ارتباط آمن:
اعتقد الخبراء حتى وقت ليس ببعيد أن لدماغ الإنسان وجود معزول في جمجمته. إلا أن التقنيات الجديدة سمحت للعلماء بأن يدرسوا الدماغ الحيّ وما اكتشفوه كان مثيراً وواقعياً. إن الدماغ عضو اجتماعي للغاية وهو مصمم للتواصل مع أدمغة أخرى ويغيّر في الواقع بنيته ووظيفته على مدى الحياة. وتعتبر العلاقات مع العائلة أو الأصدقاء أو الأشخاص المهمين في حياتك العنصر الأقوى في إجراء هذه التغييرات.
معلومة ضرورية
عندما يعيش الأولاد تجربة موثوق بها ومتكررة من الرعاية والاهتمام، يولد ما يُعرف بالارتباط الآمن. يمنح الأمان الأولاد الإحساس بالراحة الذي يحتاجونه ليكتشفوا عالمهم ويتطوروا وينموا بطريقة صحيّة وسليمة. إن فهم نفسك وإقامة ارتباط آمن مع ابنك حيوي لمنحه انطلاقة جيدة في الحياة.
الارتباط الآمن
يتمتع حوالى نصف البشر بارتباط آمن ما يعني أنهم اختبروا رعاية واهتماماً وتواصلاً حساساً مع أحد الوالدين أو مع شخص آخر يرعاهم وشعروا بأنهم يحظون بالدعم عند تعرّضهم لضغط نفسي عاطفي. لكن بعض الأشخاص لم يكونوا محظوظين فلم يتمكن أهاليهم من منحهم الارتباط الآمن وتأثرت قدرتهم على إقامة علاقات قوية وسليمة.
يشير دانيال سيغال وماري هارتزل إلى أنّ كيفية تفاعلك مع انفعالات ابنك مسألة حيوية. تخيّلي أن ابنك الصغير المتحمس يأتي إليك حاملاً خنفساء. قد تقولين: «واو، انظر إلى جناحيها الخضراوين! أشكرك لأنك أريتني إياها»، أو قد تقولين: «أخرج هذا الشيء من المنزل على الفور!». ستساعد ردود أفعالك مع الوقت في تحديد مدى شعور ابنك بأن ثمة رابط بينكما وبأنك تفهمينه.
قوة الارتباط
لعلك حظيت بارتباط آمن مع والديك وتجدين الآن سهولة في أن تكوني متفهمة وداعمة ومتفاعلة مع ابنك (معظم الوقت على الأقل). إلا أن الأبحاث تشير إلى أن عدم قدرة أو عدم استعداد الوالد أو الوالدة للتفاعل مع الطفل تدفعه إلى التكيّف عبر تجنّب التقرب من هذا الوالد أو الوالدة أو عبر الشعور بالقلق الشديد حيال هذه العلاقة.
وقائع
غالباً ما يفشل الأولاد الذين تعرضوا للاستغلال أو الإهمال في تطوير القدرة على التفكير السليم وعلى تنظيم الانفعالات أو على التواصل مع الآخرين بشكل جيد. يبدو أن الارتباط هو متنبئ قوي للعلاقات التي نقيمها في مرحلة لاحقة من حياتنا.
غالباً ما يكون الأهل الذين لم يتمتعوا بارتباط آمن بأهاليهم غير متوفرين عاطفياً وغير متجاوبين كما أنهم يتطفلون على أولادهم بشكل مبالغ فيه أو يصدونهم. وقد يفتقرون إلى التعاطف ويجدون صعوبة في التعامل مع انفعالات أولادهم أو في تقديم الحب والحنان والرعاية لهم. إلا أنّ الخبر السار هو أن الارتباط يمكن أن يتغيّر.
إليكم 4 طرق لبناء ارتباط آمن مع أبنائكم الصبيان:
- اعلموا أن كل طفل فريد فبعضهم هادئ ورقيق والبعض الآخر عنيف وخشن. تجنبوا الرغبة في مقارنة طفلكم بغيره من الأطفال واكتشفوا طرقه وأساليبه الخاصة.
- نتبهوا جيداً لتعابير وجه الطفل ولحركات جسده والأصوات التي يطلقها فهي تقدّم إشارات لفهم ما يحتاجه بما في ذلك النوم والأكل.
- كونوا حساسين على رد فعل الابن على اللمس والضغط الجسدي بحيث تفهمون كيف تحملونه بطريقة تؤمن الحميمية والثقة.
- العبوا مع الطفل وتحدثوا إليه واضحكوا معه غالباً. نعم، قد لا تتمكنون من إنهاء أعمالكم كلها لكنكم تبنون علاقة تمتد مدى الحياة مع ولدكم.
تذكروا أن فهم وتفسير حركات الطفل وإشاراته يصبحان أسهل مع الممارسة والتعوّد.
لا يتسنى للطفل أن يختار أهله ولعل تجاربكم القديمة لم تعلمكم ما تحتاجون لمعرفته كي تتواصلوا بسهولة مع الطفل. إن فهم قصتكم الخاصة ربما عبر استشارة معالج مختص يمكن أن تساعد كثيراً كما ستزودكم بالفهم والوعي اللازمين لتصبحوا الأهل الذين تأملون أن تكونوا.