الشتيمة كعلامة تعجّب
أصبحت الشتيمة في مجتمعاتنا الحديثة علامة من علامات الوقف، وكأنها علامة تعجّب فهي تختتم الجملة بهدف اعطاء أهمية لما يُقال. وتنقلب المسألة إلى مشكلة عندما يتحوّل استخدام الشتيمة إلى عادة بدلاً من أن يكون استخدامها نادراً، وعندما يصبح كل الكلام علامات تعجّب.
عندما يستعمل ولدكم شتيمة، فهذا يعني أحياناً، وبحسب الشتيمة طبعاً، أنه يعلمكم أنّ الوضع أصبح صعباً عليه. ألم يسبق لكم أن أطلقتم شتيمة عن غير عمد؟ ألم تعكس حينها اضطرابكم وارتباككم؟ ينطبق هذا على المراهقين أيضاً.
وهذا لا يعني أنّ علينا أن نتقبّل شتائمهم، إنما يعني أنها طريقتهم في التعبير عن أهمية مشاعرهم وانفعالاتهم. إذا تلفّظ المراهق بهذه الكلمات في لحظة غضب، فيمكن أن تقترحوا عليه تأجيل الحديث في الموضوع إلى وقت لاحق، بعد أن يزول الغضب، ويمكنكم أن تقولوا له ما يلي:
- “أعلم أننا نسمع الكثير من الشتائم من حولنا، لكن ينبغي أن نتجنّب استعمالها في هذا المنزل ويجب أن نتعلّم كيف نعبّر عن مشاعرنا بطريقة مختلفة.”
- “عندما تشعر أنك عاجز عن تحمّل الضغط، ماذا يمكنك أن تقول لتعبّر بطريقة أكثر احتراماً؟”
- “يجب أن يكون للكلمات التي تتلفّظ بها قيمة، فهذا مهم. ويجب أن تحترم الشخص الذي تتوجّه إليه بالكلام.”
- “إذا خرجت شتيمة من فمك عن غير قصد، فلن تتوقّف الأرض عن الدوران، لكن ايجاد طريقة أخرى للتعبير عن مشاعرك وأفكارك يجب أن يشكّل تحدياً بالنسبة لك.”
يستعدّ المراهق للدخول إلى عالم الراشدين ما يعني أنه يحتاج لأن يعلم أن ردود أفعاله يمكن أن تسبب له المشاكل. يتوجّب عليه إذاً أن يتدرّب على أن يعبّر بطريقة مختلفة عن المشاكل والصعوبات التي يواجهها.
مسار الاعتذارات
إذا شتمكم ابنكم المراهق فستشعرون بأن عالمكم ينهار، علماً أنه سيتوجّه إليكم في اليوم التالي أو بعد دقائق قليلة في بعض الأحيان، ليقول: “هل يمكنك ايصالي إلى النادي الرياضي، فعليّ أن أتدرب اليوم؟”
في هذه اللحظة، ستقاومون رغبتكم في أن تقولوا له: “أتشتمني وتعود لتطلب مني بعد دقيقتين أن ألعب دور السائق لحسابك؟”
لقد فقدتم بشكل مؤقت قدرتكم على التواصل مع ابنكم، لأنكم اخذتم الأمور على محمل الجد أكثر بكثير مما فعل هو. وعندما تحاولون أن تتذكروا مراهقتكم، تقولون في سرّكم: “أنا لم أقل مثل هذا الكلام لأبي يوماً، وإلا لكنت…”
يعيش المراهق سنوات مراهقته تحت تأثير اللحظة الراهنة. فالمراهق ينسى بشكل أسرع منكم، والشجار لم يُحلّ بعد. تعتقدون حينها أنه لا يكترث أبداً لنتائج وتبعات سلوكه. وعندما تتحدّثون إليه، لا يمكنه أن يفهم لما ما زلتم غاضبين أو محبطين، فهو قد نسي الأمر وانتقل إلى مسائل جديدة.
يعود المراهق إلى حالته الطبيعية بسرعة لأنّه ينبغي عليه ذلك. يجب أن ينسى هذا الخلاف لأنه يُبحر في سنّه هذه في خضم مشاعر وأحاسيس قويّة إلى حدّ يجبره على أن ينسى ما سبقها كي يتمكن من التعامل مع التالية بشكل أفضل.
إذن، عندما تنهال الشتائم، وبدلاً من أن تطلبوا من المراهق أن يعبّر عن ندم شديد: “كيف أمكنك أن تفعل هذا بي؟” علّموه رؤيتكم للاحترام بعد أن تهدأوا: “يبدو لي أنك مستعد الآن لأن تتصرف باحترام.”
“دعنا نفكّر سوياً في طريقة لإدارة الأمور بشكل مختلف في المرة القادمة. تذكّر ما حدث ودعنا نجد حلاً.”
يمكن للمراهق أن يقول لكم: “لا أحتاج لأن أفعل هذا فالأمور جيّدة بالنسبة إليّ.”
عندئذ، ستجيبونه: “أنت لا تحتاج ذلك إنما أنا فبلى. أحتاج لأن نناقش الأمر لنصل إلى حلّ يجنبنا تكرار هذا الوضع. سيساعدني هذا كثيراً. هل يمكنك أن تجرّب، وسنرى كيف نستطيع حلّ المسألة بطريقة مختلفة؟”
عندما تعتمدون هذه الطريقة، فستخرج الاعتذارات من فمه بشكل طبيعي أكثر. ويمكن لبعض الفكاهة أن تطرّي الأجواء.
تعاملوا معه ببساطة وقولوا له: “أريد أن أتأكد من أنك تملك حلاً لتجنّب الشتائم عندما تشعر في المرة القادمة أنك عاجز عن السيطرة على مشاعرك.”
وأنتم، هل تطبقون هذه الطريقة؟ ما رأيكم؟
لا تترددوا في اطلاعنا على تجربتكم في التعليقات!