منذ بعض الوقت و أنا أطرح على نفسي العديد من الأسئلة. و قد كثُرت تلك الأسئلة مع حكايات سوبر ناني التي عرّضتها للانتقادات.
أرى وأقرأ كلّ هذه التعليقات عنها, فتتركني في حيرة من أمري. من الواضح أنّ البعض لم يفهموا أنّ التربية تتطوّر.
أعلم جيدًا أن كلّ فرد حرٌّ, في أفكاره وآرائه وخياراته. و أنا لا أشكك في ذلك.
لكنّني ما زلت أتساءل عن كلّ هؤلاء الأشخاص, الذين يعتقدون أنّ ضرب الطفل لن يُضرّه ابداً، و يعتقدون أن الصّراخ عليه يساعده على الفهم بشكل أفضل، و أنّ معاقبته ستُعلّمه الاحترام …
أتساءل عن هؤلاء الأشخاص الذين يعتقدون أنّ التحكّم هو أساس التربية، و اذا لم نستخدم السلطة مع الأطفال, فسيصبحون مجرمين مضطربين نفسيّاً, جانحين وقتلة.
أتساءل عن هؤلاء الناس الذين يعتقدون أننا إذا لم نمارس سلطتنا، فاذاً نحن متساهلون، وبالطبع فانّ عواقب التّساهل ليست أفضل من عواقب التحكّم.
لذا أتساءل مجدّداً عن هذا الخلل في التّوازن، اذا كانت السلطة موجودة في الكفّة اليمنى من الميزان، فانّ التّراخي موجود في الكفة اليسرى. لماذا لا نُراجع معاييرنا و نعدّلها حتّى نجد هذا التوازن؟
لماذا يرفض هؤلاء الناس ما هو واضحٌ تماماً أمامهم؟ لقد أثبت علم الأعصاب هذه النظريات. و رفضُ هذا يعني رفض 1 + 1 = 2. ما نقوله منطقيٌّ جداً.
هؤلاء الأشخاص هم أوّل من يشتكي من العالم الذي يعيشون فيه، لكنّهم بالتأكيد, لا يريدون رؤية الحلول (ناهيك عن المحاولة). عندما لا يُنظّف مسحوق الغسيل الملابس جيداً، نُغيّره. وهذا الأمر مماثل.
التربية تتطوّر
في بعض الأحيان, أريد أن أمسك بهؤلاء الناس و أهزّهم بقوّة. على الرغم من أنّ فعل هذا ليس بالعمل الجيّد، أعلم، و لكن أنا ايضاً لا أستطيع أن أسيطر على مشاعري في بعض الأحيان …
- و لكن طفح الكيل!
- اللعنة! افتحوا أعينكم المُغمضة!
- توقّفوا عن هذا الهراء!
- كيف يمكنكم أن تصدّقوا أنّ طفلًا يبلغ من العمر 3 أشهر يمكنه أن يبكي ليتلاعب بكم؟
- وأنّى لقلوبكم أن تطاوعكم لتتركوه يبكي؟
- كيف يمكنكم أن تتخيّلوا أنّ الطّفل أتى فقط ليُزعجكم؟
- كيف يمكنكم أن تصدّقوا كلّ هذا الهراء؟
- هل حقّاً تعتقدون أنّكم تلدون شياطين و أنتم وحدكم من يستطيع انقاذهم، أنتم من سيجعل هؤلاء الأطفال ملائكة حقيقيّون؟ لا تعليق! أنا أحيّيكم…
جدّياً، أنا لم أسمع أبدًا بهذه النظرية التي تقول أنّ جميع الأطفال مضطربون نفسيّاً. حتى نعاقبهم، ونتركهم يبكون، ونجعلهم يطيعوننا باشارة من اصبعنا أو بنظرة غضب منّا, لكي يصبحوا أناسًا “طبيعيّين”.
علينا حقًا التوقف عن التّعامل مع الأطفال على أنّهم وحوش.
إنّ رؤية معاناة بعض الأطفال, أمر مؤلمٌ للغاية. بعض المواقف التي أراها في الشوارع أو المتاجر أو حتى المطاعم, تجعلني أشعر بالأسى. خاصّةً وأنّ هذه المواقف تافهة للغاية … مثل الفتاة الصّغيرة التي تجرّها أمّها من يدها لأنها لا تتحرك بالسرعة الكافية. أو الطّفل الصّغير الذي حُرم من الحلوى لأنه لم يرد أن يقول “صباح الخير” … هذا يثير استيائي.
ترقبوا المقالة القادمة: توقفوا عن تعذيب أطفالكم