لأن تأسيس عائلة يتطلب الكثير من المسؤولية والتفكير المسبق، نعرض عليكم في هذه المقالة مختلف العوامل، غير المعروفة عموماً، والتي يمكن أن تؤثر على النمو العقلي والعاطفي للطفل. فالعلماء في مختلف البلدان يقومون بدراسات عديدة على نطاق واسع بهدف اكتشاف العلاقة بين النمو العقلي للأطفال وعمر أهلهم، بالإضافة إلى عوامل أخرى.
.1 ذكاء الطفل يتأثر بعمر أهله
كل مولود جديد هو نوعاً ما “طفرة جينية”. فعلياً، تحتوي جينات الولد حوالي 70 طفرة (أو جينة جديدة) غير موجودة لدى أهله. ينتج هذا عن واقع أن هذه الطفرات تحصل عن طريق تكرار ال DNA في لحظة الاندماج بين الحيوان المنوي والبويضة. كلما حدث تكرار أكثر لل DNA، كلما كان هناك احتمال أكبر أن يزيد عدد طفرات الجينات. وبما أن أغلب الجينات التي تحصل فيها طفرات، تعود خصوصاً للحوينات المنوية، فكلما كان الأب متقدماً أكثر في العمر، نقل طفرات أكثر لولده. وقد اكتشف العلماء أن عدد هذه الطفرات مرتبط مباشرة بالقدرات العقلية للطفل.
وكلما كان هناك طفرات أكثر في جينات الشخص، كان نموه العقلي أقل. نحن نخص بالذكر اختبارات ال IQ المعتمدة، الاختبارات التي تتعلق بالقدرات العقلية، استيعاب القراءة، الخ…بتعبير آخر، بالنسبة للطفل، ليس أمراً مستحباً أن يكون أبوه مسناً.
لكن فيما يتعلق بعمر الأم، الأمر مختلف قليلاً. كلما كانت المرأة متقدمة في العمر أكثر، كلما كان النمو العقلي عند ابنها أهم. يعترف الباحثون هنا أن العامل المسؤول هنا ليس الجينات، ولكن المستوى الاجتماعي والثقافي : امرأة ناضجة في العمر لديها، منطقياً، مستوى ثقافي وتربوي أعلى، والمزيد من الخبرة والقدرة على ضبط النفس، وهي أقل ميلاًَ للمغامرات وللمخاطر.
مهما كان الأمر، بحسب الإحصائيات، فإن أولاد الأمهات الصغيرات في السنّ غالباً ما يكون نموهم العقلي أبطأ.
.2 الفحص الجيني مفيد حتى لو كنتم تعتقدون أنكم بخير
تساعد الاختبارات الجينية على ال DNA عند الأهل في اكتشاف آثار لأي أمراض محتملة (إذا قمتم بهذه الاختبارات قبل الحمل)، أو يمكن إجراءها على ال DNA عند الجنين بينما هو ما يزال في الرحم. تكشف النتائج احتمالات أن يصاب الولد بمرض جيني أم لا.
قبل الحمل، يستحق اختبار الحمض الوراثي عناء القيام به، فقد تكونون تحملون جيناً مسؤولاً عن مرض معين بدون أن تعرفوا. سيشرح لكم أخصائيون في الصحة عندها ما هي احتمالات انتقال هذه الجينة لولدكم.
حدث موقف مشابه للأميركية شارون برناردي، التي خسرت سبعة من أولادها قبل أن يبلغوا السنة الثانية من العمر. كان كل منهم مصاباً بعارض Leigh الذي يصيب الجهاز العصبي المركزي. حاولت شارون مع زوجها عدة مرات إنجاب طفل بصحة جيدة. بلغ أحد أولادهما 21 سنة من العمر، ولكن كان عليه أن يأخذ أدوية بشكل مستمر، وكان يعاني من نوبات متكررة يمكن لأي منها أن تقتله.
.3 نمو الطفل يتأثر بدرجة عصبية الأم خلال الحمل
لكي ينمو الجهاز العصبي بشكل صحيح، من الضروري أحياناً أن يتلقى الدماغ بعض الضغط والتوتر. ولكن، من جهة أخرى، من المهم أن لا يزيد الأمر عن حدّه. الكثير من الانفعالات لا تنتج أحياناً أي خير.
في هذا الإطار، فحص فريق من العلماء في جامعة جون هوبكنز عدة نساء حوامل، أنهت كل منهن دراساتها العليا وكانت بصحة ممتازة، من الناحيتين الجسدية والعقلية. طوال مدة حملهن، ولغاية بلوغ أولادهن عمر السنتين، سجل الاختصاصيون معدلات الضغط النفسي عند أولئك النسوة، وكذلك القدرات العقلية عند اولادهن.
لقد لاحظوا أن الأولاد الذين مرت أمهاتهن بمستوى بسيط من الضغط النفسي أو المعتدل، كن أكثر نضجاً على الصعيد العقلي والجسدي. وبالمقابل : النساء اللواتي تعرضن لمستويات مرتفعة من الضغط النفسي والتوتر، لوحظ عند أولادهن بعض التأخر في النمو العقلي مقارنةً بالآخرين.
سمح هذا الأمر للعلماء بالتوصل إلى الاستنتاج التالي : خلال الحمل، لا يحتاج نمو الطفل سوى لجرعة بسيطة جداً من التوتر من جهة الأم، لكي يكون هذا مفيداً له.
.4 مزاج الولد يتعلق أيضاً بمستوى الضغط النفسي الذي تعيشه الأم خلال الحمل
لسنوات طويلة، كان يُنظر إلى مزاج الشخص على أنه صفة فطرية :”إنه مولود هكذا بكل بساطة”. اليوم، هذه الفكرة في طور التغيير شيئاً فشيئاً : الباحثون الذين يدرسون نمو الجنين داخل الرحم، يعثرون أكثر فأكثر على إثباتات أن الجنين يشعر بتوتر أمه، وأنه يمتص جزءاً من هذا التوتر أيضاً.
في خلال اختبار، راقب العلماء 50 امرأة حامل. قاموا بقياس نبض الأجنة ونبض أمهاتهم بينما كن يخضعن لاختبار Stroop (اختبار الهدف منه تحريك شعور معين عند الشخص). ما إن تجد المرأة نفسها في حالة قلق وتوتر، وكلما تقدمت في الاختبار، كان نبضها يزداد بطريقة ملحوظة، ونبضات الجنين تزيد أيضاً.
استخلص الباحثون الاستنتاجات التالية : إذا تفاعل الجنين مع توتر أمه عن طريق ازدياد نبضات قلبه بشكل ملحوظ، فإن احتمال أن يصبح الطفل مفرط النشاط تزداد هي أيضاً.
بكل تأكيد، كل هذه العوامل ليست الوحيدة. هناك الكثير من الأشياء التي تؤثر على النمو العقلي للطفل. مثلاً، لا يحبذ أن تعيش المرأة الحامل في منزل تعود التمديدات الصحية أو دهان الحائط فيه إلى أكثر من 20 سنة، بسبب احتمال وجود معدن الرصاص في مكوناتها.
ينصح خبراء آخرون بفحص الغدة الدرقية قبل الحمل : إذا كان نشاط الغدة الدرقية عند المرأة منخفضاً جداً، فهناك احتمال كبير جداً أن يكون الذكاء العقلي IQ عند الطفل منخفضاً.
مهما كان الأمر، ينصح الأطباء بالتركيز قبل كل شيء على صحة الطفل بشكل عام. فمن الأفضل أن نتخذ بضعة احتياطات إضافية حتى نؤمن بيئة سليمة للطفل المستقبلي من ألا نفعل شيئاً.
ما رأيكم بهذا المقال ؟ كلمونا عن تجربتكم الخاصة في الحمل، وكيف قمتم بتحضير أنفسكم، أو كيف تنوون فعل هذا ؟ ما هي أهم العوامل التي يجب أن تأخذوها بعين الاعتبار بحسب رأيكم ؟ ضعوا رأيكم في التعليقات ولا تترددوا في مشاركة هذا المقال مع الأشخاص الذين تعرفونهم !