التعلّم الذاتي أو عصامية التعلم
ثمة الكثير من الأمثلة عن أشخاص عصاميين على مستوى التعلّم، أشخاص تمكنوا، رغم كل العقبات، من تحقيق إنجازات استثنائية، من خلال التعلّم الذاتي. نذكر على سبيل المثال:
- جيرارد موليز، الذي لم يكن تلميذاً متقد الذكاء في المدرسة، ولكنه تمكن من تحقيق نجاح منقطع النظير بتأسيسه سلسلة متاجر أوشون.
- اعتمد أينشتاين في بادئ الأمر على قراءاته الشخصية للتعلّم، ومن ثم من خلال تبادل المعلومات مع زملائه.
- يشهد الجميع بأن جيمي هيندركس كان أحد أبرز عازفي الغيتار الالكتروني في العالم. ولكن قلة من الناس تعرف بأنه تعلّم العزف بنفسه.
- هجر فيليب جينستيت مقاعد الدراسة في سن السادسة عشرة. وافتتح أول متجر من سلسلة متاجر GIFI في سن السابعة والعشرين.
كيف يستطيع البعض التعلّم ذاتياً في حين أن البعض الآخر يحتاجون إلى من يحيط بهم أو حتى يدفعهم إلى بذل جهد وإن كان بسيطاً؟ كيف يمكن لبعض الأطفال إنجاز فروضهم المنزلية بمفردهم في حين أن البعض الآخر لا ينكبون على إنجازها إلا بعد مشاحنات يومية؟
ندرك اليوم أن المشاركة النشطة لطفلك في التعلّم تمكنه من تلقي المعارف بشكل أفضل. فالتعلم الذاتي هو مهارة تمكنه من المضي قدماً في الحياة، لأنها تجعله قادراً على الاعتماد على نفسه وليس على الغير كما تساعده على إيجاد حلول للعقبات التي قد تعترض سبيله. وفي حين أن تنمية هذه المهارة ليس بالأمر السهل، ترى بعض فلسفات التعليم أنه من الممكن توطيد هذه المهارة لدى طفلك. في ما يلي أربع حيل يمكنك تطبيقها بدءاً من اليوم لتعزيز القدرة على التعلّم الذاتي لدى طفلك، كي يتمكن من التعلّم بنفسه.
تراجعي خطوة إلى الوراء
- ” علميني أن أفعل ذلك بنفسي”، إنها إحدى الاقتباسات الأكثر شهرة لماريا مونتسوري، التي كانت ترى أنه بدلاً من القيام بالأشياء عن طفلك، يجب عليك تزويده بالمهارات اللازمة ليقوم بها بمفرده. ما يعني أن طفلك ليس بحاجة دائماً إليك، حيث أن حضورك المفرط بصفتك شخصاً بالغاً يعزز سلوكه السلبي والتعلقي. كيف يمكنك إذن مساعدة طفلك على أن يصبح أكثر استقلالية؟
- لا تبادري دوماً إلى مساعدته. اقترحي عليه، عندما يطلب منك المساعدة، أن يجري أولاً بعض الأبحاث، ويعبر بصوت عالٍ عما فهمه، وعما لم يفهمه وسبب عدم فهمه.
- دعيه ينجز بنفسه المهام التي يظهر مهارة فيها. اسندي إليه مسؤوليات جديدة بشكل منتظم.
- شجعيه على المشاركة، وتقديم الاقتراحات، والتعبير عن افكاره…
- علميه أن يكون مسؤولاً عن شؤونه، كترتيب ألعابه في صندوق الألعاب بعد انتهائه من اللعب، وكتبه في المكتبة، ووضع ملابسه المتسخة في سلة الغسيل، وترتيب محتوى حافظة أقلامه أو كتبه والعناية بها.
دعيه يقرر خياراته بنفسه
كلما زادت مشاركة طفلك في عملية اتخاذ القرارات، أصبح أكثر استقلالية وقادراً على التعلّم بنفسه. فقدرته على اتخاذ قرارات جيدة تزداد بين 8-9 وال 13 سنة وبين 12 و 17 سنة، حيث يطور القدرة على اتخاذ القرارات من دون مشاركة الأهل. إذ أن الاعتياد على اتخاذ القرارات يتيح له أن يطور التفكير الناقد، والمهارات الإبداعية وإيجاد الحلول.
تعودي على طرح أسئلة عليه تحثه على اتخاذ القرارات:
- ما الذي يمكن أن تجربه في المرة المقبلة؟
- ما هي الكلمة التي تزعجك وتمنعك من فهم المعلومات؟ حاول أن تجد كلمة أخرى لاستبدالها بها. هل باستطاعتك أن تدرك ما عليك أن تفعله الآن؟
- و ما الذي يجب القيام به، بحسب رأيك، للنجاح في تحقيق هدف مماثل؟ هل يقتصر الأمر على مرحلة واحدة أو يتطلب مراحل متعددة؟ ووفق اي ترتيب؟
- ما رأيك أنت؟
- وما الذي بإمكانك تغييره؟ ما الفرق الذي يمكن أن تفعله؟
يمكنك أيضاً اقتراح بعض الخيارات على طفلك، وتوفير إطار له حيث يملك حرية اتخاذ القرارات. وباستطاعة الأطفال الأصغر سناً أيضاً أن يتعلموا كيفية اتخاذ القرارات في سن صغيرة. إليك في ما يلي بعض الأفكار:
- يمكنك أن تقولي لطفلك إنه يستطيع اللعب بألعاب الفيديو لمدة ثلاثين دقيقة فور انهائه الأعمال المنزلية المسندة إليه.
- دعيه يختار ما يفضل أن يبدأ به من فروضه المنزلية: الأكثر صعوبة أو الأسهل؟ المادة التي يحبها أكثر من سواها؟ تمرين اللغة العربية أو تمرين الرياضيات؟
- لا تترددي، في ما يختص بالدروس المنزلية ( التعليم المنزلي أو التعليم أون لاين مثلاً) أن تقترحي على طفلك وضع برنامج خاص به، وفقاً للمواد التعليمية، وذلك بحسب عدد الدروس المطلوب تعلّمها على مدار السنة. يمكن بالتالي أن يختلف البرنامج بين أسبوع وآخر، طالما أن الطفل قادر على تسجيل التقدم الذي يحرزه مقارنة بالأهداف المتوخاة في نهاية السنة.
- اجعلي طفلك يشارك في أفكار إبداعية عن طريق حثه على تخيّل ألعاب أو أنشطة تساعده على ترسيخ معرفة أو درس تعلمه وهو يتسلى. اقترحي عليه مثلاً لعبة أو لعبتين لمراجعة جداول الضرب واطلبي منه بعد بضعة ايام أن يستنبط لعبة جديدة.
- يستطيع الطفل أيضاً اختيار مكافآته، حيث يختار الرقص مثلاً لمدة 10 دقائق بعد 30 دقيقة من الجهد لإنجاز فروضه أو حل تمرين معقد. كما يمكنه أيضاً قراءة فصل من روايته المفضلة، أو ممارسة تمارين الضغط أو الركض لبعض الوقت على الشرفة أو لعب لعبة الأونو