الأم «القاتلة» امرأة تضحّي بفلذة كبدها انتقاماً من الوالد الذي تشعر حياله بنفور شديد! إنها تثأر لنفسها لأنها تعتبر مجرد رحم لإنجاب الأولاد ووسيلة للمتعة، في إطار عائلي يخضع لسلطة الزوج «الكلي القدرة» من دون أي مجال للنقاش أو الاعتراض.
الأم مصدر حياة أو موت بالنسبة إلى ولدها وهي لا تتورّع عن إعلامه ضمنياً بذلك، كأن تحرمه مثلاً من الحب لمعاقبته. هذا الموقف الذي تنتهجه الأم لا يبدو مؤذياً في ظاهره لكنّه في الحقيقة شكل من أشكال القتل، إذ يقضي على ذلك الرابط السرمدي الذي يربط الأم بثمرة أحشائها. فهنالك ألف طريقة وطريقة «نقتل» بها أولادنا.
عواقب التهديد بالحب
بعد مدّة طويلة، عندما يكبر ولد الأم القاتلة ويندمج في النسيج الاجتماعي، يصبح هذا الشخص بسبب حرمانه من الحب، فظاً وشريراً وعنيفاً رغماً عنه فتتركه زوجته، أو يصرفه رئيسه من العمل، أو تعاقبه السلطات العامة. كما أن هذا الشخص يميل للانتحار علّه يحصل في جنّة الله على الحب الذي حرم منه على هذه الأرض. وإنّي لمتأكّد من أنّ أيّاً من الذين ينتحرون لم يعش يوماً في ظل والدين يحترمانه ويحبّانه بما يكفي. فأنا لا أعرف شخصاً واحداً في هذه الدنيا يستعجل الموت وهو يتمتّع بالمشاعر الضرورية لتأمين السعادة.
اختيار الكلمات
امتنعوا عن اللجوء إلى تهديد أولادكم بالتوقف عن حبّهم، بهدف معاقبتهم، حتى وإن كان ذلك من باب المزاح. فالمشاعر التي تربطكم بفلذة كبدكم هي مشاعر مقدّسة.
صحيح أنه لا يستطيع أحد أن يجبرك كأم على حب ولد فرض عليك فرضاً نتيجة علاقة قسرية في علاقة زوجية مزيّفة وباردة. لكنّ هذا الطفل الذي خرج من أحشائك لم يطلب أن يولد. وإذا تركته يبصر النور بالرغم من كل شيء، فقد يعود ذلك إلى أنه لم يكن لديك الخيار أو لأنك كنت تأملين بأن الأمور ستتغيّر مع مجيئه. ولكنّ شيئاً لم يتغيّر في الظاهر، باستثناء أن مصير إنسان أصبح بين يديك، فإذا منحته الحب دون قيد أو شرط عاش حياة بنّاءة وبادلك الحب أضعاف. أمّا إذا حرمته من هذا الحب أو كبّلته بشروط مقيِّدة («إذا لم تكن عاقلاً، فلن أحبك بعد الآن») فسيحيا حياة مدمِّرة تدفعين أنت ثمنها طوال حياتك. يبدو لي أن الخيار سهل.
موقع التربية الذكية يشكر متابعتكم له