عندما يكثر الأهل من قول:”هل هذا واضح”؟ أي عمى عاطفي وراء العبارة

0

هل هذا واضح

  • لن تذهبي إلى السهرة. واضح؟ سيعلّمك هذا كيف تحضرين لي دفاتر علامات سيئة! ستبقين في البيت وتنظفين جميع الغرف. واضح؟
  • ولكن، ماما، لا يمكنك أن تمنعيني من الذهاب…
  • كلا، لن تخرجي، واضح؟
  • ما…
  • هل كلامي واضح؟ كلامي واضح؟»

تكرّر هذه الأم المستاءة هذه الجملة مرّتين في وجه ابنتها، وهي مراهقة في السادسة عشرة من العمر تعشق Star Academy .
لقد سمعت عدّة أحاديث من هذا النوع بين هذه الأم وابنتها، ويمكنني أن أقول لكم إنني لم أسمع أحداً في حياتي يكرّر كلمة «واضح» إلى هذا الحد. هذه العادة الكلامية شائعة جداً ولكن عندما يصل الأمر إلى هذا الحد، يصبح من المستحيل تجاهله. والمثير أكثر للدهشة هو العلاقة بين تصرّفات الأم وهذا الفيروس الكلامي. فهي لا تتمتع على ما يبدو بالكفاءة اللازمة في مهمتها التربوية ولم تعد تعرف كيف تتصرّف لتحفيز ابنتها على الدراسة.

العمى العاطفي

«هل هذا واضح؟» عبارة اصطلاحية تصبح من أعراض التشوّش الذهني، عندما تتكرّر باستمرار. تحاول الأم تلمّس طريقها في الضباب التربوي بقدر ما تسمح الرؤية. وتكرار كلمة «واضح» هو مؤشّر إلى وجود علاقة متوترة بين الأم وابنتها. فتتأرجح هذه الأم بين الاستبداد والتساهل فتمنع ابنتها حيناً عن هوايتها المفضّلة، وتقدّم لها حيناً آخر المال اللازم لمتابعة دروس في الغناء، مع أن سنتها الدراسية لم تكن جيدة إطلاقاً.

لن تأتي أي من هذه التصرّفات المتطرّفة بالنتائج المرجوّة، ولن تتحسّن النتائج المدرسية. باستخدامها لتلك العبارة الاصطلاحية، تمتنع الأم كليّاً عن إعادة النظر في تصرّفاتها. فالصيغ الكلامية من نوع «هذا بديهي» و«بالتأكيد» و«تماماً»، هي محطّات كلام لا طعم لها ولا رائحة، تعيق كافة محاولات التواصل. وهذا التلوّث الذي يلحق بخطاب الأم يؤدّي إلى «حوار طُرشان». وتبقى الصلات بين الأم وابنتها سطحية ومن دون أي مشاركة في الانفعالات والعواطف. يعود أصل مشكلة هذه الأم وابنتها إلى وجود عمى عاطفي حقيقي.

اختيار الكلمات

الأمر واضح، ولكن هل يكون واضحاً فعلاً؟ في إطار كلام مشوّش وحكم غير واضح على الأمور تصبح هذه العبارة محطّ كلام عند الأهل الذين يستمعون لأولادهم بشكل سطحي. لذلك فمن الضروري أن يتوقّفوا عن تكرار هذه الجمل («هذا واضح، «هذا بديهي»، «بالتأكيد»، «تماماً») في سياق كلامهم لكي يتمكنوا، أخيراً، من الرؤية بوضوح والعودة مجدّداً إلى الطريق المؤدّية إلى تواصل عاطفي يعزُّز الجو العائلي. احرصوا على عدم التفوّه بهذه العبارة كلّما اندفعت إلى شفاهكم، فتختفي بشكل طبيعي وتدريجي من كلامكم! فالكلمة توجّه السلوك. وبإلغاء الكلمة، نلغي تدريجياً السلوك. لا شيء أبسط من ذلك!

موقع التربية الذكية يشكر لكم متابعته

اترك رد