المال والإنفاق من أهم المشاكل التي تواجهنا وتواجه أولادنا لذلك يجب التنبه إلى هذا الأمر قبل أن يفوت الأمر من يدنا. كيف؟
في المال
في مجتمع يقوم على التسليف، من المتوقع أن تبرز فكرة تربية أطفالنا على رفض فكرة أن استدانة المال أمر طبيعي نقوم به كل يوم.
إلا أن صعوبة القيام بهذا تتزايد تدريجياً، وتظهر الصعوبة بشكل خاص حين ننظر إلى الأمر من وجهة نظر جيل.
إنّ ما يفصل الأهل الذين يربون أولادهم اليوم عن مرحلة الكساد الاقتصادي الكبير هو مجرد ثلاثة أجيال.
يبدو الفاصل الزمني طويلاً للوهلة الأولى إلا أن الأهل اليوم يشعرون بترددات ذاك الأثر العظيم أكثر مما فعل من سبقوهم بأربعين سنة.
انظروا إلى أهل الأطفال الصغار اليوم: الجيل واي.
لقد قام بتربيتهم أهل ولدوا في فترة طفرة المواليد (وربما ينتمي بعضهم إلى الجيل اكس).
تعلّم جيل طفرة المواليد من أهل عاشوا في حقبة الكساد الاقتصادي أنّ المال سلعة وأن عليهم أن يعملوا بجد ويوفروا قدر ما يستطيعون من المال وأن يشتروا كل ما يحتاجونه نقداً وأن يكونوا مقتصدين قدر الإمكان.
وعندما أصبح هؤلاء أهلاً بدورهم، ربوا أولادهم على المبادئ نفسها إنما في زمن يشهد ازدهاراً أكبر.
لا بأس في اقتراض المال والقرض التعليمي مجرد جزء من الحياة.
والآن، وبعد أن شهد الاقتصاد هبوطاً عنيفاً مفاجئاً، يسعى آباء وأمهات الجيل واي إلى تربية أولادهم وقد وضعوا نصب أعينهم أخطاءهم وأخطاء أقرانهم.
يريدون لأطفالهم أن يكونوا أفراد مجتمع متوازنين، يدركون قيمة المال، إلا أن المجتمع أُثقل بالديون جيل بعد جيل.
إليكم بعض النصائح لتربية أطفال يدركون كيف ينفقون المال بحكمة.
كونوا المثل الصالح
إنّ معظم ما يتعلّمه الأولاد عن الحياة يتعلّمونه من أهلهم.
وتشير دراسة حملت اسم 2013 Parents, Kids & Money Survey وأجرتها T. Rowe Price إلى أنّ ما لا يقل عن 97% مما يتعلمه الأولاد يكتسبونه من الأهل.
اتخذوا قرارات ايجابية في ما يتعلق بأموالكم الخاصة ودعوهم يرون ذلك. إذا لاحظ أولادكم أنكم تنفقون من دون حساب فهذا ما سيتعلمونه منذ الصغر ويعتبرون أن الأمور تجري على هذا النحو.
وفي السياق نفسه، وعندما يصبحون في الصفوف الابتدائية والتكميلية، ابدأوا بإشراكهم أكثر في شؤون العائلة المالية.
تحدثوا في الموضوع
احرصوا على ألا تجعلوا أولادكم يقلقون بشأن المال. إنما من المهم أن يدركوا طريقة تعاملكم كأهل مع مصاريف المنزل.
عندما يعي الأولاد قيمة مصاريف المنزل بما في ذلك كلفة الرهن وفواتير المنافع العامة وكلفة البقالة، سيصبحون أكثر قدرة على أ) المساعدة في توفير مصاريف المنزل وب) فهم كيفية إدارة أموالهم عندما يحين الوقت.
كما أن الأولاد يرغبون في أن يتحدثوا إليكم في الموضوع. أظهرت الدراسة المشار إليها سابقاً أنّ 38% من الأولاد يقولون إنهم يتمنون لو تحدّث إليهم أهلهم بشأن توفير المال وكسب المزيد منه.
اجعلوا من المال موضوعاً يسهل التحدّث فيه بحيث لا يجد أولادكم صعوبة في التعامل معه عندما يصبحون أكبر ويتحملون مسؤوليات أكثر.
ركزوا على المدى الطويل
على الرغم مما يقال عن أنّ علينا أن نعيش اللحظة وأن نأخذ الأمور كما تأتي، إلا أنكم عندما تعلّمون أولادكم كيف ينظرون إلى المستقبل في تعاملهم مع المال منذ نعومة أظافرهم، ستعلمونهم أن يفعلوا ذلك لما تبقى من حياتهم.
وبدلاً من التركيز على الحاجات القصيرة الأمد، ركّزوا على التصرفات التي تشكّل عادات الإنفاق وتوجّهها بالشكل الصحيح.
إذن، عندما تعطون الطفل 20 دولاراً في متجر الألعاب، علموه قبل أن ينطلق لإنفاقها كيف يتخذ القرار المناسب.
اطرحوا عليه أسئلة مثل “إذا أنفقت المال كله الآن فماذا ستفعل في المرة القادمة التي ترغب فيها في شراء شيء ما؟” ودعوه يتخذ قرار توفير نصف المبلغ حتى المرة القادمة.
اجعلوا للمصروف هدفاً
يعطي الكثير من الأهل أولادهم مصروفاً أسبوعياً أو شهرياً لمساعدتهم على أن يتعلموا كيفية إنفاق مالهم الخاص.
لكنهم في الوقت عينه يفشلون في تحقيق هذا الهدف وينتهي بهم الأمر بإعطاء المال لأولادهم كي ينفقوه كما يحلوا لهم.
بدلاً من إعطائهم المال وحسب، فكروا في وضع خطة استثمار معهم. خصصوا “قجّة” لتوفير المال إلى أجل غير محدد، واختاروا “قجة” أخرى يوفرون فيها المال من أجل حدث محدد أو غرض معيّن و”قجة” استثمار حيث تكافئونهم بوضع نسبة من الميزانية، فترفعونها كما يحصل في أيّ خطة استثمار في عالم الأعمال الحقيقي.
بهذه الطريقة، سيتمكّنون من رؤية مالهم يتكدّس فعلياً أمامهم وسيدركون أهمية ذلك. عندما يصبحون أكبر سناً، يمكنكم أن تناقشوا معهم ايجابيات وسلبيات الدخل السنوي بحيث يرغبون في البدء بالاستثمار في سن مبكرة ليتقاعدوا في سن مناسبة.
لا ضير في أن يتعلّم الأولاد في سن مبكرة أهمية توفير المال.
اعتمدوا هذه النصائح في أسرع وقت ممكن فتضعونهم على السكة الصحيحة ليكبروا ويصبحوا راشدين يتحلوّن بالمسؤولية ويدركون أهمية المال وكيفية إنفاقه.