طفلكِ الذي لا يبلغ سوى ثلاث سنوات يظهر سلوكيات سيئة، كالعناد أو ضرب أخيه أو الصراخ أو الكذب أو عدم التعاطف مع الآخرين. طفلكَ يتجاهلكَ ويرفض التحدث إليكَ ويدّعي أنه مشغول حين توجّه له الحديث. جميعنا نشتكي من النتيجة ولا أحد يبحث عن السبب. لا تتفاجَئوا حين نخبركم بهذه الحقيقة: أطفالكم نسخٌ مصغرة عنكم. قبل أن تتذمروا من تصرفاتهم، راقبوا تصرفاتكم!
طفلكم لا يفعل ما تقولونه.. طفلكم يفعل ما تفعلونه!
اقتربت الأم بهدوء من ابنتها وقالت “هيا يا صغيرتي، حان وقت النوم”. فتجاهلتها ابنتها التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات وأكملت اللعب. فحاولت الأم تمالك غضبها وكررت بهدوء “أنا أتكلم معكِ، أصغي إلي، انتهى وقت اللعب، حان وقت النوم”. فبدأت الطفلة تدّعي بأنها تكلّم لعبتها دون أن تلتفت إلى أمها. غضبت الأم واحتدّ الموقف وبدأت بالصراخ “أنتِ طفلة عنيدة جداً، هيا انهضي، وإلا لن أسمح لكِ باللعب بهذه اللعبة غداً”. فالتفتت الطفلة وأجابت بنفس الحدة “لا أريد أن أنام!”
لا داعي لشرح باقي تفاصيل الحوار والصراخ والجدال ونوبات البكاء. كلنا مررنا بهذه التجربة. لكن ما من أحدٍ منا تساءَل عن شعور طفله وسبب تصرّفه بهذه الطريقة. كل تركيزنا يكون على فرض سلطتنا فحسب، متجاهلين ما دفع هذا الكائن الصغير إلى الانفعال والتصرف بعدوانية.
سنروي لكم الحوار الذي دار بين الأم وابنتها في نهار نفس اليوم
إقتربت الطفلة بهدوء من أمها وقالت “أمي هلا تلعبين معي قليلاً”. كانت الأم منهمكة ببعض الأعمال المنزلية فلم تنتبه لابنتها. فكررت الطفلة بهدوء “أمي أنا أريد أن ألعب معكِ، لِمَ لا تصغين إلي؟”. فرن الهاتف قبل أن تجيب الأم على ابنتها، وكانت المكالمة مع صديقتها حول مشكلة عائلية، وطالت المكالمة ونسيت الأم أن ابنتها كانت تكلّمها. فصرخت الطفلة غاضبةً “أنتِ لا تحبينني، ولا تلعبين معي أبداً”. فانفعلت الأم وبدأت تكلّم ابنتها كأنها محور مشاكل الكون بأسرها صارخةً “لِمَ لا تلعبين بمفردكِ؟ قلتُ لكِ إنني مشغولة؟ عليّ تنظيف المنزل وتحضير الطعام قبل أن يصل والدكِ! هيا اذهبي الآن”.
نفس الحوار ونفس الأسلوب ونفس اللامبالاة ونفس العناد. نعم هي الحقيقة، إن تمعّنتم في أطفالكم ستجدون أنهم نسخ مصغرة عنكم. الطفل لا يولد عنيداً أو مشاكساً أو ربما حزيناً أو عدوانياً، كلها صفاتٌ يكتسبها من محيطه. راقبوا أنفسكم، راقبوا تصرّفاتكم، راقبوا كلماتكم، وكونوا كما تريدون أن يكون طفلكم. أنتم القدوة التي يحاول الطفل التشبه بها ولو دون قصد. أنتم مثال طفلكم الأعلى.
ترقبوا الجزء الثاني من مقال”أطفالكم نسخٌ مصغرة عنكم” عبر موقع التربية الذكية لمعرفة ما الذي عليكم فعله لتكونوا قدوة صالحة وتتحكموا بتصرفاتكم أمام أطفالكم، وما الذي عليكم تجنب فعله أمامه.