كيف تعلّمون طفلكم الدفاع عن نفسه؟

0

الدفاع عن نفسه:
مؤخراً بدأ ابني يعود من المدرسة وهو حزين .. عندما كنت أسأله .. ألديك مشكلة ؟ كان يرد علي :” أنا بخير” ويلوذ إلى غرفته ولكني أعرف ابني وأعرف أن لديه مشكلة ما.. فماذا أفعل.. في إحدى الليالي وفيما أنا أتحدث معه شعرت أنه يتكلم معي بحرية وفجأة سألني :” ماما.. كيف يمكن أن أصبح قوياً؟”

قوياً؟ غار قلبي.. لماذا يسألني هذا.. أهناك من يؤذيه؟ أهناك من يضربه؟ وهنا علمت ما مشكلة ابني.. إنه يشعر بأنه ضعيف لا يقوى على الدفاع عن نفسه..

أعرف أن ما يعاني منه طفلي هي مشكلتكم أيضاً ..

هل قمتِ بتعليم طفلكِ أن يفهم أن الناس حوله ليسوا جميعاً جيدين؟ عندما يكبر طفلكِ، سوف يدرك بنفسه تدريجياً أن هناك بالفعل أشخاص يحبون إيذاء الآخرين. هل قمتِ بتعليم طفلكِ أن يدافع عن نفسه حين يواجه هذا النوع من الأشخاص؟ يساعدنا محيطنا على تطوير طرق تصرّف جيدة وسيئة بشكل يومي. لهذا السبب، يجب على الطفل أن يتعلم قدر المستطاع التمييز بين الأشخاص الذين يريدون الخير له والأشخاص الذين يحاولون إيذاءه. بهذه الطريقة، سوف يتجنب جذب الأشخاص الذين يعانون من مشاكل والذين لن يقدّموا له أي أمر إيجابي.

إنتبهي جيداً! علميه الدفاع عن النفس دون استخدام العنف

غالباً ما نميل إلى الخلط بين الدفاع عن النفس والعنف، حين نقوم بتقييم ردود فعل الأطفال تجاه نقاش حاد أو نزاعات. هما مفهومان لا يشبهان بعضهما نهائياً من حيث المضمون. قد يشعر الطفل أن أحدهم يحاول الاعتداء عليه جسدياً أو لفظياً. وفي هذه الحالة لديه كامل الحق في الرد والدفاع عن نفسه وعن كرامته.

لا يمكن تبرير الوصول إلى نقطة يكون فيها العنف هو الحل الوحيد للدفاع عن النفس تحت أي ظرف من الظروف. ولكن للأسف هذا ما يحدث مع الأطفال بالفعل.

يجب أن لا ننسى أن ما يشعر به البالغون من توترات ونقاشات حادة ومعارك، يحصل أيضاً مع الأطفال. ومن الممكن أن يؤثر هذا النوع من المواقف على شخصية الطفل. العنف ليس إلا حل سريع، حل الأشخاص الذين وصلوا إلى مرحلة يأس، والذين لا يعرفون استخدام طرق أكثر فعالية.

غالباً ما نعجز عن التمييز بين الدفاع عن النفس والعنف، إلا أن هذين المفهومين مختلفان تماماً من حيث المعنى. في العنف يتم القيام بفعل يهدف إلى الإعتداء على شخص آخر، بينما يقتضي الدفاع عن النفس منع أحدهم من الاعتداء علينا.

فالعنف إذاً سلوك يهدف إلى إلحاق الأذى بالآخر، بينما الدفاع عن النفس يساهم في الحفاظ على سلامتنا دون السعي بالضرورة إلى إيذاء الشخص الآخر.

بغية منع طفلكِ من مواجهة صعوبات ولمساعدته على التواصل مع الآخرين، تذكري أن تعلميه القيم الأساسية. علميه بشكل خاص أن العنف لا ينبغي أن يتداخل مع الدفاع عن النفس.

كيف تعلّمين طفلكِ الدفاع عن نفسه؟

شجعيه على محاولة فهم دوافع الآخرين، وعلى رؤية الأمور بنوع من الموضوعية كي يتفادى التركيز على رؤية نفسه كضحية. تذكري أن هذا تمرين جيد لتعليمه التعامل مع الصراع بشكل صحيح.

دعيه يعرف أن شتائم الآخرين لا تشكل أهمية كبرى حين لا يكون لها أي أساس من الصحة. فمن المهم أن يتمتع طفلكِ بالثقة بنفسه دون أن يعير أهمية لما يقوله الآخرين عنه أو عن أفعاله.

انتبهي لئلا يظهر طفلكِ نفس السلوك المؤذي تجاه الأطفال الآخرين. فهذه ليست الطريقة التي تجعلنا ننال احترام الآخرين، وليست طريقة قادرة على جعلنا نكتسب علاقات صحية بنجاح.

دعيه يفهم بشكل واضح أن العنف ليس حلاً على الإطلاق.من الممكن توجيه الضربات بسهولة كبيرة لكن هناك نتائج. تجنبي تشجيعه على السلوك العدواني لأن ذلك لا يؤدي سوى إلى منحه قيماً غير مناسبة.

لا تشجعيه أبداً على الهرب. مع ذلك، من الأفضل تعليمه كيفية تجنب نشوب الصراع، إذا أمكن ذلك.

اسمحي له بالتعبير عن مشاعره وعواطفه دون أن يشعر أنكِ ستقومين بالحكم عليه. من المهم جداً أن تصغي إليه بانتباه، سيساعده ذلك على استرجاع هدوئه والتخلص من التوترات التي يعاني منها. بالإضافة إلى ذلك ستخلقين جواً أكبر من الثقة إذا سمحتِ له بالتعبير عن نفسه ومشاركتكِ ما يزعجه.

فعادةً ما لا نقوم بإعطاء أهمية كبيرة لما يحاول الأطفال تفسيره لنا، أو لما قد يؤثر بهم. إلا أنه علينا أن نتذكر أن المشكلة قد تكون أكبر حجماً وأكثر أهميةً بالنسبة لهم. لهذا السبب يجب أن نستمع إليهم بعناية، حتى نتمكن من أن نقدم لهم النصيحة الأفضل.

ماذا لو ظلت المشكلة؟

إذا تعلّم طفلكِ الدفاع عن نفسه، ومع ذلك استطاع أحد الأطفال التنمر عليه بالرغم من ذلك. يجب إذاً تعليمه البحث عن مساعدة شخص بالغ للتمكن من إيجاد حل للصراع وتطبيق إجراءات الردع اللازمة. لا تسمحي تحت أي حجة بأن يتعرض طفلكِ للاعتداء الجسدي.

كما عليكِ تعليم طفلكِ أن هناك الكثير مما يمكن اكتسابه وفهمه عبر التعاطف مع الآخرين واحترامهم، أكثر مما قد يفيدنا به العنف.

من ناحية أخرى، حين يستدعي الامر تدخل شخص بالغ، ستدركين أنكِ إن تعاملتِ مع الطفل المؤذي باحترام ولطف، ستنجحين في جعله يفهم السبب الذي يمنع الاستمرار بإيذاء الآخرين للشعور بالتحسن.

فبالنسبة للطفل الذي يحاول إيذاء الآخرين، مجرد معاملته بلطف ستجعله يتساءل عما يدور حوله وستساعده على وضع حد لسلوكه السلبي.

من جهة أخرى، ستكون هذه بالتأكيد إشارة مودة أولى بالنسبة له، كي يتمكن من فهم أن الأذى هو طريقة سيئة للفت الانتباه. كما أنه أيضاً إشارة واضحة إلى عدم القدرة على ضبط النفس وحتى إلى حرمان عاطفي شديد.

تعتبر فنون الدفاع عن النفس شائعة جداً، لكن تذكري جيداً أن هناك أنشطة من الممكن اعتمادها لتعليم الطفل الدفاع عن نفسه دون استخدام العنف. هي أنشطة كالكرة الطائرة والتنس وكرة القدم وما إلى ذلك.

كيف ذلك؟ يتعلم الطفل الدفاع عن نفسه عبر هذه الرياضات كونها كلها ترتكز على العديد من استراتيجيات “الهجوم” و”الدفاع” التي تساعد الأطفال على التعامل بشكل أفضل مع النزاعات.

اترك رد