كيف تعطون الحرية لولدكم المراهق دون أن تخسروه

0

الحرية للمراهق:
إنّ مسار المراهق أشبه بالصاروخ. ولكي يقلع ويتخلّص من الجاذبيّة الموجودة على الأرض، يحتاج الصاروخ إلى سقالة نبعدها بعد أن تعمل المحركات.

إنّ ثبات وتناسق جهود الأهل أشبه باستقرار وصلابة الأرض التي يمكن أن ينطلق منها الصاروخ، تماماً كما يتوجّب على المراهق أن يقتلع نفسه بعيداً عن جاذبية الأهل قبل أن يعتمد على طرق الدفع الخاصة به للانطلاق.

يجب على المراهق أن يبلغ والديه عندما يرغب في أن ينطلق من المنزل: ساعة الخروج وساعة العودة. لكن يحق له أن يبقي خطة طيرانه سريّة… شرط أن يكون قادراً على “قيادة الآلية”.

إنّ محاولة التحكّم بتفاصيل حياته كلها والسيطرة عليها يعرّض العائلة للتمرّد والثورة عليها بالتأكيد.

تهدئة الأمور لئلا نفقد أعصابنا

المراهقة هي التعامل مع جسد يثير الخوف أحياناً ويمنح في أحيان أخرى شعوراً بالقوة الفائقة: “أنا سيد العالم”.

وفي محاولة منه لاكتشاف هذه القوة الجديدة، يسعى المراهق أحياناً إلى إقامة اتصال ذكوريّ مع والده، حتى وإن كانت لذة أن يكبر لا تخفي تماماً خوفه وقلقه في مواجهة التغيير.

وأمام هذه الطاقة الملحّة، يقضي دوركم كأهل بأن تفعلوا ما لم يصبح ولدكم المراهق قادراً على فعله بعد: أن تجدوا الكلمات المناسبة لتحل محل هذا العنف.

النقاش

تعصف رياح متعددة ومختلفة الاتجاهات في رأس المراهق فتولّد أفكاراً ورغبات فوضويّة في بعض الأحيان. ويحاول بالتالي عبر تصريحات خاطئة ومتهورة وعشوائية أن يبني منطقاً يمكن للراشدين تقبّله واقراره.

كما أنّ علاقات الصداقة أو الحب تنقطع من دون سابق إنذار، ويولد لديه شغف عابر لنشاطات يتخلى عنها بالسرعة نفسها التي أحبها بها.

يجد المراهق صعوبة في أن يكون في انسجام مع ذاته: ضعيف وحساس يريد أن يتقبّله الآخرون وأن يقدّروه كما هو أو في ما يريد إظهاره من نفسه. يخشى أن يُحكم عليه بشكل خاطئ أو أن تُكشف حقيقته أو أن يضطر لتقديم تبريرات بشأن الخيارات التي لا تزال غير واضحة بالنسبة إليه.

أحبوني لكن لا تسعوا لأن تروا أبعد مما أظهره لكم.

عليكم كأهل أن تدخلوا في نقاش حول الطريقة التي تمكّنكم معاً من تغيير الأشياء التي لا تعجبه.

تقبّلوا أن تكونوا مغفلين وسخفاء

إنّ المراهق مشتت بين خيارين. يشعر بالطمأنينة لأنّ والديه ناجحان وفي القمة ولأنهما مهّدا له طريقاً لكنه يخشى أو يرفض أن يتبع هذا الدرب المرسوم حرفياً.

فهو يرغب في أن يتبع طريقاً يمكن تحديثها، يمكن له أن يغيّر مسارها، طريق حيث يمكنه أن يتوقّف إلى جانبها وأن يفكّر وأن يختار الرجوع إلى الخلف.

يرفض المراهق مساراً موضوعاً له على سكة يجبره على أن يتبع خطوة بخطوة اتجاهاً غير ملموس وضعه آخرون له ووفقاً لما يناسبهم، حتى لو كررنا له عبارة “هذا من أجل مصلحتك”.

للتقدّم من دون التعرّض لخطر الاصطدام، وللحد من المعاناة أو العنف، يحتاج المراهق إلى طريق مع منارات تصمد رغم مرور الزمن. وفي وقت لاحق، وعلى مساره الخاص، سيضع مناراته الخاصة للجيل اللاحق.

تجنّبوا تقليد سلوكه، واتباع موضة “الاربعيني الذي يتصرّف كمراهق” فإما سيجدكم سخفاء وإما سيحاول أن يصعّد ويزايد عليكم ليجبركم على أن تلتزموا أماكنكم.

اترك رد