من الواضح أن الموضة أصبحت منتجًا كثير الإستهلاك!
والمستفيدون الوحيدون من هذا النظام هم المصنّعون الكبار وأرباب الأعمال ذوو اليد العاملة الرخيصة في الدول النامية.
لحسن الحظ بدأت حركة واعدة بالظهور. فاليوم يختار الناس أكثر فأكثر نمط لباس بسيط.
لا شكّ في أن نمط اللباس البسيط بعيد كل البعد عن أن يكون تيّارًا مسيطرًا. ولكن من خلال اعتماد نمط الحياة هذا نجحت شخصيّات عديدة من الطراز الأوّل في نشر التوعية بين صفوف عامة الناس.
والنتيجة: يطبّق عدد أكبر فأكبر من الناس المبادئ البسيطة في طريقة لبسهم.
والطبع لا يزال الكثير من المشكّكين يتساءلون لماذا يختارون أن يلبسوا بالطريقة نفسها كل يوم؟ لا سيّما عندما لا تكون مسألة مالٍ بل خيارًا متعمّدًا.
لهذا السبب قرّرنا أن نتشارك معكم هذه اللائحة. وقد اعتمدنا أثناء وضعها على تجاربنا الخاصّة كما درسنا الميول الحديثة لحركة البساطة هذه.
هل تتساءلون لماذا يختار الأشخاص الناجحون أن يلبسوا بالطريقة نفسها كل يوم؟ أم بالأحرى هل ترغبون أنتم أيضًا باعتماد نمط أزياء بسيط؟
لا تبحثوا بعيدًا! إليكم من التربية الذكية أفضل 8 أسباب ستقنعكم باعتماد نمط أزياء بسيط:
1- عدد أقل من القرارات التي عليكم اتخاذها
يعتمد مبدأ “التعب من القرارات” على أنه كلّما ازداد عدد القرارات التي يتّخذها الإنسان (أكانت مهمّة أو لا) كلّما تدنّت نوعية قراراته.
للأشخاص الذين يتّخذون القرارات المهمّة كل يوم، يسمح لهم إلغاء اختيار الملابس كل صباح بأن يكون بالهم أكثر راحة وأن يركّزوا أكثر على الأمور المهمّة وبالتالي أن يكونوا منتجين أكثر طوال النهار.
يعتمد الرئيس أوباما هذا المنطق بالتحديد في نمط أزيائه ويفسّر خياره قائلًا:”كما لاحظتم لديّ نمط محدّد من قبل. فأنا أرتدي حصريًا ملابس إما رماديّة وإما زرقاء. وأحاول أن أخفّض عدد القرارات التي عليّ أن أتّخذها كل يوم إذ لا أريد أن أضيّع الوقت ولا الطاقة لكي أختار ما أريد أن آكله أو كيف أريد أن ألبس لأن لديّ الكثير من القرارات التي عليّ اتّخاذها طوال اليوم”.
أما مارك زوكربرغ المؤسّس والرئيس المدير العام لفيسبوك فأوحى بالدوافع نفسها حيال نمط أزيائه البسيط.
باختصار، قرار تافه بالناقص كل صباح يسمح لكم باتّخاذ قرارات أفضل في الأمور المهمّة فعليًا.
2- إضاعة وقت أقلّ
لا يمكن معرفة الثقل الذي تشكّله ممتلكاتنا على حياتنا إلا بعد أن نتخلّص منها. وعندما نتحرّر منها نكتشف حياة جديدة مليئة بالحرّيّة ووجهات نظر جديدة.
منذ حوالى 10 سنوات قرّرت أن أختبر نهجًا جديدًا في خياراتي الخاصّة بالأزياء. فقرّرت أن أشتري كل يوم الملابس نفسها وألا أخزّن سوى أدنى حد من النسخات في المنزل.
نمط واحد من الجينزات ونمط واحد من القمصان ونمط واحد من الكنزات ونمط واحد من الملابس الداخليّة وفي المجموع لديّ نسختين من هذا الجينز و 10 نسخات من هذا القميص (بألوان مختلفة) و4 نسخات من هذه الكنزة (بألوان مختلفة) و 14 نسخة من هذه الملابس الداخلية (بألوان مختلفة).
لا أشتري الملابس الجديدة إلّا عندما تتمزّق ملابسي أو تنثقب ولا أشتري هذه الملابس إلّا خلال فترة التخفيضات بنسبة أقلّها 50%.
إذا صادفتموني يومًا ما في الشارع ستجدونني في 99% من الأحيان أرتدي بهذه الطريقة (إلا إذا كنت ذاهبة لحضور حفلة زفاف).
إنها طريقة بسيطة تشعركم بالراحة ويمكنها أن تغيّر حياتكم بكل ما للكلمة من معنى. من خلال ممارستي هذه الطريقة فهمت بسرعة كبيرة أن هناك فائدة كبيرة في أن يكون لديّ خيار محدود في الملابس.
وهكذا أصبح استعدادي لليوم كل صباح أسهل وأسرع وأكثر فعاليّة ولا يستغرق أكثر من دقيقتين.
3- توتّر أقلّ
ماتيلدا كال المرأة التي تعمل في نيويورك كمديرة فنيّة تلبس بالطريقة نفسها كل يوم.
وقد اعتمدت هذا النمط في الأزياء لكي تتجنّب التعب ولكي تكسب الوقت ولكن لديها أيضًا سبب وجيه آخر: توتّر أقل!
وبالتحديد يقلّ توتّر ماتيلدا لأنها لم تعد تطرح الأسئلة طوال النهار في ما يتعلّق بملابسها التي اختارتها في صباح اليوم نفسه :” ألست أنيقة أكثر من اللزوم؟ هل ملابسي لافتة كثيرًا للنظر؟ أصبح ذلك روتيناً : كل صباح كنت أختار ملابسي وما إن أصل إلى محطّة المترو حتى أندم على خياري!”
أما الآن فقد وجدت ماتيلدا “علامتها التجارية” (قميص حريرية بيضاء بأزرار وبنطال أسود) وتخلّصت كليًا من مصدر قلقها اليومي.
4- طاقة مستنفدة أقل
كريستوفر نولان أحد أشهر المخرجين في جيله فهو الذي أخرج الفيلمين Interstellar وThe Dark Knight Rises.
ولكنه احتاج سنوات عديدة ليفهم أن تضييع الوقت في اختيار الطريقة التي يريد أن يلبس فيها كل صباح ليس إلا استنفادًا للطاقة.
واليوم يركز على نوع واحد من الملابس لكل يوم: سترة داكنة اللون مع ثنيات ضيّقة وقميص أنيقة زرقاء وبنطال أسود وحذاء مريح.
وفي مقال صدر في مجلّة نيويورك تايمز فسّر كريستوفر ماذا يقصد باستنفاد الطاقة فامتلاك خزانة كبيرة جدًا يتطلّب اتّخاذ الكثير من القرارات.
وهذا ليس كل شيء. فالأمر يتطلّب أيضًا عناية أكثر وتنظيمًا أكبر ووقتًا أطول في الاختيار بين ملابسكم الكثيرة.
وبالطبع امتلاك ملابس متشابهة لا يعني بالضرورة عدداً أقل من الملابس في الغسّالة ولكن في المقابل إن امتلاك ملابس متشابهة يعني أن غسيلها وتوضيبها أصبحا أسهل.
5- شعور براحة أكبر
دينايي باراهونا أم شابة تعيش في دالاس في تكساس. في الربيع الماضي قرّرت أن تنظّم خزانة ملابسها التي كانت مليئة بالخراب والفوضى فاختارت أن تبدّل ملابسها كلها بعدد قليل من الملابس البسيطة النمط أفضل ملابس لديها التي تعشق ارتداءها.
إليكم كيف وصفت الفرق بين ما قبل والآن:”قبل أن أخفّض عدد الملابس في خزانتي كان اختيار ما أريد أن ألبسه كل صباح كاختيار طبق في مطعم صيني: خيارات كثيرة ووقت طويل جدًا
في السابق كان ارتداء الملابس كل صباح منهكًا. كان لديّ خيارات كثيرة ولكن في الواقع معظم ملابسي إما لم تكن مناسبة لمقاسي أو لم تكن تناسبني وإما لم تعد تروق لي.
أما الآن فاعتمدت نمطًا جديدًا في الأزياء كما لو كنت آكل في مطعم 3 نجوم: خيارات أقل ولكني أكيدة من أنني لا أخفق.
لا يهمّ ما أختار لألبس لأني أعرف أنه سيعجبني. أصبحت واثقة أكثر بنفسي وإضافة إلى ذلك أصبحت بحالة أفضل.”
سهولة، مرونة وأناقة. هذا ما يمكنكم توقّعه من خلال اعتماد نمط أزياء بسيط. ليس مفاجئًا أن تصبح هذه الحركة منتشرة أكثر فأكثر!
6- من أجل الحصول على علامة تجارية خاصّة
أليس غريغوري كاتبة تعيش في نيويورك. في هذا المقال وضعت دوافع لكي ترتدي الملابس نفسها كل يوم. وهي تسمّي ذلك الرّمزيّة وهي طريقة سهلة واقتصادية لكي يشعر الشخص بالراحة تجاه نفسه. فالملابس هي وسيلة لتجسيد النضوج أو لجعل أحد أكثر نضوجًا على الرغم من أن هذا الأمر أقل جدارة بالثناء.
وقد فسّرت قائلة:” يوحي هذا النوع من الملابس للناس بأن الشخص يتمتّع بنوع من الصرامة وذلك الحس بالأولويّات التي تأتي مع العمر ومن جهة أخرى هو يكشف أيضًا عن خطوات عاقلة وناضجة: القدرة على إعادة النظر في الطريقة التي يكون فيها الشخص وتحسينها.”
وفي مقالها شدّدت أليس على أن ارتداء الملابس نفسها كل يوم هو طريقة جيّدة للتأكيد على حالة محفّزة.
“إنه السبب الذي من أجله لا تغيّر شخصيات الرسوم المتحرّكة مظهرها. فالأطفال – تمامًا كالكبار (حتى ولو لم يدركوا ذلك) – يحتاجون كثيرًا إلى الاستقرار.
فارتداء الزيّ أي ارتداء الملابس نفسها كل يوم ليس تخلفاً عن النمط المألوف على الإطلاق بل إنه طريقة للإظهار للعالم أننا تجاوزنا النمط لأنه تصنيف لم بعد ينطبق علينا.”
7- مصروف أقل
خزاناتنا مليئة بالملابس والأحذية التي ابتعناها ولكن نادرًا ما نلبسها.
قد لا تكون الميزانية المخصّصة للملابس سنوياً كبيرة ولكن إذا أمعنتم النظر ستدركون على الفور أن معظم هذه المشتريات لا تنطلق من حاجة حقيقية.
في العام 1930 كانت المرأة تمتلك 9 ملابس كاملة أما اليوم فقد صعد هذا الرقم ليصبح 30 أي ما يعادل زيًا مختلفًا لكل يوم من أيام الشهر! فاعتماد نمط أزياء بسيط أو زيّ رمزيّ يساعد حقًا على تجنّب مشتريات الملابس غير النافعة (والتبذير الذي ينتج عن هذا الأمر).
وبالتالي نتجنّب شراء الملابس لمجرّد أننا نريد تجربة مظهر جديد قد لا يناسبنا في أكثر الأحيان. وذلك من دون أن نتكلّم عن الوقت الضائع للتّسوّق من أجل شراء ملابس قد نعيدها في ما بعد لأنها لا تناسبنا.
8- طمأنينة أكبر
كتبت الممثّلة الشهيرة في هوليوود درو باريمور مقالًا عن علاقاتها الجديدة بالملابس:
“أوّلًا أصبحت في عمر يناهز الأربعين ولم تعد الملابس التي كنت أرتديها في عمر العشرين تناسبني. وبعد أن أنجبت طفلين لم تعد الملابس التي كنت أرتديها في عمر الثلاثين تناسب مقاسي.
أما في ما يتعلّق بنمط أزيائي فكما لو أصبحت على مفترق طرق في حياتي وبصراحة أعترف أن هذا الأمر صعب بعض الشيء.”
ولكي تضع حدًا لأزمة الملابس الحياتيّة، أخضعت درو خزانة ملابسها لنظام التخلص من الأعداد الكبيرة. فانتقت ملابسها وحدّت من شراء الملابس الجديدة إلى أدنى حدّ.
وفي غضون بضعة أشهر فقط استعادت خزاتها صحّتها المعنوية وسعادتها. والآن لم يعد اختيار الملابس أمرًا صعبًا ومتعبًا كما كان في السابق. وأصبح نمط أزيائها متناسبًا مع شخصيّتها التي اصبحت عليها: أكثر هدوءًا وسلامًا.
يجب أن نعرف جيّدًا اننا نعيش في مجتمع غارق في الأشياء التي نشتريها ولكن الكثير من الناس يريدون الهروب منه لكي يربحوا حرّيتهم. هؤلاء الأشخاص يبحثون عن حلول للعيش بشكل أفضل.
لذا ليس من المدهش أن يختار الناس أكثر فأكثر نمط أزياء بسيطاً…
من الواضح أن الأشخاص الذين يعتمدون هذا النمط في الأزياء لخزانتهم يصبحون أكثر إنتاجيّة وأقل توتّرًا وأكثر اقتصادًا ويشعرون بحالة أفضل.
إذًا هل حان الوقت لتجرّبوا الأمر؟
وأنتم؟ هل سبق وحاولتم اعتماد نمط أزياء بسيط؟ هل ساعدكم على تحسين حياتكم؟ نشكركم من التربية الذكية على تعليقاتكم التي تكتبونها أدناه وعلى مشاركة ما تفكّرون به مع مجتمعنا!