فلاديمير جيكارنتسيف
ما هو الإيمان؟ إنه إنعكاس الحقيقة، تلك الحقيقة التي انفصلنا عنها بأفكارنا وشكوكنا ومخاوفنا، تلك الحقيقة التي سوف ندركها ونتعرف عليها في المستقبل. بمقدار الغقتراب من الحقيقة يزداد الإيمان رسوخاً، لأن نور الحقيقة أيضاً يزداد وضوحاً. وعندما نلتقي مع الحقيقة يختفي الإيمان ويظهر الإتحاد مع الحقيقة ومعايشتها بشكل مباشر.
وفي طريقنا نحو الحقيقة يقوم الأمل بتهدئة القلب ويطفئ الشكوك السلبية التي تتآكل الإنسان. فالمحبة هي النجمة التي تدلنا على الطريق نحو الحقيقة، لأن المحبة تربط بين جميع الأمور في العالم. فإذا كنت قادراً على أن تحب شيئاً ما في هذا العالم، فذلك يعني أن أمورك على ما يرام.
إن الإيمان المبني على أساس الخوف والحصول على الفائدة هو إيمان غير متين وهو سوف ينهار عاجلاً أم آجلاً ويأخذ معه المؤمن نفسه. وبما أن الإنسان العادي يستند دوماً إلى “الأنا” الشخصية لديه، سواء أدرك ذلك أم لم يدرك، فإن كل إيمان، وخاصة الإيمان الديني، يستند إلى المخاوف والحصول على فوائد خاصة من أي نشاط يقوم به، ومن ضمنها المساعي الروحية. والأصح أن نقول: وخاصة من المساعي الروحية، لأنه في هذا المجال تحديداً يسهل إخفاء الوجه الحقيقي للإنسان. ويجب ألا تخاف من هذا الأمر لأنه أمر طبيعي جداً. فالأمر غير الطبيعي هو عندما يقوم الإنسان بالإصرار على أن هذا الأمر غير موجود لديه، وعلينا أن نتجنب شخصاً كهذا حتماً.
إن كل إيمان يمر بفترة اختبار. وهذا طبيعي،فليس هناك طريقة أخرى لملامسة الحقيقة. وانتبه! نحن من نضع هذه الاختبارات لأنفسنا في لاوعينا، فالعالم الخارجي هو إنعكاس للعالم الداخلي. وهكذا سوف تأتي اللحظة التي تدفعنا لإختبار الدعامة التي نقف عليها، فإذا كانت هذه الدعامة مزيفة ومبنية على أساس مخاوفنا ومصالحنا، فإنها سوف تنهار بلا شك.
وعندما ينهار إيمانك، سواء كان إيماناً بالإنسان أو بالرجل أو بالمرأة أو بالحق أو بالله أو بالحياة، فإن ذلك رائع، لأنك سوف تنهار في هذه اللحظة مع دعامتك المزيفة، فاسمح لنفسك بالسقوط نحو الأسفل وحاول أن تدرك ماذا يحدث وأنت تهبط. اشعر بالفراغ تحتك والهجران والوحدة والخيانة وجميع الأحاسيس التي ترافق هذا الهبوط. ولا تقاوم بل اسمح لنفسك بالهبوط وأنت واعٍ، وعايش جميع الأحاسيس المرافقة.
عندما سوف تلامس القاع ستخرج من الطرف الآخر لحقيقتك المزيفة نقياً ونظيفاً. إن ما يموت فيك هو “الأنا” المزيف لديك،بينما تنبعث أنت من جديد. وليس هناك طريقة أخرى للتغيير في عالمنا هذا.