علموا اطفالكم التعاطف ..علموا اطفالكم ألا يكسروا بخاطر إنسان ضعيف

0

التعاطف :
لا شيء يؤلم قلبي كرؤية طفل مكسور الخاطر.

اذكر أني كنت في احد المرات في زيارة لمدرسة ابنتي.. وكان هناك فتاة يحيط بها رفاقها وهي تبكي وتقول لهم : “أنا لا أفعل لكم شيئاً.. ابتعدوا عني!”

اذكر ان ابنتي اقتربت من زميلتها وامسكتها بيدها وقالت لها: “تعالي امشي معي”.

ثم نظرت الى رفاقها وقالت لهم:”دعوها وشأنها”..

نظر رفاق ابنتي الى ابنتي بنظرة هازئة وكأنهم يقولون لها:” انت ستصبحين مثلها.. يا حرام” ولكن ابنتي لم تعبأ بهم وابعدت رفيقتها عن لؤم رفاقها الآخرين..

تأملت تلك الفتاة، التي تبدو شابة من حيث الشكل ولكن نظراتها توحي بأنها أصغر من رفاقها، المراهقين..

في المساء جلست مع ابنتي ومنظر تلك الفتاة الضحية لا يرافق تفكيري وسألتها: ما قصة تلك الفتاة؟

أجابتني ابنتي بصوت حزين:

“هذه زميلة جديدة لنا في المدرسة وهي تتصرف تصرفات طفولية جداً ولا تستوعب من الاساتذة شيئاً.. لا أدري يا امي كيف اصف لك وضعها.. إنها مختلفة..”

“مختلفة” ..فهمت ما تقصد طفلتي.. هذه الفتاة على ما يبدو لديها تأخر في النمو العقلي .. اي أن عمرها الجسدي أكبر من عمرها العقلي.. لذا تبدو تصرفاتها طفولية واصغر من عمرها ..

اكملت ابنتي قائلة: “أحاول أحياناً ان أبعدها عن زملائي في الصف.. وأدعها تتمشى معي ومع زميلتي مريم ولكن مريم تخجل بها وتقول لي لا تدعيها تمشي معنا.. ولكني اشفق عليها وارفض طلب مريم واصر على أن ترافقنا. والمشكلة يا امي ان الاساتذة يستهزئون بها ويضحكون عليها..”

هنا استوقفني ما تقوله ابنتي .. الواضح أن هذه الفتاة وضعت في مكان ليس لها. وضعت في مدرسة عادية فيما يجب وضعها في مدرسة للاحتباجات الخاصة ولكن هل هذا مبرر ليتنمر الناس على امثال هذه الفتيات..

لماذا يقسو المجتمع على ” المختلفين منا”؟ لماذا يستقوي دائماً القوي على الضعيف؟

هل نحن بشر ام بهائم؟

واستوقفني اكثر ان صفاً يحتوي على ما يقارب الثلاثين تلميذا لم ينتصر منهم لهذه الطفلة المظلومة إلا تلميذة واحدة هي ابنتي.. هل هذا شيء طبيعي؟ هل من الطبيعي أن بستقوي الكل تقريباً على ضعيفة؟ يا ترى اين المبادئ التي يزرعها الاهل في أطفالهم؟ هل المشكلة في هؤلاء الأولاد ام في أهلهم؟

هل من العدالة ان يتغلب الظلم على نصرة انسان ضعيف..

ما رأيته ظاهرة خطرة.. اي مجتمع سيكون عليه مجتمعنا إن لم نعلم اطفالنا التعاطف مع الآخرين ونصرة المظلوم.. أي خاتمة ستكون لمجتمعنا وقيمه ؟

إصلاح المجتمعات يبدأ بإصلاح الذات .. لو عمل الناس على تحسين انفسهم لظهرت نتائج هذه التحسينات على اطفالهم مباشرة. يعني عندما يتعاطف الكبار مع شخص مختلف وينصرونه سيتعلم أطفالهم نصرة المظلوم والتعاطف مع الآخرين.. لو امتنع الكبار عن استضعاف الضعيف سيتعلم اطفالنا ألا يستضعفوا احداً من الناس..

التغيير يبدأ بالكبار لينتقل بالمحاكاة الى الصغار.

ما اصعب ان نغير انفسنا ولكن علينا ان نسعى الى تغييرها ليس حباً بأنفسنا بل حباً بأطفالنا . علينا ان نغير انفسنا ليس من اجلنا بل من أجل أطفالنا ومن اجل سعادتهم وهنائهم النفسي..

آمال الأتات

اترك رد