه هي التي تجعله شفافاً؟

كان رامي يفعل المستحيل في المدرسة لكي يلفت انتباه رفاقه، لكن لا أحد في المدرسة كان يراه. راح يلعب بالكلة وحده في الملعب.
ويشعر أنه فعلاً خروف صغير، أبيض وضعيف، في عرين الأسود.

في أحد الأيام خطرت لرامي فكرة. أخذ ثلاث حفنات من علبة البونبون الموضوعة في الصالون ووزّعها على الفتيان الثلاثة الأكثر شعبية في الصف.
سمع رامي أحدهم يقول له: «أنت لطيف حقاً!» تبدّدت الغيمة الرمادية في الحال، كما لو أن ممحاة سحرية مرت عليها.

كسب الأصدقاء سهل جداً!

في اليوم التالي، عندما ذهب رامي إلى المدرسة رأى الفتيان الثلاثة الأكثر شعبية واقفين أمامه. ففتح رامي حقيبته وأعطاهم زاده:
سندويش صغير، لوح من الشوكولاته وحلوى بالفاكهة.
ابتلع مازن كل هذا بلمح البصر ففتح رامي مقلمته وأعطى جاد ممحاته الزهرية التي شكلها كالسيارة.

بدا الفتى الطويل راضياً لأنه ابتسم ورحل. أنت تفهم ما يجري في رأس رامي، أليس كذلك؟كان يقول لنفسه:«بما أن لا أحد يشعر بوجودي، ولا أحد يسمعني، سأقدم الهدايا. وهكذا لن ينسوني عند تأليف فريق كرة القدم، وسيدعوني الجميع إلى أعياد ميلادهم».

في اليوم التالي، استيقظ رامي في وقت أبكر من عادته ودسّ في كيسه مزلاجيه ومركبه الشراعي الصغير الأحمر. ووقف ينتظر على الرصيف المقابل لمدخل المدرسة وقلبه يقرع كالطبل.
فتح الفتيان الأقوياء الثلاثة الكيس وراحوا يطلقون صيحات خافتة كتلك التي تطلقها الحيوانات.
سأله أحدهم: «أتعطينا هذه الأشياء؟»

بالطبع، أجاب رامي الذي كان مستعداً في تلك اللحظة لأن يتخلّى عن قميصه وبنطلونه.

كم هو سهل كسب الأصدقاء!

ومرت الأيام. كانت غرفة رامي تفرغ من محتوياتها مع موجة الكرم هذه التي لم يكن شيء يقف في طريقها.
اختفت ألعابه كلها: الرجل الآلي الإلكتروني، الرجل الوطواط الذي يعمل بجهاز التحكم عن بعد، لعبة السكرابل، قصره الخشبي، البازل، لعبة التنين الذي ينفث النار.

بعد أيام قليلة، أثناء الفسحة في ملعب المدرسة، اقترب منه أحد الثلاثة الكبار بخطوات بطيئة وقال له: «رأيتك يوم السبت في الحديقة العامة. دراجتك جميلة جداً. أتعطيني إياها؟»
تردد رامي: إنها الدراجة التي حصل عليها في عيد ميلاده الخامس، وهي مزودة بسرعات خمس، وعجلات قوية تسير على كل أنواع الطرقات، ومطرة ماء مثبتة بها…
رمقه الكبير بنظرة غريبة وبصق على الأرض.
طوال النهار، كانت الغيمة الصغيرة الرمادية تتكون مجدداً في رأس رامي. طوال النهار، راح يكلّم نفسه بقسوة
كما لو أنه عدوّ نفسه اللدود، قائلاً: «أنت فاشل، يا لك من نكرة، لتخسر كل أصدقائك».

وفي اليوم التالي، أتعلم ما حصل؟ أتى رامي إلى المدرسة على دراجته، بمطرة الماء المثبتة بها تحت المقود…درّاجته التي لا عجلات صغيرة لها كدراجات الصغار. درّاجته تشبه فعلياً دراجات الكبار!
ومن بعيد رأى الفتيان الثلاثة يصفقون له.شعر أنه قد ربح السباق. وأن الرفاق يحملونه على أكتافهم كبطل، وكأنه يطفو على غيمة بيضاء.وبدا له أنه يسمع مع التصفيق أصواتاً تهتف له: «أحبك! أحبك!»

وبعد الدراجة، توالى اختفاء الأشياء من المنزل:

المسجّلة، الراديو، كمبيوتر والديه المحمول، مصباح زاوية الصالون، السيارة الصغيرة المصنوعة من الكريستال، التلفون! لم يكن رامي يستطيع التوقف عن أخذ الأشياء، لقد أصبح مدمناً على ذلك.
وعندما أصبحت غرفته فارغة تماماً، راح يبحث عن المال لشراء الهدايا. فباع البيانو، والفرشات التي ينامون عليها في البيت، والأسرّة والمطبخ بكل تجهيزاته، وحتى الستائر.
وعندما اختفى الموقد وجدران الصالون لم يعد هنالك شيء البتة في البيت، لا أثاث ولا حتى كرسي واحد…

وفي إحدى الأمسيات، عاد رامي إلى البيت فوجد أن والديه قد اختفيا أيضاً. لكن في غمرة رغبته الرهيبة بكسب الأصدقاء، لم يهتم رامي لاختفائهما.

كان يضمّ مغلفاً كبيراً إلى صدره، مغلفاً محشواً بالنقود. غداً سيتمكن أخيراً من شرائها، سيارة الفيراري الحمراء المبهرة.
وفي اليوم التالي عندما وصل الثلاثة الكبار، راحوا يفركون عيونهم. إنها هنا أمامهم، قرب الرصيف، أمام المدرسة، ها هي. سيارة الفيراري الفخمة، الملوكية،بمصابيحها الصفراء المضيئة! التهبت وجنتا رامي واحمرّ لونهما، كما لو أن لون السيارة قد صبغهما. لكن الثلاثة الكبار قفزوا إلى داخل السيارة من نوافذها، هوب! واختفوا عن العيون وضجيج السيارة الرهيب يلحق بهم من دون حتى أن يلتفتوا إليه.

عاد رامي شفّافاً كما كان في السابق، فلم يعد أحد يراه.شعر بقلبه ينتزع من مكانه.

جلس على الرصيف وراح ينتظر الثلاثة الكبار حتى حلول المساء. لا بد أن يعودوا طبعاً. يجب أن يعودوا لأخذه أو على الأقل ليقولوا له شكراً.
لكن المساء جاء من دون أن يعود أحد. عندئذٍ انفجر الغضب الأعظم.
غضب أشبه بإعصار

كان يمكن أن يهدم بيتين أو ثلاثة. ظلّ رامي يذرف دموعاً غاضبة طوال الليل. وكانت دموعه كبيرة الحجم، أكبر من دموع الحزن العادية
فإذا ببركة كبيرة تتشكّل تحته أمام الرصيف.
انحنى رامي ونظر إلى انعكاس عينيه في الماء.كانت عيناه السوداوان وشعره وشجاعته.. تشبه عيني وفروة وشجاعة أسد صغير.راح الأسد الصغير يبحث عن والديه. وعندما وجدهما قبّلهم وشرح لهما ما حدث.نظرت أمه في عينيه وقالت له:«نحن نقدّم الهدايا لمن نحبهم.. لا لنكسب صداقة أحد! وإلا فلن يقف الأمر عند حدٍّ!»

وتابعت أمه تقول:«أنت الهدية وليس أي شيء آخر! أنت قوي كأسد».
محا هذا الكلام الغيمة التي تسير فوق رأس رامي بسحر ساحر. ومنذ ذلك اليوم تعلّم رامي كيف يحترم نفسه ويحبها.
لقد تعلّم أنه هدّية للآخرين.

هل لديكم ولد قصته شبيهة ب ” قصة رامي”؟

قدمنا لكم من موقع التربية الذكية : قصة رامي الذي أعطى كل شيء ليحبه رفاقه.. بإمكان الأهل فراءة هذه القصة على أطفالهم ليعلموهم أن على الاخرين أن يحبوهم لأنفسهم وأن الحب والصداقة لا تُشترى بالمال..

اترك رد