أتذكرين متى كانت آخر مرة مارستِ فيها هواياتكِ المفضلة سواء كانت القراءة أو الرياضة أو الموسيقى..؟ أو أتذكرين متى كانت آخر مرة شربتِ فيها فنجان قهوةٍ أو كوب شاي بهدوء؟ أتذكرين أصدقاءكِ المقربين؟ ذكرياتكم معاً، مساندتكم لبعضكم، محادثاتكم اللامتناهية والضحك من القلب..؟ متى كانت آخر مرة اتّصلتِ بها بصديقتك كي تخبريها عن مغامراتك ومشاعرك؟ لم تفعلي ذلك منذ زمنٍ طويل.. أتدركين لماذا؟ لأنكِ دخلتِ في مرحلة نكران الذات لأجل الآخر.. تلك المرحلة التي نلغي فيها أنفسنا ومشاعرنا وتجاهل متطلباتنا ونكرّس كل وقتنا وحياتنا للآخرين.
سنعرفك عبر هذا المقال على 4 أسباب ستجعلكِ تدركين أن من حقكِ أن تهتمي بنفسكِ أكثر من أي شيءٍ آخر:
أطفالكِ الذين خرجوا من رحمكِ سيأتي يوماً ويصبحون مستقلين
نعلم أنكِ تتجاهلين الفكرة لثقل وقعها على قلبك.لكنها الحقيقة. هذا الطفل الذي تدللينه اليوم وتضحين لأجله يستحق الإهتمام والحب والرعاية طبعاً. لكنه سيأتي اليوم الذي يؤسس فيها أسرتها الخاصة ويستقل. ستبقين وحيدةً بعد أن تخليتِ عن كلّ هواياتك وأصدقاءك، ستجلسين وحيدةً محاولةً التعرف على ذاتكِ من جديد.. لكنك لن تتمكني من ذلكِ. فقد أنكرتِها لفترةٍ لا بأس بها. خصصي لنفسكِ وقتاً تمارسين فيه ما تحبينه لو مرة في الأسبوع (الرسم، القراءة، الخروج مع الأصدقاء).
أنتِ تضرين أطفالكِ ولا تساعدينهم
ألا تلاحظين أنكِ تنفعلين بشكلٍ سريع ونوبات غضبكِ تتزايد؟ هل تظنين أن إنكار الذات أمرٌ مفيد لأسرتكِ؟ إنه مضر، وله آثار سلبية جداً خاصةً على الأطفال.. ستجدين نفسكِ مع الوقت غير قادرة على تحمل أسئلتهم وطلباتهم اللامتناهية، وغير قادرة على تحمل كل المسؤوليات بمفردك. ستمرين بالكثير من الخيبات التي ستدركين لاحقاً أنكِ أنتِ مَن سببتِها لنفسك. حين تشعرين بحاجة إلى بعض الهدوء ولا تحاولين الحصول عليه مرة واثنتين وعشرة، أو حين تجدين أنكِ بحاجة إلى التعبير عن غضبكِ وتلتزمين الصمت مرة واثنتين وعشرة، أين تذهب كل تلك المشاعر برأيكِ؟ أتظنينها تختفي؟ تتلاشى؟ إنها تتراكم! تتراكم داخلكِ حتى تصلين إلى مراحل لا تستطيعين فيها السيطرة على ردود فعلك. تنفعلين لأتفه الأسباب وتندمين، ثم تنفعلين وتندمين، وهكذا دواليك.. إلى أن تصلي إلى هذه العبارة المشهورة “أنا أم فاشلة“.
أنتِ لستِ أماً فاشلة. أنتِ أم بحاجة إلى أن تكون سعيدة قبل كل شيء، كي تتمكن من تربية أجيال سعيدة.
تذكّري أنكِ القدوة
أنتِ تعلّمين أطفالكِ ألا يعبروا عن مشاعرهم. وتعلّمينهم أن يتفانوا في المستقبل في عملهم وعلاقاتهم وصداقاتهم. سيصبح أطفالكِ الطرف الضعيف في كل تجاربهم. هل هذا ما تتمنينه لهم؟ مهما قلتِ لطفلكِ أنتَ مهم وأنتَ تستحق الأفضل، إسعَ وراء تحقيق أحلامك. لن ينفذ ما تقولينه، سينفذ ما تفعلينه. ابحثي عن طموحك وحلمكِ وحققيه، كي تبعثي الأمل والعزم في نفوس أطفالك. وازني بين الأمور ورتبي قائمة أولوياتكِ وضعي لنفسكِ مكاناً فيها. أنتِ تستحقين ذلك. وأطفالكِ يستحقون ذلك أيضاً.
توقفي عن قول ليس هناك بديل
نحن مَن نصنع البديل. علمي أطفالكِ أن هناك وقتاً لهم ووقتاً لكِ. سمعتُ منذ فترة قصةً عن امرأة توفيت في سن الأربعين. فاتصلت صديقتها بعد فترة بزوجها لتطمئن عليه وعلى الأولاد بعد أن توفيت زوجته. تأخر في الرد فأخبرها أنه كان يلعب البليار.. سألته عن الأولاد فأجاب أنه أحضر لهم حاضنة خاصة وأن كل شيء على ما يُرام، وأن أمه تهتم بمسألة الطعام. فانهارت باكيةً بعد أن أغلقت السماعة. كانت صديقتها تردد دائماً أن “لا يمكنها ترك المنزل والأطفال والمسؤوليات فليس هناك بديل، وأنها تخاف إن أصابها مكروه على أطفالها وزوجها من بعدها”. ها هو زوجها يمارس هوايته المفضلة، وأطفالها يحصلون على الرعاية اللازمة، كل شيٍء بخير، كل شيءٍ على ما يُرام.. إلا هي. لقد أفنت حياتها تضحي لأجلهم حتى غلب جسدها الإرهاق والمرض وماتت وهي تفكر بأنها ما زالت تقصّر وما زال هناك ما كان يجب أن تقدمه.
لذلك اعثري لنفسكِ على بعض الوقت سيّدتي.. فهناك دائماً بديل.
سماح خليفة