حفظ جدول الضرب
يعد جدول الضرب من الأساسيات في علم الرياضيات. وعادةً ما يتم تحفيظ جدول الضرب للأطفال في سن مبكرة. لكنه يُعتبر من أكثر المهام الصعبة التي واجهت الكثير من الآباء والأمهات عند تعليم أطفالهم.
إلا أننا اليوم أصبحنا نستطيع إجراء حسابات سريعة لمسائل رياضية، عبر خطوات صغيرة باستخدام الآلة الحاسبة. فهل يحتاج الأطفال فعلا إلى حفظ طرق حل المسائل الحسابية في رؤوسهم؟ اليكم الردود في هذا المقال من تربية ذكية.
القدرات التي يحتاجها الأطفال للوصول إلى مرتبة التفوق
هناك جدل بشأن المهارات الحسابية التي يتعلمها الأطفال في سن 11 عاماً، وهو جدل يلقي الضوء على ما هي القدرات التي يحتاجها الأطفال للوصول إلى مرتبة التفوق.
في هذا الصدد تقول وزيرة التعليم البريطانية نيكي مورغان، إن جميع الأطفال ينبغي لهم أن يحفظوا جدول الضرب للأطفال قبل تركهم مرحلة التعليم الابتدائي، في سن 10 إلى 11 عاماً.
فعلى الرغم من وجود الآلات الحاسبة والهواتف الذكية؟ هل تتغير رغبة الأطفال ونظرتهم تجاه الأشياء التي تحتاج إلى مهارات أكبر؟ وما الذي يجب أن يتعلموه بالفعل، من أجل تحقيق النجاح في بيئة عمل القرن الحادي والعشرين؟
ظهور الآلات الحاسبة وأجهزة الكومبيوتر وتأثيرها على المهارات الفكرية للأطكفال
بدأت تظهر الآلات الحاسبة في الفصول التعليمية في دول الغرب في سبعينيات القرن الماضي. وكانت تلك الآلات الحاسبة متاحة قبل ذلك، لكن مع انخفاض أسعارها وصغر حجمها ظهرت أنواع متعددة منها، على نحو أثار تساؤلات تتعلق باستخدامها.
فإذا كان الأطفال في استطاعتهم إجراء حسابات سريعة لمسائل رياضية، بنقرات قليلة على أزار الآلة الحاسبة. فهل يحتاجون فعلاً إلى حفظ طرق حل تلك المسائل في رؤوسهم وهل من الضروري تحفيظ جدول الضرب لهؤلاء الأطفال؟ وكبديل عن كل ذلك، هل أسهمت أجهزة الكمبيوتر المصغرة بالفعل في وقف نمو ذكاء الأطفال، نتيجة توقف تعلم مبادئ الحساب؟
بدت الآلات الحاسبة بطبيعة الحال غريبة في بعض المناطق في العالم. وحلت بدلاً منها أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية. وعلى الرغم من ذلك لم يتوقف الجدل بشأن مهارات الصغار. وهل ينبغي أن يتقن هؤلاء الأطفال استخدام التكنولوجيات الجديدة كالإنترنت؟ وهل مازالت الكتابة بخط اليد موجودة، أم أن إتقان الكتابة باللمس أكثر ملاءمة للقرن الحادي والعشرين؟
إجابة رجال الأعمال البريطانيين على تعليقات نيكي مورغان
كانت إجابة رجال الأعمال البريطانيين على تعليقات نيكي مورغان مألوفة. فقد دأبوا الشكوى من أن المراهقين البريطانيين يغادرون المدرسة دون أن يتم حصولهم على المهارات المطلوبة، التي تكفل لهم سبل النجاح في قطاعات العمل. وأصدر جون كريندلاند، باتحاد الصناعة البريطاني، بياناً يقول فيه إن مهارات القراءة والكتابة والحساب مازالت، بكل أسف، قضية في حد ذاتها.
كما انتقد الاتحاد في الماضي عدم توفر “مهارات” لدى المراهقين، مثل قدرتهم على التواصل واتجاهاتهم الفكرية الشخصية.
رأي الخبيرة هاياشكاوا:
وقالت الخبيرة هاياشكاوا: “الأطفال بحاجة إلى فهم أساسي لتلك (التكنولوجيا)، بحيث لا يمكن أن تتلاعب بهم.” وعلى الرغم من ذلك يعتبر التعامل مع التكنولوجيا في كثير من البلدان هدفاً صعب التحقيق. وأضافت: “يجب علينا التركيز على القراءة والكتابة والحساب. لكن بعض البلدان لا يمكنها تحقيق أكثر من ذلك. إما لأنها تفتقر إلى المرافق والموارد، أو لأن المعلمين يفتقرون إلى المعرفة”.
الإستشاري بمؤسسة التعليم الدولي في باريس
يعتقد بعض النقاد أن مسألة ما يجب أن يفعله الأطفال بالمعارف التي يكتسبونها، لا تقل أهمية عن عملية التعلم نفسها. ويقول جون بانغز، استشاري بمؤسسة التعليم الدولي في باريس، وهي مؤسسة تمثل المعلمين في شتى أرجاء العالم، إن تلك البلدان التي تحقق نتائج جيدة في مراتب التعليم الدولي تشترك في نفس الموضوع.
بالإضافة إلى ذلك يقول بانغز: “سنغافورة وكندا وفنلندا – تركز جميعها على تطوير مهارات الأطفال الذين يتعلمون ذاتياً.” كما أنه يضيف بأنه “بإمكانهم أن يسألوا أنفسهم أسئلة. ويتعلمون حقائق أيضاً، ويتعلمون أيضاً كيفية تطبيقها”. فإن كان تطبيق حل المشكلة يمثل جزءاً أساسياً في عملية التعلم، فإن مبيعات الألعاب الصينية تشير إلى تنمية تبعث على الحيرة. فمبيعات ليغو (المكعبات) سجلت زيادة كبيرة هناك، في الوقت نفسه استقرت في أكبر سوق لها في أمريكا الشمالية. فأي يد تتمتع بحس تخيلي يمكنها أن تستخدم تلك المكعبات في صناعة جميع الأشياء، من القطارات وحتى سفن الفضاء.
أندرس جاكوبسن، رئيس مؤسسة الاستثمار والبحوث
ويقول أندرس جاكوبسن، رئيس مؤسسة الاستثمار والبحوث ومقرها بين هونج كونج وأوروبا، إن الإبداع المتأصل في اللعبة هو مفتاح نجاحها في الصين. يعتقد أن المدارس الصينية لا تشجع حاليا هذا النوع من حل المشكلات، كما يضيف: “ربما يواجه التعليم الرسمي تحديات بشأن كيفية دمج هذه الأهداف بشكل فعال في نظام يقدر البناء والنسق الواحد.” كما أنه يؤكد أنه:”لا شك لدي في أن القيادات السياسية في بكين على حد سواء تحرص وتركز على أفضل السبل لإعادة تشكيل البر الرئيسي للصين والحفاظ عليه باعتباره المبتكر”. فالقراءة والكتابة والحساب، وحل المشكلات والإبداع كلها سمات تشير إلى أن الأطفال بحاجة إلى التعلم.
جون إدواردز، مدير شركة دراغون فلاي للأكواد الرقمية في إسبانيا
أما جون إدواردز، مدير شركة دراغون فلاي للأكواد الرقمية في إسبانيا، فقد أكد أن هناك أشياء أخرى غير ذلك. يجري إدواردز مقابلات عديد مع الموظفين المرشحين لشغل وظائف كل عام، ومعظمهم يتمتع بذكاء فني. ويصف مقابلة حديثة أجراها عبر برنامج “سكايب” مع موظف أجنبي جديد ناجح، قائلا “كان فصيح الكلام ومهذبا.” وأضاف :” هذه هي أكثر المهارات التي ينبغي أن يتعلمها الناس لأن براعة التقديم بالغة الأهمية.” وقال :”يجب أن يكون لديهم المهارات الفنية بالطبع، ولكن إذا كان لديهم ذلك بالفعل، فسوف أدقق في اختيار الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات شخصية.”
لكن هل يجب أن يعرف هؤلاء جداول الضرب وطريقتها؟ يقول إدواردز بشأن ذلك: “أود أن يعرفها الناس بدلا من استخدام الآله الحاسبة. ليس لإظهار القدرة على ترديدها، بقدر إثبات قدرتهم على التعلم.”