من الهام جداً لتنمية شخصيات أولادنا ان يتعلموا كيف يستقلون؟ كيف لنا أن نعلمهم ذلك منذ البداية؟
هناك على الأقلّ أربعة مكوّنات على المراهقين أن يتدربوا عليه: المسؤولية، المحاسبة، العمل، والاعتماد على النفس.
ويمكن البدء بهذا التدريب ما ان تبدأ المراهقة، (عادة بين سنّي التاسعة والثالثة عشرة) إن لم يكن قبل ذلك.
كثيراً ما يقول الشباب الذين يتعلّمون كيف يكونون مستقلين :
- “كسبت حرّيتي عبر التصرّف بمسؤولية (قمت بما هو صائب حتّى عندما كان ذلك صعباً)،”
- “جرت محاسبتي على خياراتي السيّئة ودفعت ثمن أخطائي (واجهت عواقب افعالي)،”
- “عملت للحصول على قسم كبير مما أردت (لم أُعطَ كل شيء دون عناء)،”
- ” اكتسبت الدهاء اللازم لمساعدة نفسي على مواجهة المصاعب (واجهت مشاكلي ولم أختبىء منها).”
أمّا الشباب الذين يستمرّون بعاداتهم الاتكالية، فكثيراً ما يكون أهلهم – انطلاقاً من حب واهتمام حقيقيين – هم الذين أعاقوا نمو الاستقلال في شخصيتهم. لماذا؟ لأن هؤلاء الأهل:
- يمنحون اولادهم الحرّية من دون ان يطلبوا أي برهان على وجود حسّ المسؤولية. “اذا كنت حقّاً تريد أن تفعل ذلك، فهذا كافٍ لنا لنقول نعم.”
- ينقذون اولادهم من خياراتهم السيّئة او يتجاهلونها من دون أن يصرّوا على محاسبتهم. “لم تكن تعرف كيف تتصرّف كما ينبغي، لذا فسنتغاضى عمّا فعلت.”
- يؤمّنون كل ما هو مطلوب من دون أن يجعلوا الولد يعمل للحصول عليه. “سنحضره لك، لا تقلق.”
- يضعفون أولادهم لشدّة ما يساعدونهم عندما تعترضهم الصعوبات، بحيث يعيقون قدرة أولادهم على الاعتماد على أنفسهم. “سنسوّي ما قمت به وسنهتمّ بالأمر.”
يستطيع الأهل تعليم أولادهم المسؤولية عبر التأكّد من أن الفتى- أو الفتاة – يؤدي واجباته على اكمل وجه في البيت والمدرسة وفي المجتمع. وعندما يرون أنه يؤدي واجباته يستطيعون عندئذ ان يوافقوا على أي درجة إضافية من الحرّية التي قد يرغب بها الولد. ”
مثال على ذلك فليقل الأهل للطفل:”قم بالأعمال المطلوبة منك كل ليلة وليس بين الحين والآخر، وسندرس عندئذٍ امكانية السماح لك بالذهاب الى بيت صديقك بعد المدرسة.”
يستطيع الأهل تعليم أولادهم تقبّل المحاسبة عبر التأكّد من أن الفتى – أو الفتاة – يربط بين الخيار والعاقبة من خلال مواجهته لتصرّفاته الخاطئة والعودة عنها.
أمثلة على ذلك:
“عندما اعتقدت أنه من المثير أن تذهب مع رفاقك للسرقة من المحلاّت، كنت تعصي القانون. والآن ستضطرّ لانتظاري حتّى آتي واقلّك من مركز الحجز. بعد ذلك، ستضطرّ لمواجهة مدير المتجر لكي تسمع كيف يكون شعور المرء عندما يتعرّض للسرقة. وأخيراً سوف يكون عليك أن تتوصّل الى حلّ ما تعوّض به على هذا الشخص الضرر الذي ألحقته به.”
يستطيع الأهل تعليم اولادهم العمل عبر السماح للولد ببذل الوقت والجهد للحصول على شيء يرغب به.
“إذا كنت تريد أن تقود السيّارة في الخريف القادم، احصل على عمل خلال الصيف واكسب ما يكفي من المال لتساعد في دفع أقساط التأمين الذي سنقوم به من أجلك.”
يستطيع الأهل تعليم أولادهم الاتكال على النفس عبر تأخير المساعدة التي يطلبها الولد وقتاً كافياً يتيح له الفرصة لكي يرى،معتمداً على مهارته أو براعته الخاصة، ما الذي يمكنه أن يتوصّل اليه بمفرده.
“قبل ان أقول لك كيف أعتقد أنه يمكنك أن تتعامل مع هذه المشكلة، اخرج بخطّة أو خطّتين بنفسك أوّلاً. أنظر الى الامكانيات التي يمكنك أن تفكّر بها قبل أن أتدخّل واعطيك نصيحتي.”
ويكتشف العديد من الأهالي خلال المرحلة النهائية الصعبة من المراهقة (حوالى 18-23 سنة)، أن أصعب مساعدة يمكنهم تقديمها (وغالباً ما تكون غير مقدَّرة في حينه) هي رفض المساعدة.
“نحن نرى انك اصبحت في سن تسمح لك بالاعتماد على نفسك، ونؤمن انك تتمتّع بالقدرات اللازمة لتقوم بذلك.”
يحتاج المراهق الى بذل الجهود لتعلّم الاستقلال، كما يحتاج الأهل الى بذل الجهود أيضاً لتعليم الاستقلال لأولادهم.
وعليهم تشجيع القيام بهذا الجهد عندما يبدو من “الأسهل” أو “الأكثر تناغماً” أو “الأبسط” أن يتغاضوا عن التحدّي.
عندما لا نعلّم أولادنا تحمّل المسؤولية وتقبّل المحاسبة والعمل والاعتماد على النفس، فمن غير الواقعي على الإطلاق أن ننتظر من طالب في الصفوف النهائية في المدرسة أو من طالب في أولى سنين الجامعة أن يتحوّل بشكل سحري الى شخص مستقلّ، ومن القسوة ان نلومهم عندما يفشلون.
إذا أدّى الأهل عملهم في تحضير أولادهم لكي يصبحوا مستقلين ، فسيؤدّي المراهقون في المرحلة النهائية من المراهقة عملهم ويتصرّفون بشكل مستقلّ (في الغالب) عندما يصبحون اكثر بمفردهم.