طرحنا سؤالاً للقراء والمتابعين الأعزاء عبر موقع التربية الذكية، حول تجاربهم مع المعلمين في مرحلة الطفولة، التي أثرت فيهم بطريقة سلبية أو إيجابية. والمفاجأة كانت أن شخصاً أو اثنين فقط اختاروا التحدث عن تجارب إيجابية. ويعود السبب طبعاً إلى أن المشاعر السلبية مع الأسف تبقى في ذاكرتنا لفترة أطول، وتؤثر في سلوكنا وأفكارنا وشخصيتنا على المدى الطويل.
سنسرد بعض هذه تعليقات القراء المؤلمة والمؤثرة حول تجاربهم مع المعلمين. منها ماكُتِب في تعليقات وبعضاً منها أتى على شكل رسائل عبر الخاص.وسنذكر تعليقاً واستنتاجاً حول كل تجربة:
زّوّجها من صندوق بصل!!
“تواصلت معلمة اللغة الفرنسية بوالدي وطلب مقابلته، وقالت له: زوِّجها من صندوق بصل”.
Âmîñâ Bîssãnë@ إحدى القراء الذين تحدثوا عن تجاربهم مع المعلمين أرسلت هذه العبارة. مع عبارة حسبي الله ونعم الوكيل.
1- ما زالت هذه الفتاة الراشدة محتفظة بالعبارة بتفاصيلها في ذاكرتها، وهذا يدل على مدى تأثيرها عليها ومدى عمق الجرح الذي سببته لها.
2- إذا كان الطفل لا يحب إحدى المواد، ولا ينجح فيها.. هذا لا يعني أنه شخص فاشل على كل الأصعدة.
3- الأسوأ من ذلك كله، تلك المفاهيم المترسخة في عقولنا، التي تعتبر أن الفتاة ستتزوج في نهاية المطاف، فإن كانت فاشلة على المستوى الدراسي من الأفضل تزويجها.
4- اعتبار المعلمة أن الطفلة “فاشلة” في مادة اللغة الفرنسية، جعلها تعتبر أنه لا داعي من أن تكمل هذه الفتاة دراستها.. بدلاً من أن تطلب من الأهل إيجاد وسائل لدعم الفتاة وجعلها تحب المادة. من الواضح أنه على المعلمات اللواتي يفكّرنَ بهذه الطريقة اعتزال مهنة التعليم لا دفع الطفل إلى اعتزال الدراسة.
ضربتني معلمتي
- “ضربتني معلمتي في الروضىة وأثرت بي هذه التجربة كثيراً. وذات مرة ضربتني المديرة وكنتُ حينها مظلومة وغير مذنبة. العنف ضد الطفل في طفولته يترك أثراً بشعاً في نفسيته وذاكرته”. SalamIslam@
- “ضربتني معلمتي في الصفوف الإبتدائية على مستوى الكلى، وما زلتُ حتى الآن أعاني من آثار الضربة”. OumaimaJandoubi@
- “كنتُ أحب مادة الرياضيات، إلى أن أتى أستاذ لتعليم هذه المادة جعلنا نكرهها ونكره المدرسة كلها. كان يضرب كل الطلاب، حتى أشطر طالب في المدرسة، كان يقول بأننا جميعنا مخطئين وكسالى وكان يضربنا بالكرباج او السيليكون، وأنا حتى يومنا هذا لم أحفظ جدول الضرب.. كرهت المادة بشدة. من أبشع الأمور أن يسمحوا لمرضى نفسيين بتولي مهنة مهمتها بناء أجيال. والأسوأ أن الكثير من الأهالي يقفون بصف المعلم على اعتبار أنه يقوم بتربية أطفالهم. فيكبر الطفل وهو يكره الدراسة ويحقد على أهله ولديه ألف مشكلة نفسية” NahLaPerou@
- “كنتُ في المستوى الاول ابتدائي، ضربتنا المعلمة لاخطاء قمنا بها في التمرين، عنفتني بالضرب في يدي بقوة وواصلت ضربي حتى في رجلي وكنت حينها أرتدي تنورة، عند رجوعي للمنزل أمي لاحضت انتفاخ رجلي وازرقاقها، فاخبرتها بما حصل. في اليوم التالي ذهبت معي زوجة أخي لتوبيخ المعلمة لما حصل معي، فحاولت المعلمة تلطيف الجو امام زوجة أخي. في اليوم التالي عند دخول المعلمة للقسم، توجهت إلي ثم ضربتني بكفها على وجهي بقوة، وأخبرتني أنها ستقتلني إذا قلت أي شيء لوالدتي، صدقتها وكنت أشعر حينها برعب شديد طول السنة في القسم، لا أتكلم و لا أتحرك مخافة القتل لن انسى ما قامت به معي، ولن اسامحها الى يوم القيامة” MouniaHakmi@
إستنتاج حول تأثر الضرب في المدارس
المعلم، مربي الأجيال، صاحب الرسالة السامية يعاقب طفلاً بالضرب! لم يفاجئني عدد الأشخاص الذين تعرضوا للضرب في طفولتهم، بقدر ما فاجأني قدر العنف والإجرام في طريقة الضرب والوسائل المستخدمة. قد يكون السبب تساهل الأهل حينها واعتبارهم أن من حق المعلم تأديب الطفل، أو ربما أن هؤلاء الأشخاص يعانون من مشاكل نفسية انتقلت لهم ونقلوها للأجيال التي تلتهم. هذا العنف ما زال موجوداً حتى يومنا هذا في بعض المدارس، وفي المناطق النائية في بعض البلدان.يكفي أن تقرأوا كلمات هؤلاء الأشخاص، والذكريات التي حملوها معهم في قلوبهم المكسورة وذاكرتهم لسنوات، حتى تدركوا مدى تأثير الضرب على الطفل ومدى تأثيره على مستقبله وحياته لاحقاً. الضرب إهانة،
معلمتي والتنمر
- “كانت معلمتي في صف الأول الإبتدائي تطلب من الطالب الذي لا يعرف الإجابة أن يقف، وتطلب من باقي الطلاب أن يسخروا منه ويضحكوا عليه”DoraAl-Uqaily@
- “كنت أكره الكبسول والحليب، وكانوا يجبروننا على تناولهما يومياً كل صباح. وذات يوم اجبرتني معلمة الصف على شرب الكبسوله والحليب وقد تقيأت اكثر من مرة. وكنت اتوسل إليها باكية امام الطلاب دون جدوى٠ لم انس هذا الموقف طيلة حياتي !”Suhaila Alzubaidy@
- “أخطأت في صف الأول ابتدائي بجدول الضرب بمادة الرياضيات. فأجبرتني المعلمة على ارتداء القميص بالمقلوب كنوع من العقاب. وبقيت كل السنوات الدراسية أكره المادة كثيراً، حتى انني أصبحت أسلم المسابقة فارغة في الثانوية، مع أن باستطاعتي أن أحصل على علامة عالية، فقط لأثبت انتي أستطيع أن أحصل على المرتبة “الثانية”في المدرسة دون النجاح في مادة الرياضيات” SouBazzi@
- “أستاذ الكيمياء كان يعاقبنا بالرسوب ويطلب من باقي الطلاب السخرية منا إن أخطأنا” YousraAhmedMohammad@
إستنتاج حول استخدام التنمر كوسيلة عقاب
كثيرون ممن خدثونا عن تجاربهم مع المعلمين تحدثوا عن هذا النمط من العقاب.. السخرية والتنمر من الأمور التي نحاول شرح تأثيرها على الطفل باستمرار. مشددين على أن التربية يجب أن تُبنى على التعاطف وحب الآخر. فكيف لمربي أجيال أن يسخر من طفل، لا وبل أن يطلب من باقي الطلاب أن يسخروا منه. إنه أمرٌ صادمٌ حقاً!
يُذكر أن الأشخاص الذين أجابوا هم من مختلف البلدان العربية، كمصر والعراق وسوريا ولبنان وتونس والجزائر وغيرها من البلدان. وذلك يدل على مدى انتشار العنف وتجذّره في النفوس ربما بسبب الحروب أو المعتقدات القديمة بأن الضرب يؤدي إلى التأديب.
لا بد من أنكم تأكدتم عبر الإجابات أن الضرب لم يؤد ولن يؤدي يوماً سوى إلى نتيجة عكسية. يحاول عبرها الطفل إما التصدي بمزيد من العناد، أو الإنزواء والإنسحاب وحمل آلامه معه مدى الحياة.