ما هو الفرق بين التربية المتساهلة والتربية الإيجابية ؟ (4 تطبيقات عملية من حياتنا اليومية)

0

نميل إلى الخلط بين التربية المتساهلة والتربية الإيجابية. ربما بسبب الإسم المنسوب لهذه الأخيرة. ولهذا السبب أيضاً أفضل أن أعتمد تربية بناءة خالية من الشعور بالذنب بدلاً من تربية إيجابية أو متعاطفة.

يعتقد البعض أن التربية الإيجابية هي في الواقع عكس التربية الصارمة

فما هي التربية الإيجابية، المرتكزة على التفهم والاحترام والوعي…؟

إن ممارسة التربية الإيجابية، لا تعني تجاهل مشاعر طفلنا كما يُكتب أحياناً على مواقع الإنترنت، بل على العكس تعني تقبل تلك المشاعر والترحيب بها. هي أن نعي أن الأطفال كالأهل لديهم احتياجاتهم الخاصة، هي القول لا (أو بالأحرى توقف stop!) للتصرف المرفوض مع محاولة إظهار التعاطف، هي تقبل الغضب لكن مع رفض العنف، هي استغلال كل خطأ كفرصة للتعلم. هي أن نحب طفلنا لما هو عليه لا لما يقوم به، هي أن نساعده على تطوير دوافع جوهرية تنبع من ذاته، هي دعمه في اكتساب شكل من أشكال الانضباط الذاتي، هي أن نبحث باستمرار كيف نقف في الوسط بين الحزم والتساهل. هي أن نتواصل مع طفلنا بإنسانية، هي أن نعتبره مساوياً (لا أعلى ولا أدنى منا)، هي أن ننقل له المهارات والقيم التي نعتز بها…
وهذا يا رفاقي، ليس من السهل أن يُطبَق يومياً، علينا أن نتفق على هذا!

تربية متساهلة / تربية إيجابية: أمثلة ملموسة

حضرتُ لكم بعض الأمثلة الملموسة، تتضمن لكل موقف طريقتين في التصرف: طريقة متساهلة وطريقة إيجابية. يرجى الانتباه إلى أن هذه مجرد أمثلة. فبالتأكيد ليس هناك نتيجة واحدة جيدة لأحد المواقف.

1- طفلي يحب تناول الدجاج والبطاطا المقلية فقط

التربية المتساهلة: أخاف ألا يأكل طفلي شيئاً إذا أعددتُ له طعاماً مختلفاً. فأحضر له الدجاج والبطاطا المقلية بشكل يومي تقريباً.
التريبة الإيجابية: أحاول التنويع في نظامه الغذائي مع عدم الابتعاد عما يحب. فأحضر له مثلاً أنواعاً أخرى من اللحم الأبيض، كوسى مقلية، رقائق الجزر، أو رقائق القرنبيط (الزهرة)… وبالطبع أحاول جعله يعد الطعام معي دون إجباره على ذلك… فيتضمن البرنامج: متعة، استكشاف، وتواصل.

2- طفلي يريد شراء لعبة من السوبرماركت ولكني لا أريد أن أحضرها له

التربية المتساهلة: أستسلم وأعطيه اللعبة مع أنني لا أريد القيام بالأمر، لكن ليس باليد حيلة.
التربية الإيجابية: أقترح عليه أن يصوّر اللعبة كي يريها لوالده ولوضعها على لائحة أفكار الهدايا وأستعين بمخيلتي: “تخيل معي أن تكون هذه القطة المحشوة حقيقية! ما الذي ستأكله برأيك؟ وماذا سنسميها؟ أنا إذا كان لدي سمكة في المنزل سأسميها نيمو! لقد تذكرت، بما أننا نتحدث عن السمك لقد نسيتُ شراء السلمون!”.

freepik.com
3- ابني يريد مشاهدة برنامج رسوم متحركة آخر فيما أريده أن يتوقف عن مشاهدة التلفاز

التربية المتساهلة: أطلب منه التوقف وأقول لا، فيبكي. فأتركه يشاهد برنامجاً إضافياً. ثم آخر. ثم آخر…
التربية الإيجابية: يمكنني أن أذكره باتفاقنا: ما شاهده للتو كان البرنامج الأخير. وأسأله إن كان يتذكر ما عليه فعله بعد البرنامج الأخير (إطفاء التلفاز بنفسه). إذا لم يقم بإطفاء التلفاز، أقوم بذلك بنفسي بعد أن أنذره مسبقاً. سيغضب إبني بالتأكيد ويبكي وربما أيضاً يضرب… أستقبل غضبه وانفعاله (لكن أتفادى اللكمات). أحاول أن أعانقه إن كان هذا ممكناً. أمنحه بضع دقائق كي يفرغ غضبه ومشاعره وأخبره بأنني موجودة من أجله. ثم أنتقل إلى أمرٍ آخر عبر افتراح نشاط آخر مع تقديم بعض القبل والدغدغات…

4- طفلي وقح

التربية المتساهلة: أتركه يتصرف بوقاحة، لا بأس فهو ما زال صغيراً.
التربية الإيجابية: أقدم له الأمثلة (شكراً، آسف، صباح الخير، إلى اللقاء. ما إلى ذلك…). أقدم له بدائل أو أطلب منه التفكير ببدائل. لا يريد تقبيل خالة جدته؟ لِمَ لا نلقي عليها التحية عن طريق قبضتي اليدين؟. لمِ لا يلوح بيده بدل قول كلمة صباح الخير؟ لا يقول شكراً بعد فتح الهدية؟ لم لا نفترح عليه عناقاً أو إرسال قبلة بيده.

التربية المتساهلة، باختصار

أتمنى أن أكون قد نجحتُ في توضيح الفروق بين التربية المتراخية أو المتساهلة، والتربية الإيجابية أو البناءة. في النمط الأول لا يوجد أي إطار وحدود، ولا يوجد أي محاولة لتعليم الطفل أن يتعلم. بينما التربية الإيجابية، كما ذكرتُ أعلاه، هي مزيج ذكي بين التساهل والحزم. وهذا تماماً كالسعادة: هي رحلة دائمة وليست غاية بحد ذاتها!

إذا كنتِ تشعرين أحياناً أنكِ تخلطين بين نمطي التربية في حياتك اليومية، فأنا أدعوكِ للعمل على الإطار الآمن الذي تريدين تأسيسه في منزلكِ. والأخذ بعين الاعتبار كل ما يمكن أن يبني هذا الإطار. يمكنكِ تعيين لائحة أولويات وأن تقرري أن تتساهلي بعض الشيء في الأمور المذكورة في آخر اللائحة فقط. بالتالي، سيمنحكِ ذلك توجيهاً أو رؤية للأمور التي يجب أن تبقي حازمة بشأنها، وبالمقابل تلك التي يمكنكِ التهاون بشأنها.

اترك رد