أسباب تجعل الملل مفيداً:
خلال العطل وأيام الاجازات أو حتى عطلة نهاية الأسبوع ، يطرح الأهل على أنفسهم هذا السؤال الذي يرافقه بعض القلق: كيف يشغلون الأطفال خلال هذه الأيام التي ليس فيها مدرسة أو أنشطة ترفيهية في النوادي؟
كيف يتجنبون الملل, أيام الجمعة أو الأحد وفي أسابيع الإجازة الطويلة؟ كيف يضمنون لهم ترفيهاً مستمراً منذ الصباح حتى المساء؟ ومع هذا، فإن السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه هو: هل من المفيد أو غير المفيد أن ندع الأطفال يشعرون بالملل؟
أجاب الباحثون في علم النفس العصبي والعلوم التربوية على هذا السؤال ، من خلال دراسات تُظهر أن الملل ضروريّ وملائم للأطفال.
بدلًا من الشعور بالذنب عند رؤية أطفالكم يشعرون بالملل ، تعرفوا على كل الفوائد التي يمكن أن يقدمها لهم هذا الشعور.
يزيد الملل الاستقلالية:
وفقًا لأطباء الأطفال النفسيين ، عندما يشعر الأطفال بالملل ، يتعلمون أن يصبحوا أكثر إبداعًا ولكنهم أيضًا يتعلمون أن يقوموا بالمبادرات فتتطور لديهم الجرأة على التصرف. يجد الطفل نفسه مضطرًا لاختراع نشاط يثير اهتمامه ، وهذا ينمّي لديه الشعور بالاستقلالية والذاتية. فهو يُترك بمفرده لفترة من الوقت ويجب أن يجد طريقةً يشغل بها نفسه دون الاستعانة بمن حوله. انها طريقةٌ لتعليم الأطفال كيف يعتمدون على أنفسهم ، لابتكار عالمهم الخاص بألعابهم الخاصة.
يعزز الملل الإبداع:
هناك دراسة تم نشرها عام 2014 في مجلة “كامبريدج للتعليم” تثبت علميًا أن الأطفال الذين يشعرون بالملل هم أكثر إبداعًا. بعد النشاط الرتيب و الممل يظهر لدى الطفل الهامٌ إبداعي وفني أكثر ثراءً. يسمح الملل للدماغ بالهروب الى أحلام اليقظة ، وبالتالي يصبح أكثر إلهامًا وإبداعًا. عندما لا يجد أطفالنا ما يفعلونه ، فإنهم يشغّلون خيالهم وربما تكون هذه هي أهمّ مهارة يمكنهم تطويرها. فالعالم الخارجي يتغير بسرعة ويجب على الأطفال أن يتكيّفوا معه, لذا سيحتاجون إلى الكثير من الإبداع.
يطوّر الملل القدرة على اتخاذ القرارات وحلّ المشاكل:
يشكل الملل مشكلةً لدى الطفل ، وفي مواجهة هذه الصعوبة, عليه إيجاد حل واتخاذ قرار. إنّ تدفق الأفكار والوقت الذي يقضيه الطفل في التفكير هو الذي يطور لديه هذه القدرة على التحليل والتمعن للتعامل مع المشاكل المختلفة. تمّ حل معظم المعادلات الرياضية والفيزيائية من قبل عالمٍ يشعر بالملل أمام لوحٍ أو تحت شجرة تفاح.
يدفع الملل إلى خوض تجارب جديدة:
هذه ليست حجة مطمئنة بالنسبة للأهل ، ولكن ذلك يتطلب تعلّم الثقة المتبادلة. لأن الأطفال الذين يُتركون وحدهم هم مغامرون بامتياز. لذلك يجب أن نتوقع و نتجنب بعض المخاطر المعينة، من خلال الوقاية ، وقبل كل شيء من خلال الحوار. خوض تجارب جديدة هو أمرٌ إيجابي للغاية ولكن دون المخاطرة بصحتهم أو سلامتهم. ترك الطقل يشعر بالملل هو وسيلةٌ لجعله مسؤولاً.
يساعده الملل للتعرف على نفسه واكتشاف اهتماماته الحقيقية:
ترك طفلكم يشعر بالملل يعني أيضًا رؤيته يتجه بشكل طبيعي نحو ما يثير اهتمامه حقًا. مثل جميع الأهل، أنتم أيضاً غالبًا ما تفرضون أنشطةً على طفلكم ، دون التفكير حقًا في ما يحبه. من خلال السماح للطفل بالاختيار ، دون تأثيرات أو قيود ، فانه يتوجه بشكل تلقائيّ نحو ما يثير اهتمامه حقًا.
ينمّي الملل النفسية بشكل أفضل:
أظهرت دراسة تم نشرها عام 2012 في مجلة “وجهات نظر في علم النفس” أن الملل هو عملية مفيدة لتنمية نفسيّة الأطفال. يسعى الطفل الذي يشعر بالملل إلى تطوير المهارات لإيجاد شيء مثير للاهتمام يلهيه ويسمح له بالتقدم. بالإضافة إلى ذلك ، يعلّم الملل الأطفال أن يضعوا الأمور في نصابها وأن يدركوا مكانهم الصحيح. فيعي الطفل أنه ليس محور العالم ويجب أن يصنع لنفسه مكانًا ، ويخلق شخصيةً ليست خاضعة في توجيه خياراتها فقط للأهل.
يحثّ الملل على إيجاد الدافع:
يجب أن يتعلم الأطفال إيجاد إيقاع خاص بهم لا يديره آباؤهم. للقيام بذلك ، يجب عليهم تحفيز أنفسهم للقيام بالأنشطة ، وحتى القيام بتنفيذ الأشياء الضرورية (دروس ، رياضة ، أنشطة …).
الملل هو مدرسةٌ تتيح لهم هذا التعلّم:
إدارة الوقت وإيجاد الدافع للقيام بنشاط مثير للاهتمام: اختراع لعبة ، القراءة ، الاستكشاف ، الأشغال اليدوية ، والرسم …
ملل الأطفال مفيدٌ للأهل:
عندما يكون الأهل مهووسين بأطفالهم ، وبما يفعلونه في كل لحظة من اليوم يصبح الأمر مرهقاً ومجهداً للغاية. يجب على الأهل أن يستوعبوا فكرة أنه يحق لطفلهم أن يشعر بالملل وأن هذه هي اللحظة التي يمكن أن يستغلها الأب أو الأم للاعتناء بأنفسهم ولِمَ لا يسمحون لنفسهم بأن يشعروا بالملل أيضاً. هذا يحسّن حتى العلاقة بين الوالدين والطفل, التي قد يسيء اليها أحيانًا توتر وقلق الأهل المستمرين. يعاني الأطفال من حالة أهلهم هذه بشكل سيء, فهم يشعرون بالذنب تجاههم ويمكن يؤثر ذلك على توازنهم.
انّ الدماغ عضوٌ لا يتوقف أبداً ولا يعرف الراحة ، خاصةً عند الأطفال. عندما لا يفعلون شيئاً ، لن يبقى الأطفال يحدقون في الجدران طويلاً. تحاول أدمغتهم جعل الحياة أكثر إثارةً للاهتمام وأكثر ثراءً. عندما يشعر أطفالكم بالملل ، فإن ذلك يساعدهم على إيجاد قيمة في حياتهم وتجاربهم الخاصة وعلى تنمية اهتماماتهم ووجهات نظرهم حول العالم. يجعلهم الملل أقوى نفسياً ومستعدين لمواجهة المستقبل.