عزيزي الرجل.. المشاركة في المهام المنزلية وتربية الأطفال لا تنتقص من رجولتك!

0

ما زالت صورة الرجل التقليدية مسيطرة في مجتمعنا الشرقي. وما زلنا كلما ذكرنا معلومات في مقالاتنا حول دور الرجل في الأسرة والتربية والأعمال المنزلية نواجه انتقادات عدة. أبرزها أننا نسعى إلى “التطبيع”، وإلى خلق نسخة عن المجتمع الغربي في مجتمعاتنا. سنشرح في هذا المقال ما الذي يجعل مشاركة الأب في المهام المنزلية وتربية الأطفال أمراً ضرورياً لحياة أسرية سعيدة. وكيف أن ذلك لا ينتقص من الرجولة بشيء. لكن عزيزي الرجل.. آن الأوان أن تعلم أن المشاركة في المهام المنزلية وتربية الأطفال لا تنتقص من رجولتك!

مفهوم الرجولة

الرجولة بمعناها الحقيقي ليست السيطرة وفرض الرأي بالقوة أو العنف كما يدّعي الكثيرون. الرجولة بمعناها العميق هي النخوة والمروءة والدعم في الظروف الصعبة والمواقف الإنسانية التي تجسّد الأخلاق السامية في أرقى صورها. لذا حين يجد الرجل زوجته متعبة فيطلب منها أن تستريح ويقوم بنشر الغسيل أو غسل الأطباق عنها، هذا لا يتنقص من الرجولة بشيء، بل يكمّلها!

نظرة الناس إلى الرجل الذي يساعد زوجته

من ناحية الرجال حين تلتزم المشاركة في الأعمال المنزلية أو تربية الأطفال، ستلقى الكثير من النقد، سيقولون إنك ضعيف الشخصية و”جبان” وربما ما هو أسوأ من ذلك. ناهيك عن الصورة النمطية للرجل الشرقي في مجتمعنا، هذه النظرة السلبية من أصدقائه وأقاربه لها تأثير كبير على سلوك الرجل. دعني أخبركَ كيف ترى النساء الرجل الذي يساعد زوجته “أرأيتِ زوج فلانة، إنه يساعدها في تنظيف المنزل، كم هو شهم، ليتَ كل الرجال يتصرّفون مثله”. “حين زرتُ فلانة، كان طفلاها يبكيان كثيراً، فأخذ زوجها الأطفال إلى الملعب ليجنبها الإحراج وكي يتسنّى لنا الحديث، يا لهذا التصرف الراقي، إنه شخصٌ محترم”. هذا هو التعريف الحقيقي لتلك التصرفات. أن تدرك أن زوجتكَ إنسانٌ مثلك تماماً، لديها مشاعر ورغبات وهوايات مثلكَ تماماً، وتحتاج إلى مساحة من الراحة والهدوء مثلكَ تماماً، وتتعب وتحزن وتحتاج إلى الدعم مثلكَ تماماً، وأن تكون مصدر الدعم والأمان لها، هي رجولة!

نظرة الأطفال إلى والدهم الذي يساعد أمه

سأتوجّه إليكَ بسؤالٍ: “حين كان والدكَ يهتم بوالدتكَ (إن كان يفعل ذلك)، كيف كنتَ تنظر إليه؟ ألم تكن تراه ذاك الشخص النبيل الحنون المخلص المتفاني؟ إلى أي حدٍ زاد ذلكَ من حبكَ واحترامكَ لأبيك حين كان يجعل أمكَ تبتسم ويساندها؟”. هكذا سينظر إليكَ أطفالكَ إن كنتَ تساعد زوجتك.
وأبعد من ذلك، سندخل في مزيدٍ من التفاصيل.
إن كان لديكَ طفل فأنتَ تمثل النسخة التي سيعتمدها في المستقبل. لذا كن مثالاً صالحاً!

وإن كان لديكَ إبنة فهناك خياران:

إما أن تحبكَ كما أنت فتمثل صورة فتى أحلامها المستقبلي، وبالتالي صورة الرجل الذي سترتبط به ابنتك في المستقبل.. (هذا ما أثبتته معظم الدراسات: الفتاة تختار نسخةً عن أبيها في نهاية المطاف). لذا هنا أيضاً كن مثالاً صالحاً! أتريد أن تتزوج ابنتكَ من رجلٍ يجلس طيلة النهار منتظراً أن تنفذ أوامره دون أن يحرَك ساكناً، أو من شخصٍ يساندها ويقدرها ويحترمها؟
الخيار الثاني هو أن تكرهك، نعم إنها الحقيقة! حين يكون الوالد ظالماً غير مراعٍ لمشاعر الأم، ستكرهه ابنته ضمنياً حتى لو لم تقل ذلك. وبما أنكَ صورة الرجل الأول الذي تعرّفت عليه طفلتك، فهي تلقائياً ستكره نموذج الرجال ككل. ولا داعي حينها لذكر المشاكل التي ستسببها لابنتك في المستقبل بسبب الصورة التي رسمتها في مخيّلتها بسببكَ عن الرجال.

بعدم مشاركة الزوجة خاصةً في التربية، أنتَ تقصي نفسكَ عن أطفالك

الأب ليس فقط هذا الشخص الذي يؤمّن المال والمصاريف لأفراد الأسرة. الأبوة لا تقتصر فقط على تأمين متطلبات الأطفال المادية. قصةٌ قبلَ النوم لن تخدش رجولتكَ إطلاقاً. أن تلعب مع إبنك كرة القدم، أن تتحدث مع أطفالكَ أثناء تناول الطعام، أن تأخذهم لشراء الأغراض من السوبرماركت، أن تساهم في تدريس أحدهم إحدى المواد.. كلها أمور ستجعلك تتقرب من أطفالكَ أكثر. فكم من أبٍ يجهل الكثير عن أطفاله على اعتبار أن تربيتهم ليست من واجباته.
أما من الناحية المعنوية، فالأب له دورٌ كبير في حياة الأطفال. لا تكن حاضراً غائباً. ثق بي، حين يرحل الآباء، تبقى كلماتهم الداعمة والذكريات التي جمعتهم بأطفالهم مصدر دعمٍ لهؤلاء الأطفال، ويخفف ذلك كثيراً من وطأة الفراق عليهم. كُن حاضراً جميلاً وذكرى أجمل في حياتهم، هم فعلاً بحاجة إليك. هي تفاصيل صغيرة، ستشكل فرقاً كبيراً.

النكد

أخيراً، ليس من اللطيف أن نرى الأم تقوم بكل المهام معاً، كأن تركض لتحضير الطعام، فينكسر زجاج، فتترك الطبخة لتركض لرفع ابنتها عن الأرض كي لا تتأذى. وتحمل المكنسة لتنظيف الأرض، فيبكي طفلها الرضيع فتترك المكنسة وتذهب لتحضير زجاجة الحليب.. والرجل مسترخٍ على الأريكة يشاهد برنامجه المفضل. والأسوأ من ذلك، إن نبست بكلمة يتهمها “بالنكد”.
عزيزي الرجل تربية الأطفال والمهام المنزلية مجالين واسعين جداً، اختر إحدى المهام أثناء قيام زوجتكَ بمهمة أخرى، وستكتشف تلقائياً أن “النكد” قد اختفى!

إذا أعجبكِ هذا المقال من موقع التربية الذكية حول دور الرجل و المشاركة في المهام المنزلية وتربية الأطفال، لا تترددي بنشره كي تعم الفائدة.

سماح خليفة

اترك رد