فلنحرّر الوحوش والساحرات ليتحرر أطفالنا من مخاوفهم

0

فلنحرّر الوحوش والساحرات!

لنتكلّم عن قصص الهلع والخوف والقلق، القصص السوداء والرمادية، الحزينة في بعض الأحيان، تلك التي يولع بها الأولاد. فهم متعطشّون إلى الحرّية ويودّون التعرّف على جميع ألوان قوس قُزح، وعلى اللون الزهري والأصفر والأزرق وكذلك البنفسجي والأسود.

نعلم تماماً عدم جدوى إعطاء الساحرات والشخصيّات المخيفة صبغة شيطانيّة ومحرّمة. الصغار يحبّون الديناصور ذي الأسنان الطويلة والوحش ذو النظرة الحادة القاسية وزوجة الأب النحيلة البشعة والغول المخيف. فكلّها ترسم وجهاً واضحاً عن القلق الذي يغمر الأولاد في بحر من الغموض. إن وحشاً لم يوصف بوضوح قد يرعبهم أما الوحش الحقيقي الهائل، الشرّير والموشوم، فلا يخيفهم بل يساعدهم على التعبير عن القلق الكامن في باطنهم دون أن يرافق ذلك شعور بالذنب.

فليحيى الأشرار! بفضلهم لا يتحوّل خوف الأولاد (والذي هو إحساس طبيعي) إلى قلق. لذا، فالحكاية الحزينة أو المخيفة لا تشكّل وسيلة ممتازة لطرح المواضيع مع الأولاد فحسب، إنّما هي أيضاً وسيلة ناجحة لنطمئنهم.

وهي طريقة فعّالة، أفضل من أن نحدّثهم على الشكل التالي مثلاً: «ولكن، عزيزي، لا تقلق فكل شيء سيكون على ما يرام. بالطبع إن الطلاق لن يحصل بيننا …»

Premium Freepik License
قول الحقيقة بشأن الموت

في كتابها «إنّ الكتب مفيدة للأطفال»، تحكي المحلّلة النفسية «ماري بونافي» (Marie Bonnafé) حكاية فتاة صغيرة أُخفيت عنها، عمداً، حقيقة ما هو الموت وحُرمت من الألعاب التي يشتهيها الأولاد من نوع «پان، أنت ميت!».

نتيجة لذلك، لدى دخولها المدرسة، في صف الحضانة، راح أترابها الصغار يستمتعون، مع شيء من الاحتيال، بتلقينها كلمات جديدة مثل: «القتل»، «الموت» وغيرها.

وبالطبع فقد تلقّت الطفلة المسكينة هذا بقلق عظيم، مما يدلّ على أن إخفاء الحقيقة قتّال…

إن الولد قابل للعطب وهو يشعر بذلك. ماذا قد يحصل لو أن أحد والديه لم يعد هنا ليحميه؟ كيف سيعيش بعد ذلك؟ بمن يستطيع أن يضع ثقته فيما بعد؟ هذا هو نوع الأسئلة المطروحة والمحلولة في قصص الجنّ.

ماذا نهدف من وراء حكاية الساحرة الحزينة لفراق والديها أو حكاية الغيمة الخائفة أو حكاية موت الجد ـ الفأر؟ إننا، بهذه الحكايات، لا نخلق القلق بل نحرّره، وبالتالي نعزّز لدى الطفل الشعور بالثقة. هو ليس وحيداً ضائعاً في الغابة، لديه بعض الحجارة الصغيرة في جيبه، يرميها ويرسم بها معالم طريق العودة!

اترك رد