قد يعارض ذلك كل حدس وكل غريزة لديكم كأهل، ولكن آن الآوان ليقف أحدهم ويقول: لن تجعل ألعاب الفيديو ولدكم أكثر عنفاً أو عدوانية. لن تؤدّي الى سلوك مناهض للمجتمع، ولا يوجد أي أدلّة تشير الى عكس ذلك، بالرغم من ضغط وسائل الإعلام وقصص الرعب الصادرة عن بعض “الخبراء”.
في الواقع، ومثلما سنرى لاحقاً، من الممكن أن يكون العكس صحيحاً. فبغضّ النظر عمّا إذا كنتم تؤيّدون مثل هذه الألعاب أم لا، حاولوا من فضلكم ألاّ تتبعوا الطريق القديم المبتذل في القاء مسؤولية مشاكل المجتمع كلّها على ألعاب الفيديو. لأنكم بذلك قد تحجبون المشاكل الحقيقية.
خذوا مثلاً اطلاق النار الذي حدث في مدرسة ساندي هوك من ولاية كونّكتيكت الأميركية. تعرّض عشرون ولداً وستة مدرّسين للقتل بالرصاص على يد شاب أطلق عليهم النار من أسلحة نصف أوتوماتيكية تعود لأمّه.
أدّت هذه المأساة الى ظهور مشكلة كبيرة بالنسبة الى “الجمعية القومية الأميركية للبندقية” وللسياسيين اليمينيين المهووسين بالأسلحة. ألم يصبحوا مضطرّين، حتّى هم، الى تبنّي شكل ما من التدابير الضابطة للأسلحة؟
أبداً، على الإطلاق. وبدلاً من ذلك، ركّزوا على واقع أن مطلق النار، آدم لانزا، كان يحب ألعاب الفيديو العنيفة.
كان ذلك ما دفعه ليقتل. لم يكن للأمر أي علاقة بالأسلحة. في الواقع، أوصى أحد أعضاء مجلس الشيوخ بأن يتسلّح جميع مدراء المدارس بالرشّاشات، في حين أن عدداً من الجمهوريين الآخرين اعتبروا أن طلاّب الجامعات أيضاً يجب أن يحملوا الأسلحة لحماية أنفسهم. إذا ما اتّبعنا هذا المنطق، يصبح ربّما من الضروري على جميع الأولاد حمل مسدّس في حقيبة كتبهم في حال تعرّضوا للهجوم.
بعدما تم القبض على “مارتين بريانت” على إثر مذبحة بورت آرثر، سرت الشائعات بسرعة بأنه مدمن على ألعاب الفيديو الخطيرة وأن لديه مكتبة كبيرة منها. وعندما تبيّن أنه في الحقيقة لم يمتلك أيّاً منها على الإطلاق، وأن الموسيقى المفضّلة عنده كانت أغاني كليف رتشارد (موسيقى غير صاخبة) وموسيقى فيلم “الأسد الملك”، وأن الفيلم المفضّل عنده كان “بايب” (فيلم عن الحيوانات لكل العائلة)، تجاهلت الصحف الأمر وصمتت على المسألة.
كانت ألعاب الفيديو ضحية سهلة. يمكنكم أن تروا كيف أن للحجّة ضدّها حافزاً سياسياً أحياناً، وكيف قد تكون هذه الحجّة خطرة. في الواقع، وجدت دراسة أجرتها الاستخبارات الأميركية أن شخصاً واحداً فقط على ثمانية من مجمل مطلقي النار كان له اهتمام بالألعاب العنيفة، وهي نسبة أقل من نسبة المهتمّين بألعاب الفيديو على مجمل عدد السكّان. وبحسب النتيجة التي توصّل اليها تقرير أحد وزراء الصحّة الأميركيين، إن التوازن العقلي ونوعية الحياة العائلية – وليس التعرّض لوسائل الإعلام – هما العاملان الأساسيان في الأعمال العنيفة التي يرتكبها الأولاد.
ان ثقافة الشباب في كوريا الجنوبية واليابان متجذّرة قي ألعاب دموية، إلاّ أن مستويات الجريمة عند المراهقين هي من بين الأدنى في العالم. وقد ربطت مجلّة “The Economist” الأميركية بين الانخفاض الكبير والسريع في نسبة جرائم القتل في مدينة نيويورك وبين ظهور الPS3 والXbox نظراً الى ان “أشكال التسلية التي يمكن شراؤها بسهولة تبقي الناس في الداخل وبعيداً عن الجريمة الحقيقية والمخدّرات.”