نمو الدماغ
حتى وقت ليس ببعيد، ساد الاعتقاد حتى بين الخبراء بأن دماغ الطفل عند ولادته يكون مكتملاً نسبياً ويمكن للأهل أن يركزوا على تعليمه المهارات وتزويده بالمعلومات. لكن، لعلك ستتفاجئين حين تعلمين أن دماغ طفلك سيستمر في النمو داخل جمجمته لبعض الوقت. في الواقع، لن تنضج تماماً قشرة الدماغ الواقعة خلف الجبهة مباشرة إلا ما بين سن العشرين والخامسة والعشرين.
كيف ينمو الدماغ
يبدأ دماغ الإنسان حياته كمجموعة صغيرة من الخلايا في الجنين. قرابة الشهر الرابع من الحمل، تبدأ هذه الخلايا بفرز نفسها للوظيفة التي ستقوم بها ذات يوم؛ ثم تبدأ بالانتقال إلى الجزء المخصص لها من الدماغ. لا تتمكن بعض الخلايا من إكمال رحلة الانتقال فيما تجتمع خلايا أخرى في شبكات اتصال تُعرف باسم المشابك الكيميائية.
يستمر دماغ ولدك في النمو بوتيرة مذهلة بعد ولادته. وعندما يبلغ سن السنتين، يكون عدد المشابك الكيميائية لديه معادلاً لعددها لديك. عند بلوغه سن الثالثة، يكون لديه أكثر من ألف تريليون من الخلايا العصبية أيّ ضعف ما لدى والديه. تشكّل العلاقات والتجارب ارتباطات الدماغ وبالتالي فإن ابنك سيعتمد عليك في ما يتعلق بالارتباط والاهتمام اللذين يساعدانه على أن ينمو. ستساعد الإثارة الحسية واللمسات المحبة والتجارب الجديدة في إثارة فضول ابنك وتطوره ونموه.
وقائع عن نمو الدماغ
أكد الباحثون وجود خلايا عصبية مرآة لدى الإنسان أيّ خلايا عصبية داخل دماغ الإنسان مصممة كي تسجّل وتقلّد الحركة الجسدية والانفعال. عندما تلعبين مع طفلك لعبة الغميضة أو تلوحين له مودعة، تسجّل خلاياه حركاتك وتعدّ دماغه لنسخها بادئة بذلك عملية التواصل والتعلّم والتعاطف التي تستمر مدى الحياة.
في الواقع، كتب الدكتور اليسون غوبنيك والدكتور أندرو ملتزوف والدكتور باتريك كوهل في كتابهم: The Scientist in the Crib: What Early Learning Tells Us About the Mind ، أن الأطفال لديهم حاجة غريزية للتعلم وهم قادرون منذ الولادة أن يميزوا الفرق في الوجوه والانفعالات. ويبدو أن الأطفال يشكلون نظريات ويختبرونها عبر تجربتها على الأشخاص والأشياء من حولهم، تماماً كما يفعل العلماء الراشدون. كان الباحثون يعتقدون أن دماغ الطفل سجل أبيض فارغ لكن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة!
يعتقد الباحثون أن التجارب الأولى، كالعناق من الجد أو الجدة المفضلة، أو النزول في حمام سباحة بارد أو اللعب بالطعام الذي يؤكل باليد، تحفّز نمو المشابك. إن الدماغ مرن إلى حدّ مذهل ويمكن أن يتأقلم جيداً مع التغيير أو الجروح التي تحصل في مرحلة مبكرة من الحياة. لكن يبدو أن ثمة مراحل خلال نشأة الولد عندما يكتسب مهارات مهمة كاللغة والكلام. إن نمو الدماغ وتطوره مرتبطان بمدى استخدامه في بعض المهام وما يُستخدم منه يعتمد عليك في جزء كبير منه.
شجّعي نمو الدماغ عند ابنك
عرف الأهل في مختلف الحضارات والأزمنة وبشكل فطري كيف يربون ويدعمون النمو الصحي لأطفالهم، وقد تبيّن أن معظم ما يقوم به الأهل بشكل طبيعي مع أولادهم مصمم خصيصاً لتنشيط نمو الدماغ الصحيح. تقدم مؤسسة راينر و«حركة الأهل من أجل الأولاد» الاقتراحات التالية كسبل للتواصل مع الطفل، سبل تدعم نمو الدماغ الصحيح والسليم:
تجاوبي مع تلميحات طفلك. يسمى الرد بشكل مناسب على الإشارات التي يرسلها الطفل بالتواصل التعاوني وهو حيوي لنموه. ليس من الحكمة أبداً أن نتجاهل طفلاً يبكي. تحققي منه أولاً ثم قرري ما عليك فعله.
المسي، تحدثي وغني.
إن حمل الطفل وتدليله والتحدث إليه والغناء له يوصل إليه حبك ويحضره لتعلّم الكلام والمهارات الاجتماعية.
وفري الفرص للعب. إن اللعب هو وظيفة ابنك وهو الطريقة التي ستساعده ليتعلم عن جسده وحركته والعالم من حوله. لا تحتاجين إلى ألعاب باهظة الثمن، يكفي أن تلعبي معه أو أن تدبا سوياً على الأرض.
شجّعي الفضول والاستكشاف الآمن.
سيحتاج ابنك إلى مساحة كي يتحرك ليتعلم عن جسده (وعن الجاذبية). جهزي منزلك ليناسب الطفل ثم دعيه يستكشف فيما أنت تراقبينه وتشجعينه.
امنحي طفلك وقتاً خاصاً.
بمكن للكثير من الإثارة والتحفيز أن يجعل أكثر الأطفال هدوءاً متوتراً. احرصي على أن يتسنى لطفلك أن يجلس ويراقب ويستكشف جسده الخاص ويهدأ. ستجدين مع الخبرة التوازن المناسب ما بين التفاعل والوقت المخصص لنفسه.
استخدمي النظام لتعليمه…
لا تهزيه ولا تضربيه أبداً. فالخوف والألم لا يعززان الحب والتعلّم الصحي والسليم لاسيما في سنوات العمر الأولى. ستتعلمين المزيد بشأن النظام في الصفحات اللاحقة؛ أما الآن فاحرصي على عدم استخدام العنف الجسدي لتأديب طفلك.
اعتني بنفسك. يمكن لطفلك أن يقرأ انفعالاتك وحالتك الذهنية أفضل مما تتصورين. سيؤثر الضغط النفسي أو الإرهاق أو الاكتئاب في علاقتكما. يمكن لاكتئاب الأم أن يؤثر في تطور ونمو دماغ الطفل لاسيما بعد الأشهر الستة الأولى. يجب أن يشكّل الاعتناء بذاتك أولوية في تربية ابنك.
اختاري مركز الحضانة بعناية.
يمكن للرعاية الجيدة أن تفيد الأولاد ومن الضروري والمهم جداً ان تختاري من يعتنون بطفلك بحكمة وذكاء. يجب أن يعمل الأهل ومن يقدمون الرعاية معاً لتعزيز نمو الأطفال الصحيح والسليم.
أحبي ابنك واستمتعي بوجوده. تذكري أن ابنك يحتاج لأن يعرف بأنه ينتمي إليك وله أهميته وقيمته. ومهما كنت منشغلة، لا تنسي أن تداعبيه وأن تضحكي وأن تعانقيه. الحب هو أهم وسيلة تواصل وارتباط بينكما.