الولد الطاغية
الولد الطاغية ولد ساديّ، عدائيته انعكاس لخلاف زوجي ضمني. يكره الوالدان أحدهما الآخر لكنّهما يستمّران في العيش تحت سقف واحد «للحفاظ» على تماسك الأسرة وبقائها. فلا يحدث أي شجار علني يعكّر ظاهر العلاقات التي تربط بين أفراد الأسرة. كل شيء ثقيل ومستتر وسرّي، مثل غطاء رصاصي محكم الإغلاق لا يترك شيئاً ينفذ إلى الخارج. فيختنق الولد في هذا الجو المسكون بالأشياء التي لا تُقال وباللوم.
ونظراً إلى أن الولد لا يستطيع تقويض أسس هذا الإطار العائلي الشاذّ الخانق، سيمارس انتقامه على المجتمع بدلاً من عائلته. وقد يكون الولد الطاغية بذرة إرهابي أو مريض نفسي هو ثمرة الكره الوالدي.
صفات هذه العائلة
إن التلاعب بالمعلومات في هذا النوع من العائلات يمرّ بالكذب والتظاهر والخبث والمواربة والكتمان. إنه جو لا يطاق، فالحب فيه مجرّد كذبة وتمثيلية، وشعور خبيث لا يعبَّر عنه إلاّ لإرضاء الآخرين. ينطلق الولد الطاغية في حملة من الجرائم والارتكابات الخارجة عن القانون لكي يتطهّر من كل ذلك البغض. وبين ارتكاب الجنح والجرائم والإرهاب، مسافة قصيرة جداً.
جميع المسؤولين عن استمالة المنتسبين الجدد وتجنيدهم في الحركات الإرهابية، يتعرّفون فطرياً إلى الولد الطاغية المستعد للتضحية بنفسه من أجل الإفلات من البغض الذي يشعر به والداه الواحد تجاه الآخر. وغالباً ما تبدو عائلات الأولاد الطغاة نقيضاً للأسر المفكّكة، كونها تبدو في ظاهرها جماعة متماسكة متلاحمة، على رأسها والدان مسؤولان لا يهتمّان إطلاقاً لمشاعرهما الخاصة.
ليس جميع الأولاد الطغاة قنابل بشرية لكنهم جميعهم ورثة اليأس الذي رافقهم في طفولتهم. لقد كبروا في البغض وليس هنالك سوى حافز واحد وراء جميع طموحاتهم: الانتقام من هذا المجتمع (العائلي) الذي أساء استقبالهم في العالم. تمتلئ المحاكم بأولاد طغاة، وقد أصبحوا راشدين، يجعلون «المجتمع» يدفع ثمن نقص الحب الذي عانوا منه في طفولتهم.
رأي لا يلزم سوى صاحبه
إذا كنتم متردّدين في الانفصال عن شريك لا تحبّونه للمحافظة على ولدكم، فإنكم تسلكون بذلك طريق الخطأ. فلو لم يكن موجوداً لاستطعتم الانفصال وإعادة تكوين أسرة كلّ لوحده. وهذا الذنب الذي يشعر به الولد جراء ذلك يتحوّل مع الوقت إلى استياء وغيظ، وحتى إلى بغض وحقد تجاه المجتمع الذي ليس سوى صورة مكبَّرة عن والديه اللذين يريد أن ينتقم منهما في النهاية. هذا ما يفسّر الميل إلى الانتحار لدى الأولاد الطغاة وهو ميل أدركه جيداً الفاشيون من كافة الأنواع والمشارب ويجنون منه فائدة هائلة.
قلّة هي زيجات المصلحة التي تؤمّن للأولاد مستوى العاطفة الذي تؤمّنه زيجات الحب. فالأولاد في النهاية يحتاجون إلى الحب لكي ينموا ويصبحوا راشدين ومسؤولين في المجتمع الذي يستقبلهم. وغياب العاطفة عند الوالدين يولّد أولاداً طغاة. وربما من الأفضل للولد أن يعيش مع والدين مزق أحدهما الآخر لأنهما اعتقدا أنهما متحابان، بدلاً من أن يعيش مع والدين كرها بعضهما من النظرة الأولى لأنهما أُجبرا على العيش معاً من دون حب.