نريد كلنا أن يكون أولادنا سعداء وأن ينجحوا في حياتهم. لهذا نحن نتبنى، بهدف تربيتهم، أفكاراً نعتبرها أساسية لتحقيق كل ما يؤدي إلى النجاح. نحن نعلّمهم أنهم يجب أن يطيعوا الكبار، أن يركزوا على الدراسة، ولكن لا يخطر ببالنا أن هكذا تعليمات قد تلعب ضدهم في المستقبل. فقد تبين ان بعض التعاليم الشعبية الشائعة يمكن أن تشكل خطورة على مستقبل الأجيال الجديدة. إذن، ما الذي ينتظرنا في خلال 10 إلى 20 سنة ؟
من الطبيعي أن المشاكل المستجدة تتطلب حلولاً مستجدة. لهذا نقدم لكم بعض الأفكار التي عفا عليها الزمن، والتي يجب أن نتوقف عن فرضها على أولادنا؛ ونشرح لكم ما هي عواقب هذه الأفكار السيئة؛ ونحضّر بعض النصائح المفيدة.
“طفلي يحصل على الأفضل”
تربية طفل مدلل هي لعبة أطفال. يشرح البروفسور فردريك نيومان، مدير مركز علاج القلق والفوبيا، أن العلامة الفارقة للطفل المدلل هي عدم اهتمامه برغبات الآخرين :”إنه يريد ما يريده، عندما يريده”. عندما تخضعون لكل نزوات أولادكم، أنتم لا تقدمون لهم أي خدمة. فعندما يكبر هذا الولد، يصبح عدو نفسه : التبعية، عدم المسؤولية، التواصل السيء، الأنانية والاستهلاك المفرط، تجعل هؤلاء الأشخاص تعيسين.
أفضل حل هو وضع حدود دقيقة، تحديد مسؤوليات الولد، الانتباه لسلوكه وتصرفاته، وعدم التساهل مع أي تصرف وقح تجاه نفسه وتجاه الناس من حوله. من الأفضل أيضاً أن نعلّمه محبة العمل الجسدي وأن نجعله يفهم قيمة المال. من الوسائل لفعل هذا، مثلاً، هي مساعدته في العثور على عمله الأول.
“علينا إطاعة الكبار دائماً”
يحلم الأهل غالباً أن يكون ولدهم عاقلاً بشكل دائم. لكنهم لا يحسبون حساباً إلى أن الطاعة العمياء يمكن أن تؤذي في المستقبل. تعتقد عالمة النفس لورا ماركام أن الأولاد المطيعين يصبحون خاضعين عندما يكبرون.
هؤلاء يكونون أقل قدرة على الدفاع عن أنفسهم بكثير، وأكثر قابلية بكثير أن يصبحوا ضحايا للمتلاعبين وللأشخاص المنحرفين. إنهم ينفذون الأوامر بشكل أعمى، بدون التشكيك في أي شيء وبدون تحمّل مسؤولية أفعالهم. لهذا من المهم جداً أن تعلّموا ولدكم أن يقول “لا” وأن يعبّر عن رأيه.
“العلامة الجيدة هي 10/10، الباقي لا يعني شيئاً”
فرض عقدة التلميذ المتفوق على ولدكم، يجعل منه شخصية عصابية بقية حياته. أفضل شيء يمكن أن يفعله الأهل هو أن يشرحوا لولدهم أن إخفاقاته لا تؤثر بشيء على علاقاته، وأنه سيكون دائماً محبوباً ومسموعاً.
بحسب ما تقول العالمة النفسية كريستينا دوماريه، فإن الفشل مفيد للأطفال من عدة نواحٍ :إنه يعلّمهم كيف يتحكمون بالمواقف السلبية ويعطيهم تجربة حياة تسمح لهم في المستقبل بالتطرق إلى المشاكل الصعبة بدون خشية من الفشل. وهذا يجعلنا نفهم :
- قصص الأشخاص الذين نجحوا في الحياة رغم أنهم لم يحصلوا أبداً على علامات جيدة و
- أولئك الذين حصلوا على نتائج مدرسية مميزة ولكنهم لم يتكيفوا مع الحياة. الفئة 1) قادرون على مواجهة أي تحدٍ وعلى القتال لبلوغ أي هدف. بينما الفئة 2) لا يحاولون غالباً لأنهم يخافون من الفشل.
“لا تقاتل، كن لطيفاً مع الآخرين”
يجب على كل إنسان أن يعرف كيف يدافع عن نفسه. إذا علّمنا الولد أنه لا يستطيع بأي حال من الاحوال أن يهاجم شخصاً آخر، فهو سيصمت دائماً ويتحمل كل الاعتداءات. في المستقبل، لن يصلح للعمل في بيئة تنافسية.
لكن تعليمه أن يعتدي على كل من ينظر إليه شزراً، هو أيضاً تطرف يجب أن نتجنبه.
كيف يتعامل مع المعتدين ؟ هل يهاجمهم بقبضة يده أم يكتفي بالتواصل اللفظي ؟ النقاشات حول هذا الموضوع لا تتوقف، ولكن علماء النفس يتفقون على نقطة واحدة : الولد يجب أن يعرف أن من حقه أن يدافع عن نفسه. إذا علّمتموه كيف يردّ، ستكون هذه هدية حقيقية لحياته المستقبلية.