الطفل الصعب المراس :
دماغا تمساحين يساويان زعيقاً كثيراً..
عندما نجري صورة سكانر لأدمغة الأولاد والشباب في الوقت الذي يكونون فيه في صراع، نجد عيِّنات متباينة جداً.. فجزءا الدماغ اللذان يكونان نشيطين في حالات النزاع هما جذع الدماغ (المختص فعلياً بالتنشيط) ولوزة الدماغ (وهي الجزء الذي يقرر المواجهة أو الهرب). وهذا كل شيء.
هذا يعني أنه في وسط نقاش أو بالأحرى مشادة ما، يكون هؤلاء الأولاد عقلانيين بمقدار عقلانية تمساح عادي.. فالتبرير والنقاش والشرح والتعليل معهم في وسط مشادّة ما، مضيعة للوقت.. ومهما شعرت بأن نصيحتك الثمينة أو حديثك هامّان، فأنت تهدر أنفاسك سُدى. فلن يسمعوا كلماتك الحكيمة، ولن يتعلموا منها طالما أن الجزء الدماغي، المسؤول عن ضبط الإصغاء والتعلُّم، غير فعّال.
وعندما تغضب أنت أيضاً تصبح عقلانيًّا بمقدار عقلانية تمساح عادي.. وإذا ما تكلم تمساحان مع بعضهما بعضاً، غالباً ما يكون كلامهما زعيقاً كثيراً.
في وضع كهذا، أي وسط مشادة ما مع ابنك، ابتعد، هدِّىء روعك وهدِّىء نفسك وبعد ذلك تدخّل..
لا تتصارع مع الطفل العنيد في الوحل!
يحب الأولاد الصعبو المراس الأحاسيس القوية.. إنهم يحبون الدراما والمسلسلات التلفزيونية المشوِّقة، وأفلام الرعب، والأفلام البوليسية.. وليس ذلك فحسب، بل هم أيضاً موهوبون جداً في خلق الدراما والرعب والحركة.. ولأنهم يعيشون الكثير من الدراما والإثارة في حياتهم، فقد أصبحت شيئاً عادياً بالنسبة لهم.. الدراما والإثارة هما الأساس بالنسبة لهم.
أنا أقول دائماً للأهل الذين يتجادلون مع الولد الصعب المراس، إن ما يفعلونه أشبه بالعراك معهم في الوحل، فسينتهي الأمر بكليكما أن تتوحلا، وهم وحدهم سيفرحون بذلك.. إذا أردت أن تسلِّيهم عبر إعطائهم متعة الجدال أو العراك، يمكنك أن تفعل ذلك، أما إذا كنت تريد فعلياً مساعدة طفلك وتعليمه سلوكيات أخرى غير العراك، فأنت بحاجة إلى إيجاد طريقة أخرى.
هذا لا يعني أن على الأهل الاستسلام لأولادهم الصعبي المراس، ولا يعني هذا أيضاً أنهم بحاجة إلى أن يلجأوا إلى المزيد من الحِيَل!
إن لم تكن تريد العراك، وهو ما يُمتع الولد الصعب المراس، عليك أن تُقلع عن عادة تتسلل إلى حياة معظم الأهل في بعض المراحل، وهي كثرة الوعظ.
خطورة فن طرح السؤال الاستفزازي
نعم، فن طرح السؤال الاستفزاي طريقة يستعملها معظم الأهالي، وهو ضمانة أكيدة مئة بالمئة للتسبُّب بالجدال.
بعض الأمثلة عن الأسئلة الاستفزازية:
- أليس لديك دروس وفروض؟
- هل نظّفت غرفتك؟ (عندما يكون واضحاً أنه لم ينظفها).
- كيف ستخرج وأنت تبدو بهذا الشكل؟
- كم مرة عليّ أن أقول لك؟
- بمَ كنت تفكر؟
- هلاّ شرحت لي لماذا تبدو تقاريرك المدرسية على هذا الشكل؟
إذا أردت أن تدفع الولد الصعب المراس إلى جدال دفاعي يستعد فيه لرد الاتهام، فاسأله سؤالاً استفزازياً.. سيسلِّيه ذلك، أما أنت فسيغيظك ويُغضبك. وسيثير ذاك السؤال الاستفزاي جدالاً ويُشعل ناراً وحرباً سيطول أمدهما ساعات..
حوِّل الأسئلة الاستفزازية إلى تعليمات واضحة محددة..
بعض الأمثلة على ذلك:
- حسناً.. حان وقت الدرس.
- نظِّف غرفتك قبل العشاء.
- أحب أن أذكرك باتفاقنا.
- دعنا نتحدث عن الطريقة التي يمكن فيها مساعدتك في المدرسة.
يقودنا هذا إلى القاعدة الذهبية ، وهي أن معظم أهالي الأولاد الصعبي المراس قد وجدوا العادات الروتينية أقوى من الكلمات.
ما تقوم به أهم مما تقوله
ليست الأهمية دائماً لما تقوله، بل لما تفعله وتقوم به.. في العقود الأخيرة شعر الأهل بأنهم بحاجة إلى شرح وتفسير كل شيء لأبنائهم.. مع أن بعض الشرح قد يكون مفيداً، إلا أن الأهل وقعوا في فخ الاعتقاد بأنهم إذا ما شرحوا الأمور كما يجب، فستمشي الأمور على أحسن ما يرام..
قد تنجح هذه الطريقة مع بعض الأولاد، أما مع الصعبي المراس فلن تجد الفرصة لتنجح، لأنهم إما مشغولون جداً بتكوين وجهة نظرهم المعارضة، وإما تجدهم لا يلازمون المكان ولا يكونون قريبين منك فترة طويلة كافية لسماع الكلمات التي تقولها.
مع هؤلاء الأولاد العمل أهم من الكلمات..
ثمة بحث هام جداً يدل على أن الطقوس البسيطة التي ندخلها إلى حياة العائلة هي قوة إيجابية جبّارة.. وهي تنمِّي الالتزام وحسن النية.. مع الأولاد الصعبي المراس، الطقوس والأعمال الروتينية أمور جيدة.. ولكن لا داعي أن تكلفك هذه الطقوس ثمناً كبيراً، بل الواقع أن أفضل هذه العادات هي تلك التي تكلفك القليل أو التي لا تكلفك شيئاً.
الطقوس هي الأشياء التي تقوم بها بانتظام وتأمل منها فيما بعد أن تسمع أولادك يقولون: «كانت أمي تحرص دائماً على أن نفعل كذا أو كذا!» أو «كان أبي دائماً يشركنا..». قد تختلف هذه العادات بين عائلة وأخرى.. قد تكون مثلاً تناول البيتزا الجمعة ليلاً أو المشي مساءً بعد العشاء نهار الأربعاء أو مشاهدة فيلم الأحد ليلاً.. الطقوس هي عمل تقوم به بانتظام مع العائلة، ولا يعتمد على الطريقة التي يتصرف بها الأولاد.