جاءت والدمع في عينيها.. وهو أمر يتكرر مؤخراً .. ضممتها إلى صدري : ما بك يا صغيرتي..
لم تجبني بل ازداد دمعها انهماراً فغصصت أنا أيضاً ولكني تمالكت نفسي ورحت أخفف عنها.. لا بأس يا صغيرتي لكل شيء حل…أجابتني وسط دموعها ونشيج بكائها : كل شيء إلا حالتي.. لماذا أنا دون رفاقي جميعاً أتأتئ .. لماذا أنا وحدي من يتأتئ؟
ماذا حدث معك اليوم؟
ترددت في الإجابة ولكنها قررت أن تجيبني أخيراً: سألتني المعلمة سؤالاً وحين أجبت رحت أتأتئ فضحك رفاقي عليّ وضحكت المعلمة أيضاً.. لم أعد أريد الذهاب إلى المدرسة..
يا إلهي ما أقسى الإنسان حتى الأطفال الذين نقول إنهم أبرياء تجدهم مجبولين بالقسوة والمجتمع الذي نعيش فيه يتصيد أخطاءنا ونحن السليمين .. فكيف بحال أصحاب العاهات وكيف بحال من يعانون كطفلتي من التأتاة أو الأطفال الذين يمصون إصبعهم أو الأطفال الذين يعانون من أي مشكلة لها علاقة بالشكل كأذنين كبيرتين أو ما شابه.. شعرت بالثورة تغلي في داخلي وتمنيت لو أمسك بخناق تلك المعلمة وأولئك الأطفال الذي ضحكوا على طفلتي.. ولكن هل من نفع..
كان أمامي خيارين إما الانجرار وراء غضبي وإما الانجرار وراء عقلي.. فقررت أن أترك الخيار للعقل فالحل في معرفة الأسباب التي تجعل طفلتي تتأتئ والبحث عن حل.. هل المشكلة فيّ وفي أبيها أم المشكلة عضوية أم نفسية ؟.. ومن هنا بدأت رحلتي في البحث عن إيجاد حل لمشكلة يعاني منها آلاف الأطفال الذي يتعذبون في كل يوم ألف عذاب..
هل أسباب التأتأة محض نفسية؟ وأي دور يلعبه تعزيز ثقة الطفل الذي يعاني من هذه المشكلة أو أي مشكلة شبيهة في معالجة حالات كهذه؟
ما هي التأتأة أو التلعثم؟
التلعثم — يُسمى أيضًا بالتأتأة وهو يبدأ في مرحلة الطفولة . يعرف الأشخاص الذين يتلعثمون ما يريدون قوله، ولكنهم يجدون صعوبة في التحدث به. على سبيل المثال، قد يكررون أو يطيلون كلمة أو مقطعًا أو صوتًا ساكنًا أو صوتًا من أصوات حرف العلة. أو قد يتوقفون أثناء الكلام لأنهم وصلوا إلى كلمة أو صوت يتسبب في مشكلة لهم.
يُعد التلعثم شائعًا لدى الأطفال الصغار كمرحلة طبيعية من تعلمهم الكلام. قد يتلعثم الأطفال الصغار حينما يكون كلامهم وقدراتهم اللغوية غير متطورة كفاية لتتماشى مع ما يودون قوله. ولكن معظم الأطفال يكبرون ويتخلصون من هذا التلعثم الذي يحدث خلال النمو.
في بعض الأحيان، يكون التلعثم حالة مزمنة ويستمر حتى مرحلة البلوغ. يمكن لهذا النوع من التلعثم أن يؤثر على الثقة بالنفس والتعامل مع الأشخاص الآخرين.
متى على الأهل استشارة الطبيب؟
ينبغي الاتصال بالطبيب لطلب الإحالة إلى اختصاصي أو الاتصال مباشرةً باختصاصي بمشاكل اللغة والتخاطب لتحديد موعد الزيارة في حال وُجدت هذه العلامات:
- دام التلعثم أكثر من ستة أشهر
- ترافق مع مشكلات التخاطب أو اللغة الأخرى
- أصبح متكررًا أو يستمر كلما تقدم الطفل بالعمر
- يترافق مع شد العضلات أو ملاحظة المعاناة بشكل واضح أثناء التحدث
- يؤثر في القدرة على التواصل الفعال في المدرسة أو على التفاعلات الاجتماعية
- يُسبب القلق أو المشكلات العاطفية مثل الخوف أو يحاول الطفل تجنب المواقف التي تتطلب التحدث
- بدأ بمرحلة البلوغ
الأسباب
يستمر الباحثون في دراسة الأسباب الكامنة للتلعثم. هناك مجموعة من العوامل التي تلعب دورًا في هذا الشأن. من الأسباب الممكنة لحدوث الإصابة بالتلعثم أو التأتأة ما يلي:
- تشوهات في القدرة على التحكم بحركات الكلام. تشير بعض البراهين العلمية إلى أن التشوهات في القدرة على التحكم بحركات الكلام، قد يكون لها دور في هذا الشأن.
- العوامل الوراثية. يشيع التلعثم بين أفراد الأسرة الواحدة، إذ ينتج التلعثم عن تشوهات وراثية (جينية).
التلعثم الناتج من أسباب أخرى
قد تتسبب الجلطات أو الإصابات الدماغية أو اضطرابات الدماغ الأخرى ببطء الكلام أو توقفه وهو ما يسمى التلعثم العصبي.
كما قد تتعطل طلاقة الكلام بسبب الألم العاطفي. وقد يواجه الأشخاص، الذين لا يعانون من التلعثم، الاضطراب في التكلم بطلاقة عند شعورهم بالتوتر أو بالضغط النفسي. كما أن الشخص المصاب بالتأتأة تزداد تأتأته في مواقف نفسية كهذه.
صعوبات التخاطب التي تظهر بعد الصدمة العاطفية (التلعثم العصبي) غير شائعة ولا تشبه التلعثم الذي يأتي مع النمو.
العلاج
بعدما يقيّم الاختصاصي بأمراض التخاطب واللغة الحالة، سيستطيع اتخاذ القرار بشأن العلاج . هناك العديد من الأساليب المتاحة لعلاج الأطفال والبالغين الذين يعانون من التلعثم. نظرًا لاختلاف الاحتياجات الفردية والمشاكل، يمكن ألا تكون الطريقة أو مجموعة الطرق المفيدة لشخص ما فعالة مع غيره.
قد لا تقضي المعالجة على التلعثم بشكل كامل، ولكن يمكنها تعليم مهارات تساعد على:
- تحسين طلاقة الكلام
- تطوير التواصل الفعال
- المشاركة الكاملة في المدرسة والعمل والأنشطة الاجتماعية
- تتضمن بعض أمثلة طرق العلاج دون ترتيب محدد:
علاج التخاطب SPEECH therapy. يمكن لعلاج التخاطب أن يعلمك إبطاء سرعة الكلام كما يعلمك ملاحظة متى تتلعثم. يمكن أن تتحدث ببطء وتأنٍ في بداية علاج التخاطب، ولكن مع مرور الزمن ستتمكن من التحدث بشكل طبيعي أكثر.
الأجهزة الإلكترونية. هناك العديد من الأجهزة الإلكترونية المتاحة لتعزيز التكلم بطلاقة .
العلاج السلوكي المعرفي. يمكن لهذا النوع من العلاج النفسي المساعدة في تعلم تحديد طرق التفكير التي قد تزيد التلعثم سوءًا وتغييرها. كما يمكنه أيضًا علاج مشاكل الثقة بالنفس أو القلق أو التوتر المرتبطة بالتلعثم.
التفاعل ما بين الأهل والطفل. تلعب مشاركة الأهل في تقنيات الممارسة بالمنزل دوراً رئيسيًا لمساعدة الطفل في التعامل مع التلعثم، وتحديدًا في بعض الطرق. اتبع إرشادات أخصائي أمراض التخاطب واللغة لتحديد أفضل نهج لطفلك.
التأقلم والدعم
إذا كنت والد طفل يتأتئ في الكلام، فستساعدك كثيرًا هذه النصائح:
- أنصت لطفلك باهتمام. حافظ على تواصل العينين حالما تكلمه أو تكلمها.
- انتظر أن ينطق طفلك الكلمة التي يحاول قولها. لا تسارع بإتمام الجملة أو الفكرة.
- خصص وقتًا للكلام مع طفلك بعيدًا عن أي عوامل مشتتة. أوقات تناول الوجبات هي الوقت الأنسب للحوار.
- تحدث ببطء ولا تستعجل. إذا تحدثت بهذه الطريقة، فسيقلدك طفلك مما يقلل من تلعثمه.
- تبادلا الحوار معًا بالدور. شجع جميع أفراد أسرتك على الإنصات والتحدث بالدور.
- اجتهد في الحفاظ على هدوئك. ابذل جهدك لخلق مناخٍ هادئ مريح في المنزل كي يشعر طفلك براحة وحرية كبيرة للتحدث.
- لا تركز على تلعثم طفلك. حاول ألا تسلط الضوء على التلعثم أثناء التفاعل اليومي. ولا تعرض طفلك للمواقف التي تشعره بالإلحاح أو الضغط أو الحاجة إلى العجلة أو التي تتطلب تحدثه أمام الناس.
- بادر بالثناء عوضًا عن النقد. ويُفضل تقديم الثناء على طفلك عند تحدثه بوضوح بدلاً من تسليط الضوء على تأتأته. إذا صححت حديث طفلك، فصححه برفق وبإيجابية.
- تقبل طفلك كما هو. لا تصدر أي رد فعلٍ سلبي أو تنتقده أو تعاقبه بسبب التلعثم. فقد يشعره ذلك بعدم الأمان ويؤثر على ثقته بذاته. سيُحدث الدعم والتشجيع فارقًا كبيرًا.
التواصل مع الآخرين
قد يكون من المفيد للأطفال والأهل والبالغين الذين يعانون من التأتأة أن يتواصلوا مع آخرين يعانون أيضًا من التلعثم أو لديهم أطفال يعانون من التأتأة. توفر العديد من المنظمات مجموعات دعم. مع تقديم التشجيع، قد يقدم أعضاء مجموعات الدعم النصيحة وخطوات التكيف التي قد لا تكون على دراية بها