كيف يحطّم الراشدون مقدرة الصغار وإمكاناتهم عن حسن نية؟

تحطيم مقدرة الصغار: أهمية البيئة المناسبة كي يظهر الأولاد أفضل ما لديهم.

لبيئة تسمح بأخذ مبادرات فرديّة

يحتاج الأطفال إلى مهام وتحديّات تسمح لهم باكتساب مهارات شخصيّة. ولكن اتباع الإرشادات لن يسمح لهم بأن يتعلّموا اتخاذ القرارات وتطوير مواهبهم عبر الشعور بما يلقى الايجاب في داخلهم: بل يحصل هذا عبر أخذ مبادرات شخصيّة.

من طبيعة الأطفال الرغبة في تحمّل المسؤوليات وتقديم مساهمة وبذل الجهد وعيش تجارب حقيقيّة حيث يتعلّمون اتخاذ القرارات (وليس تجارب معدّة مسبقاً، مصممة لتعليمهم أموراً بعيدة عن الواقع يراها الراشدون مهمة لهم). ويفترض هذا حريّة الحركة وإمكانية اللعب بحريّة من دون إرشادات الراشدين فضلاً عن تفاعل اجتماعيّ غنيّ (مع أطفال من السن نفسه، وأصغر وأكبر سناً فضلاً عن راشدين ودودين يشكّلون مثالاً يُحتذى به).

الطفل الذين يوصف “بالصعب” هو ذاك الذي يقاوم محطّمي الأحلام

تنطفئ مخيّلة الأطفال الخصبة عندما يعطي الراشدون (الأهل والمعلّمون) باستمرار الإرشادات والتعليمات حول ما ينبغي القيام به (وخاصة عدم القيام به)، وكيفية القيام به، ويغتاظون من الأسئلة الخارجة عن السياق ويتحوّلون إلى محطّمي أحلام (عندما يجري مثلاً التقليل من أهمية اكتشافات الأطفال التي هي مآثر حقيقيّة وجديرة بالافتخار بنظرهم، أو تصغيرها أو مقارنتها أو وضع درجات لها، لا بل معاقبتها عندما تعيق حسن سير الدرس).

كلما التزم الطفل أكثر بما يتوقّعه الراشدون منه في المدرسة، كلما قلّ فرحه بكل ما يمكن أن يكتشفه بنفسه ولعل الأسوأ أنّ سعيه لاكتشاف الأشياء بنفسه يتراجع (سيعتبر أنّ ما من فائدة في تعلّم ما لا يعتبره الراشدون مهماً وبالتالي ما لن يكون مفيداً لحياته المستقبليّة). سيتراجع فضول الطفل تدريجياً وتقلّ ثقته بنفسه. في الواقع، يفقد الولد القدرة على أن يثق باندفاعه وحماسه (وبالتالي بمشاعره). ولن يتّبع أذواقه وأهوائه وفقاً لما يثير الفرح لديه بل سيكتفي بتعلّم ما هو موجود في المنهج الدراسيّ.

يأسف جيرالد هوثر وأولي هاوزر لأنّ قلّة من الأطفال والمراهقين (أولئك الذين يوصفون بالمتمردين) يحافظون على انفتاح الذهن الأصليّ والأوليّ لديهم.

قد يصبحون أطفالاً “صعبين”، “تستحيل تربيتهم”، “وقحين” و”عنيدين”، من أولئك الذين سيقول عنهم الآخرون لاحقاً إنهم يثيرون أعصابهم بحماسهم المفرط لمعرفة كل ما ينبغي لهم أن يكتشفوه: بشأن أنفسهم وبشأن من حولهم.

لكن كل مجتمع يحتاج إلى هؤلاء تحديداً، إلى هؤلاء المتهوّرين العنيدين إذا لم يشأ أن يخاطر بالغرق في طرق التفكير التي رسّختها العادة.

التعليقات مغلقة.