يحدث لنا غالباً، وخصوصاً على أثر رشح أو كريب، أن يظهر عندنا فائض من البلغم على مستوى الحنجرة. هذه الظاهرة المزعجة تضايق غالباً حبالنا الصوتية وتجبرنا على ان نتنحنح لتصفية الصوت، واحياناً حتى على أن نبصق باستمرار، وهذا ما ينعكس في العديد من الإزعاجات على الصعيد الاجتماعي.
يختفي هذا الانزعاج عموماً في غضون بضعة أيام، ولكنه قد يمتد أيضاً طويلاً ونعاني أشد المعاناة كي نتخلص منه. قد يصبح أيضاً مزمناً ويتحول إلى مشكلة صحية حقيقية تسبب لنا ضغطاً نفسياً مستمراً، نفسياً وجسدياً، قد يدمر حياتنا. ونجرب كل الوسائل كي نتخلص منه.
قبل كل شيء، يجب أن نكون مسرورين بوجود البلغم، لأنه خط الدفاع الأول لجسمنا وهو يثبت أن جهازنا المناعي ناجح في أدائه. هذه المادة المخاطية ينتجها بالفعل جسمنا لتحمينا من الأذى وتطرد البكتيريا والفيروسات والغبار والجزيئات غير المرغوب فيها التي تغزو جسمنا.
إذا استمرت المادة المخاطية عدة أسابيع، وحتى عدة أشهر، فهذا يعني أننا تحت تأثير عدوى أو تلوث دائم، وهذا البلغم يحمينا منها، ولكن علينا أن نبحث عن السبب، الذي ربما يتفاقم بسبب المحيط الموجود حولنا، في بيئة العمل مثلاً أو في وسائل النقل التي نستعملها يومياً.
المذنب الأول : المكيّف
في عصرنا الحالي، أحد الأسباب الشائعة لهذه الاعتداءات هو المكيفات. ليس فقط بسبب التبريد المفاجئ الذي تؤمنه، وخصوصاً في الصيف، ولكن لأنها أيضاً يمكن أن تلوّث وتنشر البكتيريا المسماة الليجيونيلا التي تولّد مشاكل مرضية تنفسية متفاوتة الحدة.
لحسن الحظ، هناك أنواع عديدة من هذه البكتيريا وليست كلها مسببة للمرض. ولكن هناك آشخاص معرضون أكثر يمكن أن يتأثروا بهذه البكتيريا إذا تعرضوا لها في بعض الأماكن العامة المكيفة (النقل المشترك، المراكز التجارية، صالات العرض، السوبرماركت، الخ. )، وخصوصاً إذا جلسوا لفترة على مقربة من مصدر هواء بارد موجه مباشرة نحوهم.
يجب علينا قبل كل شيء أن نتجنب الجلوس على مقربة من هذه المكيفات التي تعمل غالباً ضمن دائرة مغلقة دون تجديد الهواء. هناك تشريعات حديثة تفرض على المؤسسات الكبرى والمراكز التجارية والسينمات والشركات أن تقوم بتنظيف دوري لنظام التبريد لديها، ولكنها غير مطبقة بالشكل الكافي.
على كل حال، إذا كان الطقس حاراً ودخلتم إلى سوبرماركت، لا تمكثوا طويلاً في قسم اللحوم والألبان والأجبان. قد تحسون براحة فورية، ولكنكم قد تتعرضون للأذى فيما بعد، إذا كانت المكيفات ملوثة.
علينا ألا ننسى أننا نسبح في محيط من البكتيريا. أغلبها غير مؤذٍ، بدون أن نتكلم عن تلك المفيدة. بينما تلك التي تسبب المرض، يقمعها غالباً جهاز مناعتنا، وتمنعها درجة حرارتنا عند °37 من أن تتكاثر.
لهذا عندما يحدث تبريد مفاجئ للجسم، تتكاثر البكتيريا المؤذية بدون أي روادع. كل الناس يعرفون أنهم يجب أن ينتبهوا للتبريد، ولكنهم ينسون أحياناً أنهم يجب أن يتخذوا الاحتياطات الضرورية وخصوصاً في أوقات ارتفاع الحرارة.
عندما يكون الطقس حاراً، نبحث عن الانتعاش وهذا طبيعي. قبل وجود المكيفات، لم يكن هناك إلا وسائل تبريد محدودة لا تمثّل أي خطر. ولكن في عصرنا الحالي، كل شيء تغير. والمكيفات القوية تنتشر أينما كان وتسبب تغييرات مفاجئة في حرارة الجسم.
إذا كانت مشكلة البلغم لديكم مستمرة أو حتى مزمنة، مع أنكم لستم مصابين بالرشح، فالشيء الأول الذي عليكم فعله هو البحث عن مصدر المشكلة. إذا كان السبب يكمن في محيطكم المعتاد، وخصوصاً المكيف، فيجب أن تحاولوا الابتعاد عنه، وستتوقف مشاكلكم الصحية سريعاً.
العلاجات الطبيعية
بعد أن تتخذوا الاحتياطات اللازمة كي لا تصابوا بالعدوى، عليكم أن تتخلصوا من العوامل المسببة للمرض التي تغزو جسمكم وأن تقووا جهازكم المناعي. ننصحكم بالوصفات التالية :
- الفيتامين C بحرعات عالية (على الاقل 3 غرامات يومياً). من الأفضل استعمال الفيتامين C ذا المصدر الطبيعي، ولكن بما أنه ليس مركزاً بالشكل الكافي، يجب أن تضيفوا إليه الفيتامين C المركب. يتخلص الجسم من الفيتامين C في خلال ساعتين، وهذه هي الفترة المثالية بين جرعتين.
- المغنيزيوم كلورايد الذي تستطيعون الحصول عليه من الصيدليات. النقص في المغنيزيوم شائع في عصرنا الحديث بسبب الزراعة المكثفة، وهذا النقص يلعب دوراً في إضعاف جهاز مناعتنا، وبالتالي في ظهور الأمراض الالتهابية المزمنة، وحتى في ظهور السرطان.
- لمحاربة الإفرازات المخاطية المستمرة، من المفيد أن تشربوا مرتين أو ثلاث باليوم، أو على الأقل مرة واحدة قبل النوم، زهورات المريمية (القصعين) بعد أن تنقعوه فترة طويلة وتحلّوه بالعسل.
- العكبر (البروبوليس) مفيد أيضاً.
لا داعي لتكرار القول إن التدخين يشجع ظهور البلغم، كما أنه يقضي على الفيتامين C. إذا كنتم مدخنين، حاولوا أن توقفوا هذه العادة لمصلحتكم ومصلحة عائلتكم. إنها عادة انتحارية خطيرة.