لا يجد ابني أيّ صعوبة في التعامل مع غيره من الأولاد لكنه يبدو أقل ارتياحاً في مواجهة البالغين الذين لا يعرفهم جيداً أو لا يعرفهم على الاطلاق.
يحتاج لبعض الوقت كي يسمح لأصدقائنا بالتعامل معه، ولا يجيب دوماً على الأسئلة التي تُطرح عليه، كما أنه احتاج لبضعة أشهر قبل أن ينظر إلى مدرّساته بشكل مباشر عندما يتحدثن إليه…
هل الأمر خطير أيها الطبيب؟ لا أعتقد هذا. فالخجل يعكس طباع الطفل، لكن لمَ نعلّق أهمية على أن يحتاج بعض الوقت ليتعوّد على الأشخاص الجدد أو المواقف الجديدة، طالما أنّ خجله هذا لا يمنعه من أن يكون فرحاً، فضولياً، منفتحاً؟ إلا أنّ الخجل يمكن أن يخفي خلفه انزعاجاً أو كرباً، أو على الأقل عدم ثقة بالنفس، وفي هذه الحالة، يُفضّل أن نتدخّل قبل أن يتحوّل الخجل إلى عائق في حياة الطفل اليومية، فيمنعه من تشكيل الصداقات أو يجعله محط سخرية.
ما العمل؟ كيف نواكبه كي يتمكّن من التغلّب على خجله؟
إليكم بعض السبل التي من شأنها أن تساعدكم:
طفل خجول: المطبات التي ينبغي تجنّبها!
لنبدأ بالسبل التي ينبغي ألا نتبعها… فهي تزيد الطين بلة حتى وإن كنا نعتقد أنّ ما نقوم به هو الصواب.
• وضعه ضمن قالب “الطفل الخجول” النمطي
وقعنا كلنا (أنا فعلتها على الأقل) في يوم ما في خطأ تبرير سلوك الطفل الذي يرفض أن يلقي التحية بقولنا على سبيل المثال: “لا تأخذ الأمر على محمل شخصي فهو خجول!”. تترك بطاقة التعريف التي يلصقونها بنا آثاراً سلبية علينا، فهي تفقدنا الثقة بأنفسنا كما تحتجزنا لوقت ليس بقصير في دور يصعب علينا التخلّص منه… علينا إذاً أن نتجنّب نعت الطفل “بالخجول”، لاسيما أمامه وأمام الآخرين! عندما يرفض أن يلقي التحية أو أن يجيب عن سؤال ما، فلمَ لا نقول: “يحتاج لبعض الوقت كي يتعوّد عليك؟”
• توبيخ الطفل وإذلاله واحراجه
أنا شخصياً من النوع الذي يقلق ويتوتر كثيراً (نعم نعم!) وأعتقد أنّ ما من شيء أسوأ من أن يذكّرني الآخرون ويشعرونني على الدوام بأنّ عليّ أن أغيّر سلوكي أو أن يُقال لي “استرخي!”… فهذا يزيد من توتري أكثر! لكن، إن كنت مع أشخاص هادئين، لا يسمحون للضغط النفسي بأن يسيطر عليهم، فهذا يساعدني على أن أهدأ.
ينطبق الأمر بعض الشيء على الطفل الخجول. وبدلاً من أن نقول له: “يمكنك أن تبذل بعض الجهد لترد على صديقتي عندما تتحدّث إليك!” أليس من الأفضل أن نساعده على أن يشعر براحة أكبر في حضور هذا الشخص الذي لا يعرفه؟ ويبدو لي مهماً أيضاً ألا نسخر منه في حضوره إذ قد يسيء تفسير كلماتنا ويشعر بالإحراج والاذلال. لنتجنّب على سبيل المثال إخبار الجميع بأنه لا يزال يتبوّل في سريره أو أنه لا يعرف كيف يأكل بشكل لائق…
• إجباره على أن يتعامل مع الآخرين
وفي الإطار نفسه، يمكن لإجبار الطفل على أن يلقي التحية أو أن يلعب مع غيره من الأطفال أو أن يتحدّث أمام جمهور ما، أن يفاقم حالته ويزيدها سوءاً. سيشعر بأنكم لا تفهمونه، وبأنكم لا تحترمونه. لنقدّم له المفاتيح اللازمة كي يتجاوز خجله ولنترك له الوقت الكافي كي يفعل ذلك بنعومة!
• المبالغة في حمايته، وتجنيبه أيّ موقف صعب
سيأتي تجنيبه أيّ مواجهة مع أشخاص جدد ومواقف جديدة، بحجة أنه خجول، بنتائج عكسية: فنحن نخاطر بحصره في دور “الخجول”، وبتدعيم شعوره “بالخطر” أمام المجهول. إن كان ابني يشعر بالخوف من الصعود إلى الزلاجة في الحديقة العامة، فهل عليّ أن أبعده عنها نهائياً مع الاقرار لمرة واحدة وإلى الأبد بأنه “جبان”، أم عليّ أن أقترح عليه البدء بالدرجة الأولى ومن ثم الثانية، الخ… حتى يصبح قادراً على الصعود إلى الأعلى والنزول وحده؟ لكم أن تخمّنوا…