مشكلة التربية الإيجابية، هي أنه لا يوجد لها تعريف رسمي. وبالتالي يقوم كل شخص بدراستها وتطبيقها وفق طريقته الخاصة. الأشخاص الذين يعارضون هذا النوع من التربية يتهمونها بالتساهل. وبعض الذين يؤيدون ويسعون إلى تطبيق التربية الإيجابية، قد يطبقونها خطأً على أنها التربية المتساهلة التي سأشرحها لاحقاً.
ما هو السبب؟ لأن الكثير من الأشخاص يخلطون بين التربية المتساهلة (أو المتراخية) والتربية الإيجابية. وأنا من الأشخاص الذين وقعوا في الفخ في البداية.
ما هي التربية المتساهلة؟
التربية والتساهل.. هل يتوافقان معاً؟
التربية المتساهلة تقتضي جعل الطفل ينمو دون إطار أو حدود. الأم المتساهلة والمفرطة في التسامح لا تضع أي حد، حتى لو علمت أن طفلها يقوم بتصرف غير لائق. كما أنها تلبي كل متطلباته. لا تستخدم كلمة “لا” إطلاقاً مع طفلها خوفاً من أن يشعر بالإحباط وتفعل أي شيء لإنهاء النزاعات معه.
حين نعلم أن التربية هي استخدام وسائل لتعزيز نمو وتطور الكائن البشري، من حقنا أن نطرح السؤال التالي: هل من الممكن فعلاً الجمع بين مصطَلحي “تربية” و”تساهل”؟
من هم الأهل المتساهلون ؟
فيما يخص الأهل الذين يمارسون التربية المتساهلة أو المتراخية، فالعديد منهم:
- عانوا في صغرهم من الصرامة المفرطة حين كانوا أطفالاً. بالتالي يقوم هؤلاء الأهل برفض كامل للسلطة بكافة أنواعها، ولا يدعمون وضع القواعد والحدود.
- عاشوا دون إطار لحياتهم ودون حدود. ويطبقون نمط التربية الوحيد الذي يعرفونه.
- لم يختاروا أن يكونوا أهلاً ولا يتقبلون هذا الدور الجديد. فيدخلون في نوع من أنواع الإهمال.
- انتهى بهم المطاف إلى الاستسلام، إما لأنهم وحيدين، وإما لأنهم عجزوا أمام تصرفات أحد أطفالهم.
- يشعرون بالذنب تجاه واقع ما: انفصال الوالدين، قلة التواجد مع الأطفال، نقص الموارد المالية..
- يرغبون بممارسة أبوة أو أمومة ترتكز على احترام الطفل، لكن يخلطون بين التربية الإيجابية والتراخي أو التساهل في التربية.
يمكننا أن نلاحظ بوضوح: أنه لا يوجد صورة واحدة عن الأهل المتساهلين، وخلف التساهل الظاهري يتخفى العديد من الجراح، أو تقص في المعايير والضوابط، أو ربما حالة اكتئاب واستسلام لدى البعض.
لذا سألفت انتباهكِ إلى نقطة مهمة. إذا كنت تعرفين أحد الأشخاص المقربين المتساهلين مع أطفالهم، أو إذا لاحظتِ أنتِ نفسكِ أثناء قراءة هذا المقال أنكِ تعتمدين تربية متساهلة أكثر مما هي تربية إيجابية، قبل كل شيء لا تقومي بلوم نفسكِ. امنحيه أو امنحي نفسكِ الكثير من التعاطف والتسامح مع الذات. فهذا الإنسان على الأرجح يعاني ويحتاج إلى المزيد من المساعدة أو أقله المعلومات بدلاً من الاتهامات والنقد. هذا سيجعل العالم أفضل.
لقد تحدثنا مسبقاً أن التربية المتساهلة تصدر عن جهل و/أو جراح داخلية. المشكلة في هذه التربية، هي أننا كلما مارسناها أكثر كلما ازدادت جراحنا الداخلية قوةً وازددنا انزعاجاً.
اقرأ أيضاً: ما هي التربية المتساهلة ؟ وما هي عواقب تطبيقها على الأهل والأولاد ؟