قصة الطفل الذي يعيش في عالم افتراضي

0

عالم افتراضي:
ذات يوم دخلت مطعماً وكنتُ أشعر بجوع شديد. لذلك اخترتُ طاولة غير ظاهرة كي أتمكن من البقاء وحدي والتفكير في عملي.

طلبتُ سمك السلمون مع سلطة وبعض الماء محاولاً الحفاظ على نظامي الغذائي. في انتظار طلبي، بدأتُ العمل على حاسوبي وأثناء ذلك فاجأني صوت طفلٍ صغير.
  • سيدي، هلا تعطيني فلساً صغيراً…
  • لا أملك المال صغيري…
  • لكنني أريد فقط فلسا صغيراً كي أتمكن من شراء قطعة خبز صغيرة.
    كان صندوق الأيميلات الخاص بي مكتظاً بالرسائل الإلتكرونية مع موسيقى جميلة تجعلني أحلم بلندن.
  • سيدي، أرجوك اطلب منهم إضافة الزبدة والجبن إلى طرف خبزي.
    أدركتُ أن الطفل ما زال بالقرب مني.
  • حسناً، بعد ذلك أتركني في شأني، لدي الكثير من العمل.
    وصل طبقي وطلبتُ من النادل إحضار شطيرة جبن للطفل. فسألني النادل على الفور إن كنتُ أريده أن يخرج الطفل من المطعم.
    فرض عليّ ضميري العكس، وانتهيتُ بالرد:
  • اتركه هنا وأحضر له شيئاً جيداً ليأكله.
    فجلس الطفل أمامي وسألني
  • ماذا تفعل يا سيدي؟
  • أقرأ رسائل البريد الإلكتروني الخاص بي.
  • ما هي رسائل البريد الإلكتروني؟
  • إنها رسائل يتم إرسالها لنا من قبل شخص عبر الإنترنت.
    عرفتُ أنه لم يفهم شيئاً ولتجنب سؤال آخر قلتُ له:
  • إنها مثل الرسالة، لكن يتم إرسالها عبر الإنترنت.
  • هل لديكَ إنترنت يا سيدي.
  • نعم، إنه مهم جداً في عالمنا اليوم.
  • وما هو الإنترنت؟
  • إنه مكان في الحاسوب نستمع عبره إلى الموسيقى، ونجري أبحاثاً، ونتعلم كيف نعمل، نتواصل، والكثير من الأمور الأخرى ولكن في عالم افتراضي.
  • ما هو العالم الافتراضي؟
    قررتُ أن أجيبه لأنني عرفتُ أنه لا يفهم، وكي يتركني أنهي تناول طعامي بسلام.
  • افتراضي، هو شيء نتخيله، شيء لا يمكننا لمسه، هو مكان نخلقه وفقاً لتخيلاتنا. ونحول العالم إلى ما نحلم به.
  • رائع… أنا أيضاً أريد أن أقوم بهذا!!!
  • هل فهمت يا صغيري؟؟؟
  • نعم سيدي، فأنا أيضاً أعيش في هذا العالم الافتراضي.
  • ماذا؟ هل لديكَ حاسوب؟
  • كلا، لكن عالمي أيضًا مثل العالم الافتراضي. أمي تقضي النهار في المدينة، تصل في وقت متأخر من الليل وغالباً ما لا أراها. بينما أقوم أنا بالاعتناء بأخي الصغير الذي يبكي دائماً، فهو جائع وأنا أعطيه الماء حتى يظن أنه شوربة.

تخرج أختي الكبيرة طوال اليوم لتخبرني أنها ستبيع جسدها، لكنني لا أفهم ما تقصده… فهي في المساء تعود بجسدها… ووالدي في السجن لفترة طويلة من الزمن. وأتخيل أن العائلة مجتمعة في المنزل مع الكثير من طعام وألعاب عيد الميلاد وأنني أدرس لأصبح طبيباً رائعاً ذات يوم. أليس هذا افتراضي يا سيدي؟؟

أطفاتُ حاسوبي قبل أن تتساقط دموعي على لوحة المفاتيح.

انتظرتُ حتى ينتهي الطفل من تناول الطعام، دفعتُ ثمن الطعام وتركتُ الباقي للطفل الصغير. فكافأني بابتسامة جميلة جداً وقال “شكراً سيدي، أنت رائع.”
في هذا المكان تم تجسيد العالم الافتراضي غير الواقعي الذي نعيشه كل يوم محاطين بواقع قاسٍ وظالم غالباً ما نتظاهر بعدم رؤيته,,,

اترك رد