أهمية القرارات الأولى
ثمة مفتاح هام لفهم ابنك فيما هو يكبر ويتغيّر. تساءل الأهل لأجيال ما إذا كانت البيئة والتربية أو الجينات هي التي تحدد ما يصبح عليه الطفل. في الواقع، ستتشكّل شخصية ابنك الجديدة (والكثير من سلوكه) ليس بفضل ميزاته الوراثية أو بفضل تجاربه بل بفضل ما يقرره ويعتقده بشأن ما يختبره.
منذ لحظة ولادته، سيراقبك طفلك بحثاً عن معلومات عن الحياة. وفيما هو يراقب عائلته ومحيطه، ستتكوّن لديه معتقدات عن الحب والقبول وعن الرجال والنساء وعن الغضب وعن ما عليه أن يفعله ليشعر بالانتماء والأهمية. وستشكّل هذه المعتقدات (ومعظمها لا يدركها بشكل واعٍ) القواعد التي سيعيش حياته بموجبها. يمكن لكل ولد في العائلة نفسها أن يتخذ قرارات مختلفة على الرغم من الجينات والتجارب المشتركة.
لنأخذ على سبيل المثال مارك الذي يبلغ من العمر تسع سنوات وأخاه آدم الذي يبلغ من العمر ست سنوات. يحب الوالد ابنيه كثيراً لكنه عصبي الطباع وغالباً ما يصرخ بهما ويصفعهما عندما يغضب. خلال سنوات حياته الأولى، توصّل مارك إلى استنتاج وهو أن أفضل طريقة لتجنّب الخلاف مع الوالد هي بأن يقوم بكل شيء بشكل صحيح وأن يبتعد عن المشاكل… باختصار، أن يسعى إلى الكمال في ما يفعله قدر الإمكان.
لكن آدم توصل إلى استنتاج مختلف. قرر آدم أن يوضح تماماً أن والده ليس رئيسه وأنه لن يدعه يفوز. وفيما سعى مارك إلى إرضاء والده وتجنّب غضبه بدا وكأن آدم يسعى إلى إثارة هذا الغضب. هذان هما طفلين في العائلة نفسها وقد اتخذا قرارين مختلفين تماماً بشأن ما «ينجح»… ويظهر سلوكهما وشخصيتاهما ذلك.
احرصي خلال نشأة ابنك على أن تفكري في نظرته إلى العائلة. ما القرار الذي اتخذه بشأن ذاته وبشأنك وبشأن ما «ينجح» في هذا العالم؟ ما تكتشفينه سيساعدك على اتخاذ قرارات حكيمة في تربيته وعلى إبقاء الارتباط بينك وبين ابنك وثيقاً.
القرارات الأولى مفتاح هام..
رسالة الحب
ستتخذين العديد من القرارات خلال سنوات تربية ابنك، وسيكون بعضها سهلاً فيما البعض الآخر صعباً على كليكما. قد تظنين أن كل ما تفعلينه، تفعلينه لأنك تحبين ابنك. لكن هل يعرف هو ذلك؟
اجتمع مستشار في مدرسة ثانوية مع مجموعة من الطلاب في أحد الأيام وسألهم عما إذا كان أهاليهم يحبونهم. وقد فاجأته الأجوبة التي تلقاها، فأحدهم أجابه: «والداي يحبانني عندما أنال علامات عالية»، وأجاب آخر: «والداي يحبانني عندما أبقى بعيداً عن المشاكل»، «امسكا بي وأنا أشرب الكحول منذ أسابيع. يا إلهي، كم غضبا! امتنعا عن التحدّث إليّ لأيام». وفيما استمر الحوار، أدرك المستشار أن العديد من الطلاب يظنون أن أهاليهم يحبونهم فقط حين يكونون على قدر تطلعاتهم أو يتصرفون بشكل مناسب أو يحققون بعض الأهداف. إن الانتماء والأهمية غير مشروطين لكن هؤلاء الشباب لا يشعرون بأنهم محبوبون من دون قيد أو شرط.
مع مرور السنوات، ستعيشين بعض اللحظات الصعبة مع ابنك. فوضع الحدود والمتابعة واتخاذ القرارات بشأن القيم التي ينبغي أن يتعلمها هي تحديات صعبة يواجهها كافة الأهل، والصراع أو الخلاف مع ابنك أمر لا مفر منه. ستتعلمين كيف تكونين حازمة ولطيفة وأن تبقي مصرة عند الضرورة لأنك تعرفين أن هذا أفضل للطفل الذي تحبين. لكن ما الذي سيشعر به ويقرره ويفكر فيه بشأن نفسه وبشأنك وبشأن العالم الذي يعيش فيه؟ قد لا يكون ما تظنين.
احرصي على أن تسألي نفسك يومياً ما إذا كانت رسالة الحب، أيّ الانتماء والأهمية غير المشروطين، تصل إلى ابنك. قد لا تحبين دوماً سلوكه أو تصرفه، وقد تمران بلحظات مؤلمة لكليكما. يمكنك أنت وابنك أن تتخطيا هذه التحديات إذا ما كان ارتباطكما ببعضكما وثيقاً وإذا ما أبديت استعداداً للإصغاء. تتطلب التربية الحكيمة مهارات لكن لا بد من أن يمنحها الحب القوة والسلطة.
إن كانت مقالة : “مفتاح هام لتفهمي ابنك الصبي وهو يكبر” اعجبتكم لا تنسوا ان تشاركوها مع أحبائكم
مع تحيات موقع التربية الذكية