علّموا أولادكم:
إن احترام الطفل لانفعالاته ومشاعره حيال الكبار الذين يقابلهم يعني السماح له بتنمية قدرته على فهم الآخرين وبالتالي عدم كبتها أو معاكستها. وتسمح له هذه المقدرة، الضرورية في بناء العلاقات الاجتماعية، بتفادي التصرّف بحميميّة زائدة مع الآخرين. فيتعلّم الولد الحذر وعدم الركض وراء أي كان بحجة أن السيّد أو السيّد لطيفان معه.
عندما نعلّمه الإصغاء وأخذ مشاعره بعين الاعتبار، نعلّمه أن يحمي نفسه. ففي زمن تنتشر فيه الإساءة الجنسية بحق الأطفال انتشار النار في الهشيم، من الضروري أن نعلّم أولادنا بأن «الجميع ليسوا بالضرورة لطفاء!».
من غير المجدي تعليم ذلك لأطفالنا بخطب إصلاحية طويلة لن يفهموها، خصوصاً إذا كانوا لا يزالون صغاراً. بالمقابل يمكنكم أن تقترحوا على الطفل تقبيل السيّدة أو السلام على شخص ما ، إذا كنتم متمسّكين بذلك، ولكن من دون أن تفرضوا عليه ذلك. هو مَن يقرّر. يمكنكم أن تقولوا مثلاً: «حان وقت الذهاب، تعالي ودّعي السيّدة يا حبيبتي». على كل حال (ولا بدّ أنكم لاحظتم ذلك قبلاً) إذا شعر ولدكم بالرغبة في السلام أو تقبيل الشخص الذي تودّعونه، فسيفعل ذلك تلقائياً.
مهما يكن موقف الولد، فمن الضروري احترام خياره، خصوصاً إذا كان غير راغب في السلام أو التصرف بلياقة كما تسمون أنتم ذلك، وحتى وإن تعلّق الأمر بأحد أفراد الأسرة أو بصديق قديم. مهما تكن أسبابه، فإن الطريقة التي يرى بها الولد الشخص الذي يُفترض تقبيله وإحساسَه به مختلفان تماماً عما تشعرون به أنتم، وليس من المفروض أن يكون شعوره مطابقاً لشعوركم. وإن كان لا يزال صغيراً، لا يكاد يطال مسكة الباب، فهو كائن بشري كامل. لذلك فمن الضروري أن تحترموا مشاعره.
مخاطر إجبار الطفل على السلام أو تقبيل الآخرين قسراً
عندما تجبرون ولدكم على «السلام على السيّدة»، فإنكم تؤثرون بذلك سلباً على علاقاته بالآخرين. إذا خضع الولد للإكراه و«وسلم على السيدة »، فإنه يكبت مشاعره، كما لو أنه يطمرها في التراب كيلا يحسّ بها بعد ذلك. إنه لا يحترم ذاته كما لا يحترمه الشخص الراشد الذي أجبره على ذلك. فتنطبع في نفسه، بتأثير من إكراه الوالد (أو الوالدة) له، فكرة أنه لا يستحق هذا الاحترام.
وعندما يصبح الخضوع واحتقار الذات أمرين «طبيعيين» في ذهن الولد، يفقد القدرة على حماية نفسه من التصرّفات المشبوهة التي من المفترض أن يراها سلبية وحتى خطرة عليه ـ والتي من المفترض أن يرفضها غريزياً فتصبح مقبولة لديه. إن إجباره على إعطاء تلك القبلة اللعينة للسيدة أو للسيد، يضعف خطوط دفاعه.
والحقيقة هي أن الأولاد الذين ينتزع منهم الكبار احترامهم لذاتهم يصبحون الضحايا المحتملين لمرتكبي الجرائم الجنسية بحق الأطفال. وهذا ليس صدفة.
علّموا أولادكم كيف يحمون أنفسهم وليس كيف يكونون لائقين ومهذبين مع الآخرين
موقع التربية الذكية يشكر لكم متابعته