الذكاء و المهارات الإدراكية والأكاديميةلعلك قابلت أهلاً يسعون لأن يجعلوا من أطفالهم عباقرة بدءاً من يوم ولادتهم عبر إحاطتهم بمحفزات أكاديمية. تخيلي ثنائياً هما ميريام ودانيال وقد تملكهما الحماس عند ولادة ابنهما داني.. وصمما على أن يمنحاه أفضل بداية ممكنة في الحياة. اشتريا الكثير من الكتب عن نمو الطفل وتطوره؛ وراحا يقرآن لداني باستمرار ويسمعانه الموسيقى الكلاسيكية والجاز فيما هو يلعب أو أثناء نومه.
زيّنا غرفة داني بحروف الأبجدية، وعندما بدأ يدب علّقت ميريام على الأثاث والأغراض الأخرى في المنزل الكلمات المناسبة. وفيما داني يدب في عالمه راح يجد كلمات مثل كرسي، أرنب، طاولة على مستوى نظره. كان دانيال وميريام مقتنعان بأن داني سيتمكن من القراءة وهو في سن الثالثة. ولو عاد الأمر لهما، لأصبح داني نجماً أكاديمياً.
وقائع
أوردت سوزان جيلبرت في كتابها Field Guide to Boys and Girls أن عدد الكلمات التي توجّه إلى الطفل في كل يوم هو المؤشر الوحيد الأهم إلى ذكاء الطفل ونجاحه الأكاديمي وقدراته الاجتماعية في السنوات المقبلة. يبدو أن الكلام ينشّط ويقوي تشكّل المشابك الكيميائية في دماغ الطفل الذي ينمو.
يريد كافة الأهالي أن ينجح أولادهم في الحياة.
لكن هل يحتاج الأطفال فعلاً إلى بطاقات تذكير وتعليم منهجي؟
في الواقع، لا، فالأطفال لا يحتاجون إلى تعليم منهجي. فأهم ما يتعلمونه في بداية حياتهم يتم في إطار العلاقات؛ بالتالي يحتاج طفلك إلى التواصل معك والارتباط بك. كما أن القراءة معاً واستكشاف العالم من حولكما هما طريقتان رائعتان لتشجيع قدرته على اكتساب اللغة والتعلّم.
لا يشجّع التلفزيون (حتى البرامج التثقيفية) على تطوّر المهارات الكلامية، صدّقي أو لا تصدّقي. سيتعلم ابنك الكلام عبر التحاور معك وعبر الاستماع إلى حديثك وعبر البدء بتقليدك.
يمكنكما أن تغنيا أغاني الأطفال معاً (التي تعلّم إيقاعات الكلام)؛ ويمكنك أن تجلسي ابنك في حضنك وتنظران إلى كتاب مصوّر معاً. أشيري إلى الأغراض في الكتاب وسميها بأسمائها. يمكن للحياة اليومية أن تصبح مختبراً رائعاً للتعلّم فيما أنتما تتشاركان الكلمات والأفكار.
لكن ما من داعٍ لأن تضغطي عليه أو تدفعيه للتعلّم؛ في الواقع، يرى بعض الخبراء أن إجبار الأطفال على التعلّم قبل أن يصبحوا جاهزين سيجعل من الصعب عليهم أن يتعلموا لاحقاً وقد يؤدي إلى ملل أو انزعاج عند بلوغ مرحلة الدراسة في المدرسة.
تحذير!
وجدت إحدى الدراسات الحديثة أن الأمهات يشجعن المهارات الكلامية بشكل متساوي عند الأطفال الذكور والإناث حتى سن الثمانية أشهر. إلا أن أمهات الصبيان الذين يصبحون أكثر حركة وحيوية في مثل هذا العمر، يقللن تركيزهن على الكلام ويتركن أبنائهن يركزون على النمو الجسدي أكثر من المهارات الكلامية.
لعل أفضل طريقة لتشجيع ابنك الصغير على التعلّم هي أن تحبي التعلّم أنت أيضاً وأن تشاركيه الأمور التي تثير اهتمامك. يمكنكما أن تستمعا إلى الموسيقى معاً وأن تستمتعا بالكتب والصور وأن تتحدثا عن العالم من حولكما. يمكنكما أن تلعبا وأن تتحدثا فيما أنتما تلعبان. لا، لن يفقه كل كلمة لكنه سيتعلم من نبرة صوتك ومن تعابير وجهك. إن أفضل ما يتعلمه ابنك في سنته الأولى هو حبك واهتمامك وعلاقته التواصلية معك.
المهارات الكلامية هي السبيل إلى تنمية الذكاء والمهارات الأكاديمية والإدراكية
ماذا لو ظننت أن ثمة خطباً ما؟
ينمو كافة الأطفال، حتى أكثرهم صحة وسعادة، على طريقتهم الخاصة ووفقاً لوتيرتهم الخاصة. لكن الأهل يقلقون أحياناً من أن الطفل لا ينمو ولا يتواصل بالطريقة التي يظنون أن عليه أن يفعل بها.
يعتقد بعض الخبراء اليوم أن واحداً من 110 أطفال يمكن أن يصاب بنوع من أنواع التوحّد وهو اضطراب معقّد يؤثر في كيفية تعلم الطفل ولعبه وحديثه وعلاقته بالآخرين. ثمة نقاش حالياً حول الأسباب الدقيقة للتوحد، لكن أمراً واحداً بات واضحاً: إن التدخل المبكر ضروري وحيوي لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد على التعلّم وعلى إقامة علاقات صحيحة، ما يعني أنّ على الأهل أن يعرفوا ما يبحثون عنه.
ثمة العديد من إشارات التحذير المبكرة التي قد تظهر في سنة حياة الطفل الأولى. عليك أن تحددي سريعاً موعداً مع طبيب الأطفال إذا لاحظت الإشارات التالية مع بلوغ طفلك شهره الثاني عشر:
- لا يبتسم أو لا يشاركك تعابير الوجه الأخرى
- لا يحاول التحدث، ولا يتكلم كالأطفال أو لا يصدر أيّ أصوات كتلك التي يصدرها الأطفال عند الكلام
- لا ينظر في عينيك أو يتجاوب عند مناداته باسمه
- لا يشير، لا يتبع حركاتك أو لا يلعب ألعاب أطفال
- يتراجع بأيّ طريقة كانت، كأن يتعلّم الكلمات أو الحركات ثم ينساها.
تذكري أن هذه الإشارات ليست سبباً كي تصابي بالذعر لكنها أسباب تدفعك لأن تطلبي من طبيب الأطفال أن يجري تقويماً لوضع طفلك.
موقع التربية الذكية يشكر لكم متابعته