أنتم تحملون عبء تربية أهلكم على كاهلكم طوال حياتكم! فلا تنقلوها لأطفالكم

0

عبء تربية أهلكم:

أنا إنسانة لا تشعر بالهدوء أبداً ولا بالسلام الداخلي .. القلق دائماً رفيقي بسبب أو بدون سبب.. وأكثر ما يزعجني شعوري بأني إنسانة غير ذات أهمية ولعل شعوري هذا عائد إلى أنني عشت في عائلة سامة.. ففي عائلتي لا مكان للمدح بل الذم هو ما كنت أسمعه من أمي.. أنت إنسانة غير نافعة بشيء .. وأنت بدينة .. أنت سيئة.. وأما أبي فما زلت حتى الآن لا أعرف إن كان يحبني فلم يحدث قط أن ضمني إلى صدره أو عطف علي. ولا أذكر منه إلا القسوة.. مشكلتي أني تربيت في بيئة سامة ولا أريد أن أنقل إلى أطفالي سموم عائلتي التي ما تزال ندوبها بارزة في روحي وفكري ووجداني.. فكيف يمكنني ألا أنقل عبء تربية أهلي إلى أطفالي؟ هذا ما سنتعرف إليه في هذه المقالة ..

إذا كبرت في بيئة عائلية سامة، فهذا يعني أنّ الطريقة التي عشت فيها الواقع مختلفة تماماً عن الطريقة التي يراها بها أهلك. وليس من المستغرب أن يكون القلق المفرط أحد المشاكل العقلية الأكثر شيوعاً. لكن أولئك الذين نشأوا في بيئة سامة يعيشون تجربة اضطراب القلق بطريقة مختلفة تماماً.

مهما فعل هؤلاء الأشخاص لحل مشاكلهم، فستبقى آثار تربية الوالدين السامة، ولسوء الحظ، ملموسة طيلة حياتهم. في الواقع، عندما يترعرع الشخص ضمن عائلة سامّة، يمكن لهذا أن يُغيّر نظرته إلى العالم، وليس نحو الأحسن بشكل عام. إذا كبرت في محيط يسوده الخلل، فلا بد من أنك عشت لحظات صعبة.

إنّ اتخاذ قرار بأن تقطع علاقتك تماماً بوالديك أو أن تتعلّم كيف تحمي نفسك عبر وضع حدود عاطفية قوية، لهو من أصعب الأشياء التي يمكن أن تقوم بها.

الطفل الهادئ
premium freepik license
لكن هذا جزء هام للغاية من عملية بناء حياتك بشكل صحيّ وايجابي أكثر.

واهنئك إذا ما اجتزت هذه المرحلة، فأنا واثقة من أنها كانت صعبة للغاية. لكن العمل الدؤوب لا ينتهي عند هذا الحد. فعائلتك سببت أضراراً لا يمكنك اصلاحها إذا قطعت الاتصال بهم وانتقلت إلى بلد آخر بكل بساطة.

أنت تحمل هذا العبء على كاهلك، على صورة مشاكل عاطفيّة وعقليّة.

أنا لا أعني بكلامي هذا أنّ كل شخص ترعرع في بيئة مماثلة يعاني من مشاكل عقلية أو عاطفية مضنية. لكن الأبحاث أظهرت أنّ الأشخاص الذين عاشوا طفولة صعبة يعانون من نتائجها النفسيّة.

في الواقع، إنّ أولاد العائلات التي تعاني من خلل هم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل على مستوى الصحة العقلية. وهذه المشاكل تدفعهم بشكل عام إما إلى إخفاء النزاعات التي عاشوها في الطفولة داخلهم وكبتها وإما إلى إظهارها والتنفيس عنها.

إذن، إذا نشأت في بيئة تعاني من خلل وضمن عائلة سامة، فلعلك حاولت أن تكبت الكثير من الغضب أو الاستياء، لا بل الحزن.

ويمكن لهذا أن يتسبب بظهور العديد من المشاكل العقلية والعاطفية.

أن يدفعك أهلك إلى التشكيك في حب الشريك أو التساؤل عن كوب قهوة مفقود لم يكن موجوداً يوماً، هذا النوع من السلوك يمكن أن يؤدي إلى حالة من الشك في مشاعرك وأفكارك الخاصة، في كل يوم من أيام حياتك. لا وجود للكمال وحياتك لن تكون سهلة أبداً لكن الأمور تتحسن مع مرور الوقت. كل ما عليك أن تفعله هو أن تكتشف كافة الطرق التي جُرحت فيها وأن تسمح لنفسك ببدء عملية الشفاء.

في الواقع، إنّ أولاد العائلات التي تعاني من خلل هم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل على مستوى الصحة العقلية. وهذه المشاكل تدفعهم بشكل عام إما إلى إخفاء النزاعات التي عاشوها في الطفولة داخلهم وكبتها وإما إلى إظهارها والتنفيس عنها.

إذن، إذا نشأت في بيئة تعاني من خلل وضمن عائلة سامة، فلعلك حاولت أن تكبت الكثير من الغضب أو الاستياء، لا بل الحزن. ويمكن لهذا أن يتسبب بظهور العديد من المشاكل العقلية والعاطفية، كتلك التي سأذكرها ادناه. اعلم أنك لست وحيداً إن بدت لك إحدى هذه المشاكل مألوفة:

1- القلق المفرط

ليس من المستغرب أن يكون القلق المفرط أحد المشاكل العقلية الأكثر شيوعاً. لكن أولئك الذين نشأوا في بيئة سامة يعيشون تجربة اضطراب القلق بطريقة مختلفة تماماً. وقد أظهرت دراسة أجرتها إحدى الجامعات أنّ نسبة الراشدين الذين يعانون من اضطرابات القلق العامة هي “أكثر ارتفاعاً بشكل ملحوظ” بين الراشدين الذين يتحدرون من أسرٍ تعاني من الخلل.

لعل والديك منعاك من المشاركة في مناسبات اجتماعية أو من الخروج مع الأصدقاء أو لعلك لم تستطع أن تعيش الأشياء التي ينبغي أن يعيشها الولد، ما ساهم في ظهور مخاوفك في سن مبكرة.

كتبت سوزان فوروورد كتاباً بعنوان “الأهل السامون”، جاء فيه:

“غالباً ما يشعر الأولاد، الذين لا يتم تشجيعهم على البحث والمحاولة والمخاطرة، بالفشل، بأنهم عاجزون وغير مناسبين. يخضع هؤلاء لسيطرة مفرطة من أهل قلقين يخشونهم، فيصبحون في غالب الأحيان قلقين وخجولين.”

pik-l
2- التواصل والتفاعل مع الآخرين أمر صعب

إن كنت قد نشأت في عائلة سامة، فسيكون من شبه المستحيل أن تترك الآخرين يقتربون منك، سواء جسدياً عبر عناق أو عاطفياً عبر إقامة علاقة ما.

وهذا لا يعني أنك لا تريد هذا النوع من العلاقات لكن المشكلة تكمن في أنّك تخشى أن تثق بشخص ما، فهذه مخاطرة لست مستعداً لخوضها.

والأولاد الذين كبروا وهم يختبئون من أصدقائهم لأنهم يخافون أن يُظهروا للعالم الخلل البالغ في منازلهم، يتحوّلون إلى أشخاص راشدين غير قادرين على إقامة علاقات صحيّة وسليمة.

كما لم يتعلّم هؤلاء ان يتحدثوا عن مشاكلهم. وعندما ذكروا ما يواجهونه لأهاليهم، من المرجّح أنهم تعرضوا للسخرية والاستهزاء.

وينتج هذا كله عن عدم التوازن العاطفي الذي يولد في سن مبكرة لأنهم محاطون “بحب متقلّب”. وإن كان نيل رضا الأهل يفترض أن يكون تلقائياً في أحسن الأحوال، فثمة احتمالات كبيرة أن تحاول في الواقع أن تناله في كل صداقة وعلاقة.

لهذا، يجد الراشدون الذين نشأوا في أسر تعاني من خلل، صعوبة في اقامة العلاقات والحفاظ عليها، ويعانون من نقص في احترام الذات ومن عدم الثقة بالآخرين.

إنهم يخشون أن يفقدوا السيطرة ويفضّلون مشاعرهم وواقعهم.

يكبر معظم أولاد العائلات السامة وهم يشعرون بالتشوّش بشأن معنى الحب وما ينبغي أن يشعروا به. لقد فعل أهلهم الكثير من الأشياء البشعة باسم الحب. هم يعتبرون الحب شيئاً فوضوياً، مأساوياً، مربكاً ومؤلماً.

ويجبرهم هذا على أن يتخلوا عن أحلامهم ورغباتهم. وهذا ليس هدف الحب من دون شك. فالحب لا يحطمك، ولا يفقدك توازنك ولا يولّد كراهية للذات…

الحب الحقيقي يولّد شعوراً بالحرارة والدفء والرضا والأمان والاستقرار والسلام الداخلي.

3- التلاعب والاساءات النرجسية تدفعكم إلى التساؤل عما هو حقيقي

إذا كبرت في بيئة سامة، فهذا يعني أنّ الطريقة التي عشت فيها الواقع مختلفة تماماً عن الطريقة التي يراها بها أهلك.هل سبق لك أن اتُهمت بشيء لم تفعله يوماً ومن ثم عوقبت عليه، حتى وإن كان والداك يدركان أنك بريء؟ هل فقدت الاجازات العائلية رونقها وسحرها بسبب نوبات العنف والكلام القاسي؟

لقد شوّهت عائلتك واقعك ومواقفك ما يدفعك إلى عدم الايمان بمشاعرك وأفكارك الخاصة.

بلغتُ من العمر 36 سنة وما زالت أمي تلومني على أشياء لم تحصل أبداً في طفولتي.

في معظم العائلات التي تعاني من الخلل، يتعلّم الأولاد أن يشككوا في حدسهم الخاص وفي ردود أفعالهم الانفعالية.

إنه التلاعب بالمشاعر!

عندما يحاول أحدهم وبشكل واعٍ ان يُربك شخصاً آخر بغية التحكّم به. ولن أخبركم كم أنا معتادة على هذه المناورة التي لطالما استُخدمت في ماضيّ.

إن كنت من أسرة سامة، فستفهم ما أقوله بالتأكيد.

اترك رد