كلنا نود لو نربي أطفالنا بطريقة مثالية، ونتمنى أن يتمتع طفلنا بشخصية قوية وثقة بالنفس بين الناس. كلنا نود أن يكون أطفالنا سعداء. لكن هل كثرة الدلال والإفراط في التساهل يساعدون طفلكم حقاً؟ أم أنَكم بذلك تكوّنون داخله شخصاً عنيداً اعتاد أن يحصل على كل شيء دون جهد. يجب أن تسألوا أنفسكم قبل فوات الأوان “هل تفسدون طفلكم بكثرة التساهل معه؟”. إليكم الجواب عبر هذا المقال من موقع التربية الذكية.
إفساد الطفل بالدلال:
تخيلوا امرأة تُدعى ميغان تتسوّق في السوبرماركت مع ابنها كايل البالغ من العمر خمس سنوات. وفيما هما ينتظران في الصف ليسددا الحساب، يرى كايل سيارة سباق صغيرة على احد الرفوف ويطلب من ميغان أن تشتريها له.
يقول وقد ابتسم أكثر ابتساماته سحراً: «أرجوك يا أمي؟ يمكنك أن تحتفظي بمصروفي التالي».
تتنهد ميغان وتجيب: «كايل، لقد اقترضت من المصروف بحيث لا يحق لك أن تحصل على أيّ مال حتى الشهر القادم. ما من ألعاب اليوم».
إلا أن كايل لن يستسلم بسهولة، فيأخذ السيارة ويضعها بحزم أمام الصندوق مع المشتريات قائلاً وقد عقد ذراعيه على صدره وأبرز ذقنه: «أريدها».
- قلت لا يا كايل.
تصاعد الموقف
بدأت ميغان تشعر بالغضب. وارتفع صوت كايل كما فعل صوتها وبدأ المتسوقون الآخرون يلتفتون إليهما ويراقبون ما يجري بينهما.
- إذا لم تحسن التصرف على الفور فلن تحصل على آيس كريم بعد العشاء الليلة.
صرخ كايل: «لا يهمني الآيس كريم المقرف. أريد السيارة وأريدها الآن! أنت شريرة. لا تدعينني أحصل على شيء أبداً!»
وراح كايل يصرخ بغضب، وأخذ الكل يشاهد ما يحصل بينهما. بدا وجه كايل قرمزياً ومغطى بالدموع فيما رغبت ميغان في أن تنشق الأرض وتبتلعها.
قالت بصوت خافت كالفحيح لابنها وهي تمسك بكوعه: «حسن، يمكنك أن تحصل على السيارة. اصمت وحسب!»
الخلاصة
من المؤكد الآن أنك لن تستسلمي لطفلك بهذه الطريقة. لكن فكري في أصدقائك وجيرانك الذين قد يفعلون. ما الذي تعلّمه كايل من تصرفات أمه؟ ثمة احتمال كبير في أن يستمر في تجاهل الحدود التي تضعها وأن يصاب بنوبات غضب إذا لم يحصل على ما يريده لأنه يعلم أنها ستستسلم.
الجواب هو نعم: أنتم تفسدون طفلكم بكثرة التساهل معه. إذ يدلل الأهل أولادهم لأنهم يحبونهم. يتساهل الأهل مع أولادهم ويفشلون في الالتزام بالحدود لأنهم يحبونهم. لكن الدلال والتساهل لا يعلمان الأولاد أيّ مهارات مفيدة، طويلة الأمد. لا بل يتعلم الأولاد الأنانية والتلاعب بمشاعر الآخرين وعدم احترام حاجاتهم. قد تستمتعون بمنح أولادكم الهدايا والأطايب وقد تجدون صعوبة في المثابرة والإصرار عندما يتجاوزون الحدود، ولعلكم تظنون أيضاً أن التأديب غير لطيف. لكن هل من مصلحة أولادكم على المدى الطويل أن يُدللوا إلى حدّ الإفساد؟ هل عليكم أن تحمِّلوهم مسؤولية أفعالهم؟
يقول الدكتور دانيال سيغيل إن نوعاً من المسرّع ينطلق في دماغ الطفل عندما يسمع كلمة «نعم» فيما يدوس عقله على المكابح عندما يسمع كلمة «لا». تساعد الحدود المنطقية الطفل على تنمية سيطرة عاطفية تمكّنه من تنظيم اندفاعاته ونزواته ومن التصرف بطرق مناسبة.