كيف يتطور الدماغ
يبلغ حجم دماغ الطفل البالغ من العمر 6 سنوات 90% من حجم دماغ الشخص الراشد. في هذا السن تكون المناطق المسؤولة عن اكتشاف الحواس كحاسة اللمس مثلاً، قد تطوّرت بشكل كامل تقريباً، تماماً كجزء الدماغ المسؤول عن حاسة النظر. وتتطوّر الروابط بين الخلايا العصبية لتشكيل شبكات حتى يبلغ الطفل سن المراهقة.
بالإضافة إلى ذلك، تحدث بعض التحولات في الدماغ فتؤدي إلى زيادة كفاءة أدائه. وبفضل هذه التغيرات، يصبح الطفل قادراً على ربط المعلومات والقيام بتحليلات عقلية أكثر تعقيداً كالقراءة أو جمع الأرقام. في هذه المرحلة، يستهلك دماغ الطفل أيضاً الكثير من الطاقة. ويقدّر بعض الخبراء أن دماغ الطفل حين يبلغ تقريباً الخمس سنوات يحتاج إلى ضعف الطاقة التي يحتاجها دماغ الشخص البالغ.
الذاكرة والتعلم
تتطور الذاكرة البعيدة المدى بشكل سريع وملحوظ من عمر 5 حتى 8 سنوات. حينها يصبح الطفل مدركاً للطريقة التي تعمل من خلالها ذاكرته. على سبيل المثال، يدرك أنه يتذكر بسهولة أكبر أموراً أكثر من غيرها فيما يتعلق بلعبة معينة. ويصبح أكثر كفاءة بإيجاد عنصر معين في الذاكرة. ويتذكر أكثر فأكثر بعض الأحداث في حياته. يستطيع الأهل أيضاً تطوير هذه المهارة من خلال الإهتمام بما يعيشه طفلهم، وطرح بعض الأسئلة عليه حول ما تعلمه وحول قام به خلال يومه. هكذا يتعلم الطفل كيفية التحكم بذكرياته، وكلما تقدم في العمر أكثر أصبح أكثر مهارةً في هذا النطاق.
خلال مرحلة الطفولة، يتطوّر قسم الدماغ الذي يسمى الحُصين ويعمل بشكل وثيق مع قشرة الفص الجبهي ليساعد الطفل على تذكر أين تتواجد بعض الأغراض وأين حصلت بعض الأحداث بشكل أفضل. فعلى سبيل المثال، يتذكر أن الحديقة التي وقع فيها تتواجد خلف منزل جده. تعتبر ألعاب البحث عن الكنوز وسيلة مهمة لتعزيز تطور هذا النوع من الذاكرة.
بالإضافة إلى ذلك، تتحسن في هذه الفترة الذاكرة العاملة التي تستخدم مناطق الفص الجبهي بشكل كثيف وملحوظ. بفضل هذه التغييرات العصبية، تزداد السرعة التي يستطيع من خلالها الطفل أن يعالج المعلومات.
من سن السابعة، يبدأ الطفل إذاً بتطوير استراتيجيات لحفظ ما تعلمه في المدرسة بشكل أفضل. على سبيل المثال، يستطيع أن يقرأ بصوتٍ عالٍ الكلمات التي يجب أن يحفظها أو يستطيع أن ينظم هذه المعلومات ضمن مجموعات (مثلاً: الأسماء مع الأسماء والأفعال مع الأفعال). كما أن الاستخدام الفعال للعديد من العناصر سيساعده أيضاً على تذكر مختلف المفاهيم الحسابية.
يسمح هذا الإستخدام الأكثر كفاءة للذاكرة بجعل بعض العمليات الفكرية تلقائية. مثلاً، معرفة جدول جمع الأرقام يساعده على حل مسائل أكثر تعقيداً مثل 73+46 دون الاضطرار إلى التركيز كثيراُ على طرق الجمع السهلة مثل 3+6 و4+7. تسمح هذه المهارات الجديدة للطفل بالتركيز وتعلم الأنشطة المعقدة مثل القراءة، الكتابة والرياضيات.
ومع ذلك، تحتاج مناطق قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن التفكير المجرد والتحليل والنضج العاطفي إلى مزيد من التطور. لذلك يستمر الأطفال في هذا العمر بإيجاد صعوبة في معالجة العديد من المعلومات في وقتٍ واحد، وقد يشعرون بالإرهاق حين يتعرضون لمعلومات كثيرة.