إعطاء الطفل أشياء كثيرة:
الإفراط في تقديم الأشياء للطفل يعني شراء عدد كبير من الألعاب له، وللمراهق يعني شراء ملابس كثيرة وساعات يد وسيارات ومال..إليكم من موقع التربية الذكية العواقب التي نجنيها من إعطاء الطفل أشياء كثيرة
نحن نعطيهم انطباعاً بأنهم فقط ما يملكون
إن العطاء المفرط للولد قد يؤدي إلى أن يعتقد أن قيمته هي فقط بما يملك. ولكننا نعرف أن الإنسان أكثر من هذا، ويحتمل أن يعرّف عن نفسه في حياته بثلاث طرائق:
1 ـ أنا ما أملكه
عندما نكون أولاداً نظن أننا ما نملك. إذا سألت الطفل من هو يجيبك: «أعيش في هذا المنزل وعندي دراجة حمراء، ولدى أبي سيارة كبيرة».
2 ـ أنا ما أقوم به
وعندما نصبح في عمر المراهقة ولاحقاً في سن الرشد، نبدأ بالتعريف عن أنفسنا ليس فقط من ناحية: «أنا ما أملك» بل بـ: «أنا ما أقوم به». لذا عندما نسأله عن نفسه يجيب: «أنا تلميذ ثانوية» «أنا مدير بنك» «أنا متزوجة وربة منزل». في هذه المرحلة من النمو نسعى إلى تمييز أنفسنا من خلال العمل وشهاداتنا الجامعية ونجاحاتنا.
3 ـ أنا من أنا عليه
مع مرور السنوات من خلال التفكير في حياتنا الباطنية قد نخطو الخطوة التالية نحو التعريف عن أنفسنا بهذا التعبير: «أنا من أنا عليه»، وهذا يعني. «أنا مستقل عما أملكه وأفعله». هذه هي الخطوة الأخيرة بل الأساسية في حياتنا، فنحن نتوقف عن التفكير في أنفسنا مرتكزين على ما حققناه وما جمعناه بل ندرك أننا أكثر من ذلك، وأننا لسنا ما نملكه من أشياء مادية وما حققناه من إنجازات. ولكن قلة قليلة منا يخطون الخطوة الأخيرة هذه مدركين: «إنني ما أنا عليه».
حينما نقدِّم كل شيء للأولاد بدون وعي وتدبير، نخاطر بأن نجعلهم يعلقون في المرحلة الأولى من نموهم: «أنا ما أملك». إذا علّم الأب ابنه أن أهم شيء في الحياة هو أن تجمع الثروة، سيقع الولد عندما يبلغ سن الرشد في فخ هذا المفهوم
4- نضعف إرادتهم
ثمة عاقبة أخرى نجنيها من جراء إعطاء الولد أشياء كثيرة هي إضعاف إرادتهم، فالجهد يصقل إرادتنا. اعلم أن قوة الإرادة هي القوة التي تدعمنا وتساندنا عندما نركض وراء أحلامنا وتساعدنا على المثابرة. ما الذي قد يطمح إليه الطفل عندما يدرك أن كل ما عليه القيام به ليحصل على ما يريد هو أن يطلب فقط ما يريد؟ يتعوّد على إشباع رغباته فوراً وعندئذ لن يكون هناك شيء بالنسبة له ذو قيمة وأهمية. تصبح الحياة بدون طعم لأننا لا نحصل على ما نريد من خلال الجهد والتفاني والتوق إلى الحلم والأمل يخمد.
5- قد يصبح غنيمة سهلة للمخدرات والكحول وتعدد العلاقات الجنسية
أضف إلى ذلك أن الولد الذي ينشأ بدون قوة الإرادة يصبح في شبابه واقعاً تحت رحمة المخاطر المحدقة به. ولأنه شاب لا مبال سيكون من الداخل ضعيفاً، ملولاً من كل شيء، ساعياً إلى اللهو. ترى كيف سيتجاوب عندما يجد نفسه مطوّقاً ببيئة المخدرات والكحول والعلاقات الجنسية غير الشرعية؟ هل ستساعده القوة الداخلية التي يجب أن تُنمّى ليستطيع الإنسان اختيار ما يعتبره صحيحاً، مع وجود بدائل تغرّ النفس وتجذبها؟. الواقع أن هذه القوة هي التي تساندنا عندما تغرينا نفسنا بقول «نعم» فيما نعرف أن علينا أن نقول «لا». عندما لا يملك الشاب قوة الإرادة الضرورية لمقاومة الإغراءات، سيكون البديل المتاح له فقط هو الانجرار مع التيار. فيقبل عندئذ ويفعل ما هو الأسهل والنتيجة أن يقع فريسة الكحول والمخدرات التي تضمن الإثارة بدون أن تطلب شيئاً في المقابل.
علينا أن نتذكر أننا نضعفهم عندما تغرينا أنفسنا بإبهاجهم عبر إعطاء الطفل أشياء كثيرة وعبر شراء كل شيء لهم كما أننا نضعفهم عندما نعتقد أن تأمين الأشياء المادية لهم هي الطريقة المثلى للتعبير عن مدى حبنا لهم. الواقع أن هذا لا يقويهم بل يضعفهم، لا سيما أن عليهم مواجهة عالم محفوف بالمخاطر والعنف، في وضع غير مؤات.