لا تدعوا مخاوفكم تقودكم:
نخاف من كل شيء عندما يتعلق الأمر بأولادنا. نخاف أن يتأذوا، أن يعانوا، يمرضوا، يفشلوا أو أن يكونوا تعساء. ومن الطبيعي أن يشعر الأهل بهذه المخاوف. ولكن إذا سمحنا لأنفسنا بالسيطرة على حياة أبنائنا، سيبدأ الخوف بالتدخل بحبنا لأبنائنا فنصبح أشخاصاً نحمي أولادنا بإفراط. وعندما يسيطر الخوف، تفقد الحياة رونقها لأن العيش مع الخوف يضعفنا.
أكبر مخاوفكم..
من أكبر مخاوفكم الشائعة عندكم كأهل خوفكم من أن يترككم أولادكم عندما يكبرون. جميع الأهل الذين يستمتعون بوجود أبنائهم يتمنون أن يبقى أولادهم إلى جانبهم إلى الأبد. أن يدركوا أن أبناءهم يكبرون وأنهم بحاجة إلى أن يجربوا أجنحتهم هو أمر يُحزن الأهل الذين يعرفون أنه لن يطول الوقت قبل أن يرحلوا إلى الأبد. الواقع أن هذا الحزن جزء طبيعي من عملية الانفصال أي ظاهرة عارض «العش الفارغ». فعندئذ يتربع الشعور بالخوف وذاك الألم يرافق الخسارة.
قد يمنعنا هذا الخوف من أن ندرك أن أولادنا يكبرون وأنهم يحتاجون إلى علاقة مختلفة معنا. ولكننا نعتقد بشكل لاواع أننا إذا أنكرنا التغيير، وبقينا نعتبر أبناءنا شباباً صغاراً، فسيبقون سائرين على الدرب الذين نريده نحن. عندما ننادي جوزيف ابن الثلاثين بجوجو كما كنا نفعل عندما كان صغيراً فهذه إشارة واضحة إلى أن التأقلم معدوم وكذلك هو الحال عندما تقول امرأة بفخر: «سيبقى في نظري طفلاً مهما بلغ من العمر»
«جاكي لا يمكنك الخروج بدون كنزة في هذا البرد». ولكن جاكلين ابنة الثامنة عشرة ردت عليها: «أنا بخير يا أمي. لست بردانة»، «ستمرضين. أعرف ما أتكلم عنه. اذهبي وضعي عليك كنزة». «لا أريد. اتركيني وحدي»، هذا ما كان عليه رد البنت الساخطة وهي تهرع خارجة من المنزل.
إذا ما اعتقد الأهل أن الأبوة الصالحة تعني الاستمرار في الاهتمام بجميع حاجات أولادهم، لن يدركوا أنهم يكبرون وأن عليهم اتخاذ قراراتهم بأنفسهم. أما اتخاذ القرار نيابة عنهم فيحرمهم من فرصة تعلُّم تحمل مسؤولية حياتهم. جاكلين سئمة ومتعبة من أمها التي تظل تقول لها افعلي كذا ولاتفعلي كذا، ولأنها مراهقة تملك عقلاً راجحاً فهي تتمرد. ولهذا، حتى لو كانت بردانة سترفض ارتداء الكنزة فقط لأنها لا تريد أن تعطي أمها المتعة بالتحكم فيها.
وإذا كان من الجهة الأولى هناك خوف وقلق من الانفصال، ففي الجهة الأخرى سيكون هناك الفرح في مساهمتنا في إنضاجهم والمتعة في اعتبارهم راشدين مستقلين آمنين.. على حبنا لأولادنا أن يجعلنا نريد لهم أولاً وأخيراً الأفضل.
على الحب ورغبتنا في أن يصبحوا أناساً أحراراً، أن يكونا أهم بالنسبة لنا من الخوف والألم من فقدهم.
يقتضي الحب أمرين: الاحتضان والرعاية ثم إطلاق السراح وهي أمور متناقضة ولكنها أساسية لإظهار الحب الأبوي.
علينا كتربويين التعوّد على الأسئلة التالية:
- كيف نحمي بدون أن نُضعف؟
- كيف ندعم بدون أن نخنق؟
- كيف نساعد بدون أن نعيق؟
- كيف نكون موجودين بدون أن نفرض حضورنا؟
- كيف نصحح بدون أن نثبط العزيمة؟
- كيف نرشد بدون أن نتحكم؟
- كيف نحب ونحرّر؟
مع تحيات موقع التربية الذكية