الطفل الطفيلي:
في سن الثالثة تقول الأم لزائرتها وهي تنظر إلى صغيرها بحب: «أنا متعلّقة جداً بهذا الصغير. إنه لطيف جداً، ثم إنه مطيع أيضاً».
في سن السابعة: «ضع وشاحك وإلاّ أتيتني من جديد مصاباً بالزكام!».
في سن الثامنة عشرة: «استمتع بوقتك يا حبيبي، خذ وقتك ولكن لا ترجع في وقت متأخر. أنت تعلم جيداً أنني لا أستطيع النوم طالما أنت خارج البيت!».
في سن الحادية والثلاثين، يحتجّ الوالد قائلاً: «لا أفهم لما ذايبقى ابننا قابعاً في غرفته. لقد تجاوز الحادية والثلاثين من عمره، أتعرفين معنى ذلك؟ أنا، في سنّه…» من دون تعليق!
التعلّق حبّ مزيّف واصطناعي
التعلق المرضي
الوالد (أو الوالدة) الذي يذيب شخصية ابنه في شخصيته، يتسبّب بتكوين شخصية طفيلية لدى ولده في سن الرشد، فتكون طريقة تفكير الابن وتصرّفه نتيجة الحماية التي تحيطه بها أمّه والفخر الذي يشعر به والده لنجاحه في الدراسة أو في الرياضة، فيبقى ملتصقاً بالمنزل الوالدي ويتلاعب بمشاعر والديه. ويصبح شعورهما بالذنب ملعبه المفضَّل. لقد ربَّيا جوهرة نادرة تعلّقا بها تعلّقاً شديداً فكيف يمكنهما أن يفكّرا في الانفصال عنه؟ يتشبث الولد الطفيلي بهذا الحب الحصري من قِبَل والديه ويصبح الولد الوحيد والأمير الصغير لدى والدين طفوليين يعيشان طفولتهما الدائمة من خلاله. وهما أشبه ما يكونان بدميتين تلعبان لعبة الأم والأب اللطيفين الحاضرين دائماً بكامل جهوزيتهما لتلبية رغبات ولد يتلاعب بهما بلطف ويحظى بحبّهما دون سواه.
الولد الطفيلي هو نتاج والدين يذيبان شخصية ولدهما بشخصيتهما و/أو والدين يحيطان ولدهما بحماية مفرطة. وكثيراً ما يكون هذا الولد ضحية ضغطين أو واجبين: «استمتع بوقتك يا حبيبي، خذ وقتك ولكن لا ترجع في وقت متأخّر. تعلم جيداً أنني لا أستطيع أن أنام طالما أنت خارج البيت!» هذا الضغط المزدوج يجعله يضيع في الكسل والخمول. ومع الوقت يتعلّم شيئاً فشيئاً أن يتظاهر بما ليس فيه. يتظاهر بالطاعة، بالحب، وبالسعادة لوجوده مع أبيه وأمه.
اختيار الكلمات
إن الطفل الذي يتعلّق به أهله حتى العبادة ليس سوى مشروع طاغية. فالطفل الطفيلي هو طفل ملك يقوم دورُه الرئيسي على إرضاء الصورة المثالية التي يشكّلها والداه عنه. فإذا حدث وقلتم لطفلكم إنكم متعلقون جداً به لدرجة العبادة، لأنه رائع، أصلحوا الضرر بسرعة وأضيفوا قائلين: «هو رائع عندما يريد ذلك!» لأن الطفل الرائع يحب أن يُقال له إنه رائع. وكلّما تكرّر ذلك ازدادت سلطته على والديه، فكيف يمكن لهما أن يعاقبا طفلاً مثالياً؟