طفلكِ انطوائي… ما المشكلة في ذلك؟

0

طفلكِ انطوائي… ما المشكلة في ذلك؟ قد ينتقدني الكثيرون على ما سأقوم بذكره في هذا المقال. فغالباً ما يعتبر الأهل أن الطفل الانطوائي يعاني من مشكلة كبيرة وتأتي تساؤلاتهم على هذا النحو: “لِمَ يرفض طفلي التواصل مع الناس؟ لِمَ يجلس طفلي لساعات بمفرده؟ لِمَ لا يستطيع التعبير عن نفسه بطلاقة؟”.
إليكم الإجابة. طفلكم بكل بساطة لا يحتاج إلى ذلك. هو يجد الراحة والطمأنينة والأمان والاستقرار النفسي حين يتواجد بمفرده. وهذا لن يؤثر على تطوره ونموه ولا على علاقاته الاجتماعية لاحقاً.

احترموا اختلاف طفلكم

من أين أتيتُ بهذه النظرية الغريبة؟ سأخبركم. من نفسي. لقد كنتُ اتمتع بهذه السمة في صغري. نعم سأقول “أتمتع” ولن أقول “أعاني”. لماذا؟ لأنني أعتبر القدرة على التواجد بمفردنا لفترات طويلة نعمة لا يمتلكها الجميع. كثير من الناس يهابون الوحدة. فيما يعتبرها آخرون فرصة للاختلاء بالذات والتفكير أو ربما الكتابة أو الرسم أو القراءة. ما المشكلة في ذلك؟ إن كان طفلكِ يتمتع بما يكفي من الثقة بالنفس كي يتمكن من التقدم دون الحاجة إلى الانخراط في مجموعة، عليكِ أن تفتخري به.
في صغري كنتُ أكره التواجد ضمن مجموعات. كنتُ أشعر بانزعاج كبير حين أضطر إلى التواجد بين الكثير من الأطفال والتعامل مع شخصيات مختلفة. كنتُ أشعر أنني مختلفة وما زلت. ترهقني جداً أحاديث الناس السطحية وتركيزهم على المظاهر والتفاصيل الفارغة. ما الفائدة من كل ذلك؟ لِمَ لا نستثمر وقتنا في أمور أكثر أهمية؟
كان عدد أصدقائي محدوداً جداً. صديقة أو صديقتان تكفيان. وإن لم تتواجدا لم أكن أجد مشكلة في الجلوس بمفردي في ملعب المدرسة ومراجعة دروسي أو القراءة.

AdobeStock License
لا تفرضوا على أطفالكم ما لا يشبههم

ذات يوم طلبت مني أمي أن أغسل الأطباق مع بنات الجيران وخرجت مع جارتنا. كان عمري حينها حوالي اثنتي عشر سنة. فقامت الفتيات بتشغيل الموسيقى والرقص. سخرنَ مني طبعاً. حينها جلستُ أراقبهن وأتساءل، هل المشكلة فيّ لأنني لا أستطيع أن أنسجم معهن؟ أم المشكلة فيهن؟ أزعجني هذا الشعور كثيراً. واستمريتُ في التفكير بهذا الشعور أنني غريبة عن الآخرين لأيام. وبدأت أظن أن بي خطبٌ ما.
حتى حين كنتُ أتواجد في الصف، كنتُ حينها في مدرسة مخصصة للفتيات. كنتُ أسمع أحاديثهن السخيفة عن لقاءاتهن بالشبان دون معرفة أهلهن، وألتزم الصمت. ما الداعي للكلام؟ إن عبرت عن رأيي لم يعجبهن. ولا يهمني بالأساس أن أتواصل معهن. من الغبي بنظري أن نخفي أموراً عن أهلنا. ومن الأغبى أن نهتم بلقاءات سرية بشبان في سن كهذا. لو نظر إليّ أحدهم من بعيد سيتهمني بالانطوائية والانعزال، لأنني لا أشارك فيما لا يعنيني. إن كان عدم المشاركة في أحاديث فارغة نوعاً من الإنطوائية… ما المشكلة في ذلك؟

اخلقوا لهم ما يجعلهم يرون أن العالم الخارجي يستحق

غالباً ما يعيش الشخص الانعزالي في عالمه الداخلي لأنه لا يجد ما يستحق المشاركة في الخارج. إن كان انعزال طفلكم يقلقكم. لا تلوموه بل اخلقوا له عالماً أو محيطاً يستحق المشاركة.

سماح خليفة

اترك رد