إعطاء الطفل كل شيء؟
عندما يكون الطفل صغيراً ونريد أن نريه مدى حبنا له، غالباً ما نسمح لأنفسنا بأن تقنعنا الدعايات التي تدّعي أن الأبوة والأمومة الجيدة تعني شراء ألعاب كثيرة للطفل. ولكن شيئاً فشيئاً تمتلئ غرفته بالألعاب حتى تصبح كمحل لبيع الألعاب. والنتيجة الطبيعية لهذا هي أن يصبح اللعب بالنسبة للطفل هو أن يرمي كل ألعابه على الأرض وأن يدوسها قائلاً إنه ضجران. وبسبب وجود هذا الكم من الألعاب، لن يستطيع أن يركز اهتمامه فتكون النتيجة أن تقوم آلية الدفاع عنده بتجاهل كل شيء. فتتخدر حواسه لأنه أصبح لامبالياً لا يحب شيئاً و لا يجذبه شيء.
لهذا السبب يكون الأولاد الذي يملكون أكثر الأشياء، أكثرهم شعوراً بالملل والضجر
إليكم من موقع التربية الذكية: لماذا يقع الأهل في “فخ” إعطاء الطفل كل شيء؟
بسبب الشعور بالذنب
للأسف أن «الطفل يجتاح مكان الراشد» والحقيقة أن الشعور بالذنب هو مرشد سيء جداً. فعندما يطلب الطفل شيئاً، يهمس الشعور بالذنب في آذاننا: «ماذا؟ كيف تفكر في عدم شراء ذاك الشيء له بعدما كنت بعيداً عنه طوال الاسبوع؟»، فنخفض رؤوسنا وينتهي بنا الأمر بأن نشتري شيئاً لا يحتاجه الطفل أو لا يناسبه.
عندما لا نعطي الولد ما يكفي من انتباهنا، يجعلنا الشعور بالذنب نشعر بالتشوش والقلق. لذا قد تكون رغبتنا في تلبية جميع رغباته بشراء كل الأشياء له، قوية جداً. وحينما يتعلم الأولاد والمراهقون كيف يتلاعبون بالراشدين للحصول على ما يريدون، ينتهون بأن يصبحوا استبداديين.
لأن الواحد منا يريد أن يكون شخصاً «لطيفاً»
من الأسهل أن نقول نعم على أن نقول «لا». الـ«نعم» ممتعة ومساعدة وملائمة أما الـ«لا» فقد تكون جدلية وقاسية وعدائية حتى. لأننا كأهل نحتاج كثيراً إلى الشعور بأن أولادنا يحبوننا ويقبلوننا، نعمد إلى الابتسام زارعين كلمة «نعم» على شفاهنا ساعين إلى محو «لا» من قاموسنا. لذا عندما يطلب الولد منا ساعة غالية الثمن نقول له «نعم» حتى لو كان ذلك يعني أن نضطر للاستدانة حتى نؤمنها له. وعندما يكون لديه رحلة ميدانية ويرغب أن يأخذ مبلغاً من المال أكبر من المبلغ الذي يأخذه أصدقاءه، نعطيه إياه.
بهذه الطريقة نتجنب الجدال والصراع وتمضي الحياة براحة.
ولكن للراحة ثمناً، أشبه بالتأثيرات السلبية الثانوية التي يخلفها الدواء الذي نأخذه لنشفى من مشكلة ما. تجنباً للصراع، يصبح ابننا أكثر تطلباً وتقلباً.
لنملأ فراغاً عاطفياً
لأننا عشنا في طفولتنا حياة فيها حرمان، ترانا نذهب إلى النقيض، فنحاول التأكد من عدم حرمان ابننا من أي شيء.
«ماكس، أتلك الساعة التي يضعها ابنك ماركتها Rolex »؟ هذا ما سأل الجار جاره ماكس الذي أجاب بفخر واضح: «بالتأكيد». «ألا تظن أن من الكثير بل الخطر أن يحصل ولد في الثانية عشرة من عمره على ساعة غالية كهذه؟ لم أر أحداً من رفاقه يضع واحدة مثلها». أجاب ماكس وهو مستمتع بكل كلمة يقولها: «ولكني أستطيع أن أدفع ثمنها».
لدى ماكس فراغ عاطفي يحاول التعويض عنه بتمييز نفسه بأملاكه ومقتنياته التي تعطيه قيمة معتقداً «أنه كلما امتلك أشياء، ازدادت قيمته». وإذا كان أولادي امتداد لي فهذا يعني أن عليّ أن أجعلهم يحصلون على كل شيء. إن حاجته إلى التباهي تجعله لا يفكر في العواقب التي قد يعاني منها ابنه أو فيما إذا كان من المناسب أو غير المناسب أن يبرز ابنه شيئاً باهظ الثمن كهذا في المدرسة كما تعميه رغبته في أن يحسده الناس على ما يملكه.
للتعويض عن الشعور بأن حبي غير كاف
لماذا نشعر بأن حبنا غير كاف فيما هو كل شيء بالنسبة لابننا؟ طالما أن هذا الحب هو أهم طعام لروحه فلماذا يعتقد الشخص منا بأنه غير جيد وكاف؟لماذ نقنع أنفسنا بإيجاد بديل له؟
عندما تسمع وترى في الدعاية أن عليك أن تظهر حبك لطفلك عبر شراء كل شيء له، فتوقف واعلم أنهم يتلاعبون بك لتشتري هذا المنتج غير عابئين بابنك فهم لا يريدون إلا المال. لسنا بحاجة لشراء شيء لنظهر حبنا لأولادنا، لأن الحب بحد ذاته كاف لهم.
كرر العبارة التالية:
«حبي لابني هو أحلى هدية قد أقدّمها له وهو كاف جداً له»
ترقبوا مقالة أخرى عن عواقب إعطاء الطفل كل شيء