نصائح ذهبية من علم النفس للطفل الذي يعاني من صعوبة في تكوين صداقات ومن الوحدة والانعزال

0

تكوين صداقات :
هل ابنتكم/ابنكم من النوع الذي يميل إلى الوحدة والانعزال ويعاني من صعوبة في تكوين صداقات؟ ما هي الأسباب؟ وكيف تساعدون طفلكم، خاصة إذا كان قد انتقل إلى مدرسة جديدة أو بدأ بنشاط جديد؟ علم النفس يجيب عن هذه الأسئلة.

كما هو الحال عند كل تغيير في النشاطات (خارج أو داخل المدرسة)، يعاني طفلكم من صعوبة في التأقلم والانخراط وفي تكوين صداقات جديدة. بصفتكم أمهات أو آباء تبدأون بالتساؤل: هل يعود السبب إلى أننا نسينا شيئاً ما في تطوير مهاراته الاجتماعية، أم أن طفلنا من النوع الذي يميل إلى الوحدة والانعزال ؟

إليكم بعض التفسيرات.

تحذر عالمة النفس كاثرين بييرات قائلةً “أياً كان عمر طفلكم، فإن الانخراط في تفاعل جسدي أو عاطفي مع زملائه أو بمعنى آخر “تكوين صداقات” هو مرحلة من مراحل النمو لديه”. ومن ثم تضيف قائلةً “ففيما أن معظم الصغار يقيمون علاقات مع الآخرين بسهولة وبشكل طبيعي، هناك بعض الأطفال الذين لا يشعرون بالحاجة إلى ذلك، ويبقون بدلاً من ذلك على علاقة بصديق أو صديقين فقط، أو يفضلون البقاء بمفردهم”.

في الواقع، بعض الأطفال ليسوا بطبيعتهم اجتماعيين، وقد يعود ذلك إلى العديد من الأسباب. الخجل أو عدم التجرؤ على الاقتراب من الآخرين، حتى لو أردنا ذلك. والبعض الآخر هم انتقائيون جداً، ويضعون أنظارهم على صديق واحد أو صديقة واحدة، فيما البعض يمتلكون حياة “داخلية” غنية جداً، ويتميّزون وينجحون في الأنشطة الفردية.

تكوين صداقات
premium freepik license
الوحدة: هل تتعلق بالشخصية أو بطريقة التربية؟

بالنسبة للمعالجة النفسية، هناك في الواقع كما دائماً، علاقة بين ما هو فطري وما هو مكتسب.

“في الحقيقة، من الواضح أن بعض الأطفال هم بطبيعتهم اجتماعيون بطبيعتهم أكثر من غيرهم. إنها شخصيتهم الأساسية التي غالباً ما ترتبط بشخصية أحد أفراد الأهل أو الأجداد.عند الاستشارة بشأن هذا النوع من المشاكل، أسمع أحد الوالدين يقول “أنا أيضاً كنتُ وحيداً في المدرسة” أو “كنتُ أجد صعوبة في تكوين صداقات”. بالإضافة إلى ذلك، فإن قيام هذا الأب أو هذه الأم بالتحدث عما مرا به من صعوبات فيما يتعلق بتكوين العلاقات والصداقات، غالباً ما يحرر الطفل وقدرته على التكلم في مواجهة هذا الوضع.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الطفل الذي ينشأ في أسرة لا يخرج فيها الأفراد من المنزل كثيراً أو نادراً ما يخرجون، ولا بيستقبلون أصدقاء في المنزل… لا يحصل على فرصة التعرف على ما يمكن أن تجلبه الصداقات، ولا على كيفية تأسيسها أو التعامل معها. فالشاب الذي يميل بطبيعته إلى الوحدة والانعزال، ستتعزز هذه السمة في شخصيته من خلال ما سيعيشه.

وخلافاً لذلك، سيتمكن الطفل غير الاجتماعي الذي ينشأ في أسرة نشطة جداً اجتماعياً وتقوم بالعديد من التفاعلات الاجتماعية والصداقات، من ان يتعرف وبطوّر ويتعلم تقبل العلاقات الاجتماعية”.

ملاحظة: من الممكن أن تختلف سمة “الوحدة” هذه وفقاً لعمر طفلك.

طفلي يبقى وحيداً في المدرسة. هل هناك داعٍ للقلق ؟

قبل المرحلة الدراسية المتوسطة، غالباً ما تتم التفاعلات “في تكوين الصداقات” من خلال الألعاب والأنشطة الجماعية.

ترتبط العلاقات مع الآخرين بقدرة الطفل على احترام قواعد اللعبة، والمشاركة بشكلٍ نشط في المجموعة… لا وفقاً لذوقه، ومراكز الاهتمام، وشخصيته الفردية.

في هذا العمر، غالباً ما يكون الطفل متردداً وخجولاً. يجد صعوبةً في التقرب من الآخرين، ويخاف من ردات فعلهم وتصرفاتهم.

وفقاً لعالمة النفس ” لا داعي للقلق؛ كل ما عليكم فعله هو مرافقته بلطف ودعمه للتواصل مع الآخرين وطمأنته”.

تكوين صداقات
premium freepik license
طفلي وحيد في سن المراهقة – المرحلة الدراسية المتوسطة

بدءاً من المرحلة المتوسطة، تتطور شخصية الطفل والقدرات اللفظية لديه. يتم اختيار الأصدقاء أكثر فأكثر وفقاً للخصائص المختلفة التي تجذب طفلاً إلى آخر: الرياضة، الشغف العاطفة، والوضع العائلي، وما إلى ذلك.

يلاحظ المراهقون ويقيمون الأمور ويحكمون على بعضهم البعض بناءً على معاييرهم الخاصة التي تنطلق من الأذواق أو الاهتمامات أو الخبرات التي يتشاركونها (انطلاقاً من الملابس وصولاً إلى الوضع العائلي وما إلى ذلك). ونلاحظ أن الصداقات في هذا السن تُبنى على هذه الأذواق المشتركة.

تشير كاترين بييرات إلى أنه “قد يقلقكم وضع ولدكم الكبير الذي ما زال وحيداً حتى هذه المرحلة من حياته، لكن إن كان طفلكم منذ البداية انعزالياً متحفظاً وإن لم يكن هذا الوضع يسبب له معاناة، من الأفضل أن تترك شخصيته تتطور عبر الانشطة، دون إجباره على تكوين صداقات بأي ثمن. ومن ناحية اخرى، إذا كان هناك علامات معاناة تظهر على طفلكم المراهق بسبب الوحدة، وخاصةً إن كان شخصاً اجتماعياً في بداية حياته، في هذه الحالة يجب أن تقلقوا”.

أما عن السبب: فمن الممكن أن تعود هذه الوحدة “التي حصلت حديثاً” إلى أسباب مختلفة: قد يكون طفلكم ضحية للمضايقات، لتنمر أو ابتزاز ورفض من المجموعة … أو ربما أنه تشبّع بعد التنشئة الاجتماعية المفرطة في طفولته المبكرة ويحتاج إلى الحد من علاقاته بالأصدقاء.

قد يعاني طفلكم الكبير أيضاً من مشاكل في العلاقة، وبالتالي يجب استشارة أخصائي في هذه الحالة.

الوحدة تسبب المعاناة لطفلي: كيف أساعده؟

إذا كان ذلك يحدث في المدرسة، أول ما عليكم فعله هو الالتقاء بالفريق التعليمي لمحاولة فهم ما إذا كان طفلكم يعاني من مشكلة معينة في الصف أو في المدرسة. إن اتضح أن طفلكم ضحية التنمر في المدرسة، يجب أن يبدأ الفريق التعليمي بمعالجة الأمر على الفور (المعلم، المدير، الممرضة، المعالج النفسي في المدرسة) وسيجتاج طفلكم حينها إلى كل دعمكم.

إذا كانت هذه الصعوبة ترتبط بمزاجه، فمن الممكن مساعدته عبر تطبيق بعض النصائح التي تدعمه في اكتساب المهارات الاجتماعية، التي بدورها تزيد تقديره لذاته، كما أنها تساعد على التقليل من سلوكه العدواني وتأمين تواصل أفضل مع الآخرين، كما أن نتائجه ستتحسن من الناحية الأكاديمية والتطور النفسي والاجتماعي والعاطفي بشكل متناغم.

طفلي يبقى وحيداً : نصائح ذهبية من عالمة نفس

تمارين عملية لمساعدة طفلكم كي يصبح اجتماعياً أكثر

تقدم لنا العالمة النفسية كاثرين بييرات نصائحها لجعل طفلكم الصغير أو الكبير اجتماعياً أكثر:

  • قوموا بدعوة أصدقائه إلى المنزل (إبدأوا بدعوة صديق واحد، ثم صديقين، ثم المزيد من الأصدقاء) ولا تتدخلوا في نزاعاتهم وجدالاتهم الصغيرة؛
  • اسمحوا له بزيارة أصدقائه إذا كان يرغب بذلك؛
  • تجنبوا إعداد أنشطة “تنافسية” بل اعرضوا عليه أنشطة “تحتاج إلى تعاون”.
  • اخلقوا روابط مع الآخرين عبر نقاط الاهتمام المشتركة وتفاصيل الملابس (ارتداء ملابس من نفس العلامة التجارية التي يرتديها زملاؤه، أو امتلاك أحدث شنطة أقلام كباقي زملائه، هي أمور ستساعد الطفل على الاندماج ضمن المجموعة). قد تبدو لكم هذه الأمور تفاصيل تافهة وغير مجدية، إلا أنها مهمة في العلاقات بين الأطفال؛
  • اقترحوا عليه العديد من الأنشطة كي يلتقي بأطفال مختلفين عن أولئك المتواجدين معه في المدرسة؛
  • علموه التعامل مع مشاعره ومهاراته الاجتماعية؛
تنمية اهتمامه بالآخرين، التعبير عن أنفسهم والتحكم بعواطفهم

تؤكد عالمة النفس على أن “الأبحاث قد أظهرت أن هناك 3 مهارات ضرورية لإقامة علاقات ودية وتأسيس علاقات صداقة: الاهتمام بالآخرين والتعاطف معهم/التعبير اللفظي/التحكم بالعواطف”.

كذلك من الضروري التدرب على فهم الآخر واكتشاف ما يكمن في مشاعر الآخرين. ففي الواقع، نعلم اليوم أن التعاطف ليس بالضرورة مهارة يتم اكتسابها بشكل تلقائي، إنما من الممكن تعلمها وتحسينها:

هناك تمارين كمراقبة تعابير الوجه ووضعية الجسم ونبرة الصوت أثناء الكلام، إلى آخره. ، ما يشعر به الآخر يتيح للطفل التأقلم بشكل أفضل مع الشخص الذي يتواجد أمامه وبالتالي القيام بردة فعل منسجمة للدخول (والاستمرار) في العلاقة معه.

هنا أيضاً تسمح بعض التمارين العملية بتبني الموقف الصحيح.
  • تعليمه أسس الدخول في محادثة مع شخص غريب، على سبيل المثال: اسأله “ما اسمك؟”، “تعجبني ألوان كرتكَ كثيراً!”، “هل تأتي كثيراً إلى هذه الحديقة؟”. وتعليمه أيضاً الإصغاء إلى الآخرين وتركهم يتحدثون دون مقاطعتهم أو استعجالهم؛
  • نشرح له أنه لا يحق له إجبار طفل آخر على التحدث معه أو تكوين علاقة صداقة معه (احترام الآخر)؛
  • اقتراح استراتيجيات صغيرة عليه للتواصل مع الآخرين.
    اعلموا أن بعض الأطفال الذين يعانون من صعوبات في الدخول في علاقات مع الآخرين، يميلون إلى أن يظهروا “أقوياء” ومتطفلين منذ البداية، مما يؤدي إلى تأثير معاكس لما هو متوقع: فيهرب الأطفال الآخرون…
    وبمجرد بناء أول رابط، يتبنى هؤلاء الأطفال سلوكاً يتسم ب”التملك والعلاقة الحصرية” يمكن أن يخيف ويضايق الصديق الجديد.
    ومن هنا تأتي ضرورة أن نفسر له جيداً مفاهيم احترام الآخر.
انفعال ولدكم
premium freepik
متى يجب استشارة طبيب نفسي؟

إذا كان طفلكم ما زال يعاني من الوحدة رغم تطبيقكم لكل الاستراتيجيات والنصائح، يفضل استشارة أخصائي نفسي.
وكذلك، إذا كان طفلكم يعاني من مشاكل في العلاقة يمكن أن تتجلى على الشكل التالي:

  • صعوبات متكررة ولفترة زمنية طويلة في تكوين علاقات مع الآخرين أو القيام بذلك بطريقة غير سليمة وغير مناسبة.
  • معاناة على الصعيد اللغوي (الكلام) أو غيرها
  • اضطرابات سلوكية: عدوانية، غضب، عدم استقرار نفسي، سادية تجاه الحيوانات…؛
  • اضطرابات على الصعيد الغذائي وفترات النوم.
    يمكن للطبيب النفسي أن يساعد في هذه الحالة الطفل في تطوير ذكائه العاطفي والعمل على مهاراته الاجتماعية عبر تعليمه التحكم بعواطفه بطريقة أفضل وإيجاد صياغة مناسبة للتعبير عن طلباته واحتياجاته و”العمل” على تطوير مهاراته الاجتماعية عبر عمليات التواصل، كألعاب الأدوار وتمارين لفهم الأطفال الآخرين بشكل أفضل والتعامل معهم.
طفلي وحيد: 3 قواعد ذهبية من الأخصائية النفسية
  • في سن مبكر، القلق أمر غير مجدي دون تيقظ ووعي؛
  • مهما كان الوضع لا يجب إجبار الطفل على “الاختلاط الاجتماعي” مهما كان الثمن.
  • الاستماع إلى طفلكم باستمرار واقتراح نشاط يمكنه التعرف من خلاله على أطفال جدد من وقت لآخر. على سبيل المثال اقترحوا عليه أن يدعو أحد زملائه في المدرسة إلى المنزل أو أن يذهب للقيام بنشاط مع أطفال آخرين وأصدقاء.
اترك رد