بعد موت والدينا، الأمور لا تعود أبداً إلى ما كانت عليه..حتى لو ظننا أننا أصبحنا مستقلين وناضجين، في الحقيقة لا يوجد شخص مستعد حقاً لخسارة والديه. عندما يختفيان، لا يبقى شيئ كما كان، نجد أنفسنا فجأةً مضطرين إلى تعلم العيش بدونهم.
حين نفقد والدينا، ليس ما يختفي وجهيهما فقط، لكننا نخسر أيضاً كل الأمور التي اعتدنا أن نقوم بها معهما.
لم يعد بإمكاننا أن نسمح لأنفسنا بان نكون أطفالاً ضعفاء يبكون راكعين. لم نعد نمتلك أيضاً هذا الحب غير المشروط الذي يرافقنا دائماً لدعمنا بالكامل في أكثر وقتٍ نحتاج فيه إلى هذا الدعم. نشعر فجأة بأننا أيتام.
الحياة دون والدينا تبدو أكثر تعقيداً، بغض النظر عن عمرنا وعن المنصب الذي نتولاه في حياتنا، لأننا نعرف أن باستطاعتنا دائماً الاعتماد على مساعدتهما وحبهما لنكون بسلام. فجأة، نجد أنفسنا مجردين من هذا الشعور بالأمان، في حالة اضطراب تام.
أهلنا هم أولئك الذين يعلموننا أن نثق ونحب.
والدانا هما أول أصدقائنا الحقيقيين، نعرف أن باستطاعتنا دائماً الوثوق بهما والاعتماد عليهما وأنهما سيكونان دائماً بالقرب منا، حتى لو كان الكون بأسره ضدنا. أن نستيقظ ونحن نعلم أنهما لم يعودا معنا هو أمر صعب جداً. أن ندرك أننا لن نتشارك أي حدث معاً مجدداً (أعياد ميلاد، حفلات رأس السنة، زواج…) أمر من الصعب جداً تقبله، علينا أن نتعلم كيف نتكيف مع هذا الوضع الجديد.
بغض النظر عن الوقت الذي نقضيه معهما، لن يكون هذا الوقت كافياً أبداً، وغالباً ما يبدو أننا ننسى أنهما سيرحلان يوماً ما. قد يبدو اختفاءهما غير مقبول نوعاً ما، خاصة حين يحدث بشكل مفاجئ، مثل مرض قاتل أو حادث، لأنه يراودنا شعور بأنهما رحلا باكراً وأنه ما زال لدينا الكثير من الأمور كي نتشاركها معهما.
حين موت والدينا، الأمر أشبه بأننا فقدنا شيئاً من ذاتنا وعلينا أن نستمر دونه، حتى مع هذا الحزن والألم اللذين نحملهما في قلبنا.
التغلب على فقدان والدينا يعلمنا دروساً كبيرة وقد يساعدنا على أن نصبح أفضل، لكن حتى مع التغييرات والتحولات التي سنعيشها، لا نكف عن افتقادهما والرغبة بمشاركة كل هذه الأوقات واللحظات معهما.
لذلك، يجب أن نستفيد إلى أقصى حد من الأوقات التي نقضيها معهما. ابتعدوا عن الجدالات وتعاملوا معهما دائماً باحترام، اشكروهما على كل ما فعلاه لأجلكم واعتذروا منهما دون تكبر.
والدانا سيبقيان أغلى أصدقائنا والشخصان اللذان يمنحاننا الحب الأصدق والأعمق.
علينا أن نستفيد من وجودهما إلى أقصى حد ممكن، حتى تمتلئ دموعنا بالشوق لا بالندم في اليوم الذي يرحلان فيه.