كل ولد قادر على أن ينجح في المدرسة وفي الحياة. ويمكن للعائلة والأقارب والأصدقاء أن يساعدوه على ذلك. بالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف أساعد ولدي على أن ينجح في المدرسة (وفي الحياة)؟
هناك أربع مفاتيح ستمنحكم قاعدة متينة لتساعدوا ولدكم على النجاح في المدرسة وفي الحياة:
- استعينوا بالقراءة للتعلّم باستمرار
- راقبوا الواجبات المدرسية واظهروا اهتماماً فعلياً بما يفعله ولدكم
- علّموه أن يستخدم الانترنت بشكل فاعل كي يتواصل مع العالم
- نمّوا سلوكه الايجابي وعلّموه أن يتحمّل مسؤولياته.
سنتناول في هذه المقالة المفتاحين الأولين على أن تتابعوا في المقالة التالية المفتاحين الأخيرين.
النجاح المدرسي: 4 مفاتيح للنجاح في المدرسة
ثمة فكرة مغلوطة في العالم تفيد بأنّ التعلّم يجري في الصف، وعندما نترك المقاعد الدراسية بعد نيل الشهادة، نكون مستعدين للعالم الحقيقي ولا نعود بحاجة لأن نتعلّم.
- خطأ
صحيح أنّ الولد يمضي الكثير من الوقت في المدرسة ليتعلّم: 160 يوماً على الأقل سنوياً. ما يمنحه 205 أيام ليفعل ويتعلّم ما يشاء! في الواقع، أظهر العديد من الدراسات أنّ الاختلاف في مستوى الصف لا يتشكّل بشكل خاص خلال الدروس بل في الخارج.
لنرى إذاً ما هي العناصر التي تشكّل الفارق…
1) التعلّم مدى الحياة: الدرب الملكيّة نحو النجاح
“كل القادة يقرأون ويحبون القراءة”
وأنا أكرر كلامي هذا غالباً: القراءة أنقذت حياتي. كنت في صغري من عشّاق القراءة، وكان باستطاعتي أن أمضي فترات بعد الظهر كلها غارقاً في قراءة القصص البوليسية. هذا الشغف تراجع خلال المرحلة المتوسطة ليعود من جديد في بداية المرحلة الثانوية.
اكتشفت حينها كتباً عملية لأطوّر ثقتي بنفسي، وأحسّن علاقاتي وأصل إلى أهدافي. وإذا كنت أعيش اليوم حياة تناسبني تفتّحت فيها شخصيتي، فإني أدين بذلك لوالديّ بنسبة 50% ولكل ما قرأته بنسبة 50%.
باختصار: إن لم يكن بإمكانكم أن تمنحوا ولدكم سوى شيئاً واحداً لينجح في المدرسة وفي الحياة، فامنحوه حب القراءة. إنه المفتاح للتعلّم باستمرار.
إليكم أفضل الحيل لإثارة الرغبة في القراءة لدى الولد:
- ابدأوا في أسرع وقت ممكن. يمكنكم أن تبدأوا حتى مع الطفل الصغير فاقرأوا له قصصاً بصوت عالٍ، لبضع دقائق فقط في البداية، ومرات عدة في اليوم. عندما يكبر، دعوه يختار القصص واطرحوا عليه أسئلة عما فهمه من القصة، وعن الشخصيات، والعلاقات، الخ… لا تجبروه على القراءة، بل ينبغي أن تصبح لذة بالنسبة إليه.
- اقتنوا العديد من الكتب في البيت. مجلّات، صحف، روايات، قصائد، قصص قصيرة: احرصوا على أن تحتفظوا في المنزل بكتب تتناسب مع عمر الولد. إنّ لمس الولد للأوراق والكتب واحتكاكه بها سيدفعانه حكماً إلى الاهتمام بها. يمكنكم أن تخصصوا ركناً للقراءة حيث تستطيع العائلة أن تقرأ بهدوء وسلام أو أن تضعوا مكتبة صغيرة في غرفته.
- اطلبوا المساعدة إن دعت الحاجة. يواجه بعض الأولاد صعوبات في تعلّم القراءة: مشكلة في النظر، عسر القراءة… يمكنكم أن تطلبوا النصيحة من المدرّس أو من جمعيات أهالي الطلاب.
لا يهم الوقت الذي يتطلّبه ذلك: فكل الأولاد قادرون على أن يتعلموا القراءة. تسلحوا بالصبر وتذكروا دوماً أنّ هذا سيشكّل فارقاً كبيراً في حياة الولد ونجاحه.
2) مراقبة الواجبات المدرسية
أفهموا ولدكم أنّ الفروض المدرسية مهمة لمتابعة ما تم شرحه في الصف وما قالته المدرّسة إنما من دون أن تبالغوا في الضغط عليه. إليكم بعض الأساليب لمساعدة الولد في انجاز واجباته:
- حددوا مكاناً خاصاً للفروض والتعلّم. يجب أن يكون المكان بسيطاً ومرتباً جيداً. ضعوا مكتباً صغيراً في غرفة الولد أو طاولة في غرفة الاستقبال مثلاً. احرصوا على إضاءة المكان وعلى أن يسود الهدوء فيه فيما الولد يعمل. ضعوا في متناول يده كل ما يحتاجه ليتجنب أيّ حركة وفوضى: أقلام حبر، أوراق، كتب، آلة حاسبة، ممحاة، زجاجة ماء…
- حددوا وقتاً وجدولاً زمنياً منتظماً للفروض. اتبعوا نظاماً محدداً في انجاز الفروض، فهذا يساعد الأولاد على البدء بها وانهائها. مما لا شك فيه أن التنظيم الجيد يعتمد في جزء منه على عمر الطفل وحاجاته. إن كان ولدكم مستقلاً بما يكفي، فيمكنكم مناقشة الأمر معه ووضع الجدول الزمني الذي يناسبه أكثر.
- تخلّصوا من كل ما يمكن أن يلهيه.كلما كثُرت الأشياء من حول ولدكم، كلما قلّ تركيزه على ما يفعله. وهذا يعني إطفاء التلفزيون وإبعاد الهاتف واللابتوب والحفاظ على جو هادئ في الغرفة خلال انجاز الفروض.
- لا تتوقعوا منه الكمال. عندما يطلب الطفل المساعدة، لا تشيروا على الفور إلى المشكلة أو الخطأ بل اطرحوا عليه اسئلة حول التعليمات او التوجيهات، واهتموا بشكل خاص بما فهمه.
كلمة أخيرة: مساعدة الولد في واجباته المدرسية لا يعني انجازها بدلاً منه. وحتى لو كنتم لا تبرعون في المواد التي يدرسها الولد، يمكنكم أن تساعدوه ببساطة عبر اعتماد سلوك ايجابي، وطرح أسئلة عليه والاستماع إليه.